هل تستخدم الجزائر ورقة الغاز ضد إسبانيا؟

هل تستخدم الجزائر ورقة الغاز ضد إسبانيا؟

10 يونيو 2022
تلويح جزائري بإمكانية رفع أسعار الغاز حسب العقود المبرمة مع مدريد (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -

رغم تسارع الأحداث وإعلان الجزائر مقاطعتها التجارية لإسبانيا، إلا أنها فضّلت إبقاء ورقة الغاز خارج الحسابات السياسية في هذه الفترة، بالرغم من عدم استبعاد استعمالها وفق مقتضيات الساعة.
ولم تمهل الجزائر إسبانيا كثيرا من الوقت، قبل تنفيذ تهديداتها بمراجعة علاقاتها السياسية والاقتصادية، خاصة مع مدريد، في خضم أزمة سياسية ودبلوماسية متفاقمة بين البلدين منذ مارس/ آذار الماضي، إثر قرار مدريد دعم خطة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط بشأن قضية الصحراء.
وفي السياق، كشف مصدر في وزارة الطاقة الجزائرية لـ"العربي الجديد"، أن "الجزائر تحترم التزاماتها الطاقوية مع إسبانيا ومع الشعب الإسباني خاصة، ولا تريد معاقبته بأخطاء وقعت فيها الحكومة الإسبانية "المتهورة"، إلا أن العقود طويلة الأمد الموقعة بين "سوناطراك" الجزائرية و"ناتورجي إنرجي" الإسبانية، المبرمة سنة 2018 والمعدلة سنة 2020، تسمح لطرفي العقد بطلب مراجعة الأسعار وفق تطورات الأسواق".
وتابع: "في حال ثبوت وجود ضرر كبير لأحد الأطراف مع احترام فترة التبليغ المُسبقة، وبالتالي يمكن للجزائر مراجعة الأسعار التفضيلية التي استفادت منها مدريد لعقود طويلة من الزمن كونها زبون مهم للغاز الجزائري".

وشهدت سنة 2020 حرب أسعار بين مدريد والجزائر، بعد تجميد "ناتورجي إنرجي" عقود إمدادات الغاز المبرمة مع "سوناطراك"، من شهر مارس/ آذار إلى أكتوبر/ تشرين الأول من السنة نفسها، بعد انهيار الأسعار في الأسواق العالمية، وانتهى الخلاف بعد مفاوضات طويلة بين الحكومتين رضخت فيه الجزائر للمطالب الإسبانية.
وتورد الجزائر إلى إسبانيا عبر خط بحري يربط بني صاف الجزائرية بألميريا الإسبانية، ما بين 8.5 و10 مليارات متر مكعب من الغاز، أي ما يعادل 34 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال. ويلزم العقد الموقع بين "سوناطراك" و"ناتورجي" المبرم في أغسطس/ آب 2018، شركة "ناتورجي إنرجي"، المعروفة سابقاً باسم "غاز ناتورال فينوسا"، بشراء الغاز الجزائري بـ4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU)، بكمية تبلغ 8 مليارات متر مكعب طوال مدة العقد.
ويشترط العقد على الإسبان أن يواصلوا شراء الغاز الطبيعي الجزائري، حتى لو استمرت الأسعار العالمية في الانخفاض، امتثالاً لبند "خذ أو ادفع" الذي تشترطه الجزائر لتأمين عقود الغاز طويلة الأجل.
وفي خطوة كانت منتظرة، بعد ما صاحبها وسبقها الكثير من التسريبات، أصدرت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية (تحالف البنوك في الجزائر) تعليماتها إلى كافة مديري البنوك والمؤسسات المالية، بوقف تنفيذ أي عمليات توطين بنكي (تغطية مالية) لإجراء عملية توريد منتجات وسلع من إسبانيا، بدءا من أمس الخميس.
كما وجهت الجمعية بمنع أي عملية توطين بنكي لتغطية مالية لعمليات تصدير بضائع وسلع جزائرية نحو إسبانيا، على الرغم من أنّ ذلك قد يكلّف شركات ومصانع جزائرية خسارة السوق الإسبانية.

ومن المنتظر أن يؤثر القرار على حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وإسبانيا، والذي قارب سبعة مليارات دولار سنويا، حيث تعد مدريد ثالث زبون للجزائر بنحو أربعة مليارات دولار، 3 مليارات منها في مجال الطاقة، و4 مليارات ممون لواردات سلعية للجزائر، إذ تمثل الواردات الإسبانية 6.3% من إجمالي الواردات الجزائرية المقدرة بـ25 مليار دولار، وتشمل مواد غذائية ومنتجات التجهيز الصناعي ومواد نصف مصنعة ومواد استهلاكية غير غذائية.
وحسب ما علمته "العربي الجديد" من عضو جمعية المصدرين والمستوردين الجزائريين إبراهيم بن غباش، فإن "قرار تجميد الاستيراد من إسبانيا كان منتظرا في الأيام الأخيرة، حيث أبلغت إدارة الجمارك الجزائرية المستوردين الناشطين في محور الجزائر-إسبانيا، شفويا، نهاية مايو/ أيار الماضي، بعدم دراسة طلبات وملفات الاستيراد إلى وقتٍ غير معلوم، ما أربك المستوردين، خاصة من اعتادوا التعامل مع المصانع الإسبانية بكميات كبيرة من السلع، إلا أن هذا الرفض المُبكر سمح لهم بإلغاء الطلبيات المبرمجة للأشهر القادمة".
وأضاف غباش متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر ما يستورده الجزائريون من إسبانيا هي مواد المواد البناء بنسبة تفوق 30 بالمائة، في مقدمتها السيراميك والبلاط والدهن والرخام، تليها المنتجات الزراعية، على غرار الفواكه وبالأخص الحمضيات والثوم، ثم المنتجات الزراعية التحويلية، أي الموجهة لمصانع المواد الغذائية، دون أن ننسى أن المنتجات الإسبانية في مجال الري ومياه الشرب تحتكر الأسواق الجزائرية عبر علامات معروفة عالميا في مجال مضخات المياه الموجهة للاستعمال المنزلي والصناعي".

حسب عضو جمعية المصدرين والمستوردين الجزائريين إبراهيم بن غباش، فإن "قرار تجميد الاستيراد من إسبانيا كان منتظرا في الأيام الأخيرة"


وتابع: "في العموم نحن نتحدث عن واردات سنوية من السلع الإسبانية المتدفقة نحو الجزائر بقيمة تراوح ما بين 3 و4 مليارات دولار".

أما عن صادرات الجزائر نحو إسبانيا، خارج النفط، فأكد عضو جمعية المصدرين والمستوردين الجزائريين، أنها "لا تتجاوز المشتقات النفطية من زيوت وزفت بالإضافة إلى ما يُعرف بالنفايات المعدنية، وحوالي بما قيمته 20 مليون دولار أو أقل من المنتجات الإلكترونية بعد نجاح بعض الشركات الجزائرية في ولوج السوق الإسبانية في مجال الأجهزة المنزلية الكهربائية، وهي الشركات التي ستكون الأكثر تضررا، حيث كلفها امتحان دخول الأسواق الأوروبية عبر مدريد أموالا طائلة وجهدا كبيرا لترقية منتجاتها حتى تتوافق والمعايير الأوروبية".

المساهمون