"أصبح رجلاً بلا وطن"... هل بدأت إمبراطورية إيلون ماسك تتفكك بعد خلافه العلني مع ترامب؟
استمع إلى الملخص
- تتعرض شركات ماسك لضغوط تنظيمية متزايدة من الإدارة الأميركية، مما أدى إلى تراجع قيمة تسلا السوقية بشكل كبير، بينما يحاول ماسك التركيز على إنعاش مبيعات تسلا ومشاريعها المستقبلية.
- تواجه شركة xAI تحديات في جمع التمويل، وتلوح أزمة قانونية في الأفق إذا أعادت الإدارة الأميركية النظر في عقودها مع ماسك، مما قد يؤثر على مستقبل إمبراطوريته.
يواجه الملياردير إيلون ماسك واحدة من أعقد التحديات في مسيرته، بعد تحوّل تحالفه مع اليمين الشعبوي إلى خصومة علنية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يهدد بتفكيك إمبراطوريته التي تشمل تسلا وسبايس إكس وشركة X. وخلال الأشهر الماضية، أثار ماسك موجة من الجدل بعدما أيد علناً حركة "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" (MAGA) التي يقودها ترامب، ودعم أحزاباً يمينية متطرفة في أوروبا، ما أفقده شريحة واسعة من قاعدة عملائه التقليدية، وأدى إلى تراجع حاد في سمعة تسلا ومبيعاتها وحصتها السوقية حول العالم.
لكن الأمور تصاعدت هذا الأسبوع بعد خلاف شخصي وعلني مع ترامب، دفع الأخير إلى التلويح باتخاذ إجراءات انتقامية قد تمس بعصب أعمال إيلون ماسك الذي يواجه الآن مزيجاً نادراً من التهديدات: انحسار ولاء العملاء، اضطرابات مالية، ومخاطر قانونية وتنظيمية متزايدة. وتعاني تسلا من تباطؤ المبيعات وسط تصاعد الاستقطاب السياسي. أما شركة سبايس إكس، التي لطالما اعتُبرت أصلاً استراتيجياً للولايات المتحدة، فتواجه الآن تدقيقاً أكبر مع تغير الرياح السياسية في واشنطن.
وفي الوقت ذاته، تواجه منصة X (تويتر سابقاً)، التي أنفق إيلون ماسك 44 مليار دولار للاستحواذ عليها تحت شعار "حرية التعبير"، ضغوطاً متزايدة بعد تراجع علاقته مع البيت الأبيض وفقدان بعض المعلنين. وفي هذا الصدد، قال روز غيربر، الرئيس التنفيذي لشركة "غيربر كاواساكي"، إحدى الجهات المستثمرة في تسلا، في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ، إن "ماسك يتصرف بطريقة تضر بمساهمي شركته، ونشهد الآن تفكك إمبراطوريته في الوقت الحقيقي".
خصومة مزدوجة تواجه إيلون ماسك
وقد أصبح إيلون ماسك الذي كان يوماً ما يتمتع بتأييد من كلا طرفي الطيف السياسي، شخصية مثيرة للجدل لا تحظى برضى أي من الجانبين. وقال ستيف بانون، مستشار ترامب السابق: "لا أحد من اليمين سيشتري تسلا، ولا أحد من اليسار سيشتريها. إيلون ماسك أصبح رجلاً بلا وطن". وأكد بانون أنه يناقش مع كبار مسؤولي حملة ترامب استخدام قانون الإنتاج الدفاعي لمصادرة شركتي سبايس إكس وستارلينك، بحجة أهميتهما للأمن القومي الأميركي، وسحب التصاريح الأمنية من ماسك.
وحتى في حال عدم تنفيذ ترامب لهذه التهديدات، تملك الإدارة الأميركية أدوات تنظيمية قوية قد تُستخدم ضد ماسك، منها لجنة الأوراق المالية، وإدارة سلامة الطرق، وهيئة الطيران الفيدرالية، مما قد يؤدي إلى عرقلة تشغيل شركاته أو حتى فرض تحقيقات متواصلة ترهقها إدارياً. وفي يوم واحد فقط، خسر ماسك نحو 34 مليار دولار من ثروته الشخصية بسبب الأزمة، وهي ثاني أكبر خسارة مسجلة في مؤشر "بلومبيرغ للمليارديرات"، فيما فقدت تسلا 153 مليار دولار من قيمتها السوقية أمس الخميس، قبل أن تعود للانتعاش اليوم الجمعة بعد محاولة ماسك تهدئة الوضع.
ولطالما كان ماسك بارعاً في اجتياز الأزمات، إذ سبق أن اقترب من الإفلاس في بدايات تسلا، قبل أن تصبح رائدة سوق السيارات الكهربائية عالمياً. كما تعرض للانتقاد بعد استحواذه على منصة X، قبل أن تشهد الأخيرة انتعاشة مفاجئة عقب انتخاب ترامب. لكن هذه المرة، قد يكون الوضع أكثر تعقيداً. هنا، تقول نانسي تينغلر، المديرة التنفيذية لشركة Laffer Tengler Investments، إن ماسك "بحاجة إلى خفض الخطاب والدراما والعودة للتركيز على العمل".
وتشير التوقعات إلى ضرورة إنعاش مبيعات تسلا عالمياً، إضافة إلى نجاح مشروع "الروبوتاكسي" الجديد في أوستن، الذي يمثل رهاناً ضخماً على الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة. إلا أن مستقبل هذا المشروع بات غامضاً وسط الخلاف مع ترامب، الذي كان قد دعم سابقاً المساعي التنظيمية لتسهيل عمل هذه التكنولوجيا.
عقبات مالية وقانونية تعترض إيلون ماسك
هذا وتستعد شركة xAI، المختصة بالذكاء الاصطناعي والتابعة لماسك، لطرح ديون بقيمة خمسة مليارات دولار، تزامناً مع جولات تمويلية أخرى لشركتي سبايس إكس ونيورالينك. ويخشى مراقبون من أن تؤثر الأزمة الحالية على هذه المساعي التمويلية. ومن الناحية القانونية، قد تلوح أزمة حقيقية إذا أقدمت الإدارة الأميركية على إعادة النظر في عقودها مع ماسك. فشركة سبايس إكس، التي تُقدّر قيمتها بـ350 مليار دولار، تلقت منذ عام 2000 أكثر من 22 مليار دولار من العقود الحكومية لإطلاق أقمار صناعية ومهام فضائية حيوية.
وكانت تصريحات ماسك حول احتمال إيقاف عمل مركبة "دراغون" المسؤولة عن نقل الرواد إلى محطة الفضاء الدولية قد أثارت صدمة واسعة في القطاع الفضائي، قبل أن يتراجع عنها. ورأت لوري غارفر، نائبة مدير ناسا السابقة، أن "تهديد ماسك بوقف خدمات تعاقدت عليها الحكومة أمر لا يمكن القبول به". وفي الوقت الحالي، لم يُقدِم ترامب على تنفيذ تهديداته بقطع العقود الحكومية عن ماسك، لكنه يفكر، وفق تقارير، في التخلص من سيارته من نوع تسلا. وفيما تسعى إدارة ترامب للتركيز على قضايا الاقتصاد والتضخم، لا تزال تداعيات الخلاف مع ماسك تتسرب إلى مختلف جوانب إمبراطوريته المتشابكة، التي تقف اليوم أمام اختبار غير مسبوق قد يرسم مستقبلها لعقود قادمة.