هل تعود ألمانيا إلى الغاز الروسي بعدما ارتفع سعره 31% قياساً بعام 2021؟

07 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 20:48 (توقيت القدس)
منصة للغاز الطبيعي في روسيا، 13 مايو 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الأسر والشركات الألمانية ضغوطًا مالية كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الغاز بنسبة 31% منذ بدء الحرب ضد أوكرانيا، مما يؤثر بشكل خاص على الأسر التي تعتمد على الغاز للتدفئة.
- مستوى ملء مرافق تخزين الغاز في ألمانيا يبلغ 29.3%، وتسعى البلاد لزيادة احتياطاتها من مصادر جديدة مثل النرويج وهولندا وبلجيكا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
- هناك نقاشات سياسية حول استيراد الغاز الروسي الرخيص، لكن الخبراء يحذرون من المخاطر السياسية والاقتصادية ويدعون إلى تنويع مصادر الطاقة.

مع استمرار تدفق كميات قليلة من الغاز الروسي إلى ألمانيا، واتكال برلين على مصادر إمدادات للطاقة بتكلفة أكبر، يعد مقدار الغاز المتبقي حالياً قضية مهمة في ربيع 2025، والجميع منكب على الاهتمام بمدى توفر الكميات المطلوبة في هذه الفترة للمنازل التي تعتمد على الغاز للتدفئة مع ما يرتبط به الاستهلاك بدرجات الحرارة، في وقت يأمل بعض السياسيين العودة إلى الغاز الروسي. فماذا عن ارتفاع التكاليف على الأسر مع استخدام الغاز سلاحاً سياسياً؟

وتفيد أحدث البيانات أن أسعار الغاز تسجل ارتفاعات هائلة، ولا تزال الأسر والشركات تدفع مبالغ أكبر بكثير مقارنة بما كانت تدفعه قبل أربع سنوات، وأن عودة الأسعار إلى مستويات ما قبل الحرب ليست في الأفق. وفي تحليل أجرته بوابة المقارنة فريفوكس"، تبين أنه وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على بدء الحرب ضد أوكرانيا تدفع الأسر في المتوسط بزيادة ما معدله 31% من التكاليف، أي إن الأسرة المكونة من ثلاثة أفراد بات يتعين عليها أن تنفق حالياً ما مجموعه 5407 يوروهات سنوياً على الطاقة، بعد أن كانت قبل الحرب بحدود 4121 يورو، وجرى افتراض نظام تدفئة يعمل بالغاز أو النفط مع متطلبات حرارية سنوية عند 20 ألف كيلوواط ساعة واستهلاك كهرباء بحدود 4000 كيلوواط ساعة.

إلى ذلك، أوضحت شركة فريفوكس أنه، ومع ارتفاع زيادة تكاليف المشتريات والرسوم على شبكات الغاز وارتفاع سعر ثاني أكسيد الكربون على الوقود الأحفوري، ارتفعت قيمة المؤشر للعملاء الحاليين بنسبة 76% من يناير2021 وحتى الأسابيع القليلة الماضية من عام 2025. ويفيد التحليل بأن أسعار وقود التدفئة أصبحت أعلى بنحو 35%، وبات يتعين على سائقي السيارات دفع المزيد منذ عام 2021، وبعد أن أصبح كل من البنزين أغلى بنسبة 15% والديزل بنسبة 21% تقريباً، وفي المتوسط يدفع المستهلك زيادة 17% أكثر مقابل الوقود.

وفي ظل الوضع القائم، بينت ألغاور تسايتونغ، الأحد، أن مستوى الملء في مرافق تخزين الغاز يبلغ حالياً في ألمانيا 29.3%، ومفيدة عن مشغلي التخزين بأن حجم الغاز الطبيعي ينخفض عند تراجع درجة حرارته، وبالتالي إذا كان للغاز المخزن الوقت الكافي للتبريد بعد الضغط من أجل التخزين فمن الممكن زيادة احتياطات الغاز في مرافق التخزين من مصادر الإمدادات الجديدة من بلدان مثل النرويج (زادت بأكثر من 10 أضعاف) وهولندا وبلجيكا، ووفقاً لوكالة الشبكة الفيدرالية لا يزال حوالي 56% من المنازل في ألمانيا تعتمد على الغاز في تدفئتها، علماً أن ألمانيا تنتج حوالي 100 غيغاواط يومياً من الغاز.

وبيّنت تقارير اقتصادية بينها لـ"برسبكتيف أونلاين"، أمس الأحد، أن بعض سياسي الائتلاف المستقبلي والذي سيضم الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي، يأملون تجديد إمدادات الغاز الروسي واستيراد الطاقة الرخيصة مرة أخرى من روسيا، وأن هذه الأفكار تأتي في ضوء المؤشرات التي تفيد بأن الإدارة الأميركية في صدد التفاوض على إعادة تشغيل خط نورد ستريم 2 في بحر البلطيق، بمشاركة مستثمرين من الولايات المتحدة الأميركية. ومن بين المؤيدين عضو البوندستاغ عن المسيحي الديمقراطي توماس بارياس وأحد أعضاء مجموعة العمل المنشغلة بمناقشة أمور "النقل" في المفاوضات الائتلافية الحالية بين الأسود والأحمر، ومن منطلق أن ذلك سيعود بالنفع على أوروبا لأنها ستحصل على الغاز الروسي بأسعار معقولة. هذه التصريحات استدعت رداً من السياسي عن الخضر، أندرياس أودرتش، الذي طالب باستبعاد بارياس من المفاوضات بين طرفي الائتلاف الكبير المستقبلي.

وفي ضوء الحديث عن أن الأميركيين سيستخدمون نفوذهم على أوروبا إذا ما استثمروا بالاتفاق مع الروس في خط نورد ستريم 2 المثير للاهتمام، أفاد الباحث الاقتصادي يان مولر مع "العربي الجديد"، بأنه لا بد من الإشارة أولاً إلى أن الخطأ الوحيد الذي ارتكبته ألمانيا أنها جعلت نفسها عرضة للابتزاز، من خلال شراء أكثر من نصف الغاز الطبيعي الذي تحتاجه من مورد واحد لفترة طويلة، ألا وهو روسيا. ويضيف، أن الاتكال مجدداً على موسكو، رغم الحاجة إلى الغاز الروسي الرخيص، خطوة غير مسؤولة، ولا بد أن نكون قد تعلمنا من الأخطاء، وروسيا تستخدم الغاز سلاحاً سياسياً، لافتاً إلى أن الجهات المعنية بقضايا الطاقة في البلاد لا ترغب في النقاشات بهذه الخصوص، وأن خط أنابيب نورد ستريم 2 غير معتمد وغير مسموح به قانونياً، وهذا يعني أن مسألة استخدام خط الأنابيب ليست واردة حتى من وجهة نظر حكومية.

ومع تعدد الاعتبارات، شدد مولر على أن عودة الأسعار إلى ما كانت عليه الحال قبل الأزمة مع روسيا بعيدة المنال حالياً، ومبرزاً أنه ومع الزيادات المتجددة على أسعار الجملة وارتفاع التكاليف على الشبكة وثاني أكسيد الكربون من المرجح أن تدفع بالأسعار صعوداً. وذكر موقع "تي أونلاين" أن مستثمرين أميركيين يسعون للحصول على الدعم من محامين ألمان لديهم الخبرات في صفقات الطاقة بين روسيا وألمانيا وعلاقات جيدة مع السياسيين المعنيين، والأمر يتعلق على وجه التحديد بمكتب المحاماة الأميركي ويلمر كاتلر بيكرينغ هالي اند دور، الذي لديه فرع في ألمانيا وعبر المحامي مارتن سيفارث وشاركت شركته في بيع جميع مرافق تخزين الغاز التابعة لشركة "بي ايه أس أف" في ألمانيا إلى شركة غازبروم الروسية عام 2015.

المساهمون