استمع إلى الملخص
- يشير القادة إلى ضغوط على النموذج الاقتصادي التقليدي، مع تراجع مبيعات السيارات الكهربائية وتخطيط الشركات الكبرى لتقليص الوظائف، مما يثير مخاوف من زيادة البطالة.
- هناك دعوات لتعزيز البحث والتطوير وربط الأبحاث بالتطبيقات العملية، مع التركيز على تطوير سيارات كهربائية فعالة وبأسعار معقولة لمواجهة المنافسة الشديدة.
على مدى 8 عقود كانت صناعة السيارات ضمانة للرخاء في ألمانيا، حتى أن سيارة "فولكسفاغن بيتل" شكلت في الخمسينيات رمزاً للمعجزة الاقتصادية وخلقت عبارة "صنع في ألمانيا" بفضل المهارات الهندسية والابتكار والجودة والتكامل الوثيق بين سلاسل التوريد المحلية والعالمية، مع الإدارة الناجحة للعلامات التجارية الألمانية، والتي أعطت المصنعين ميزة حقيقية من خلال التكنولوجيا.
لكن التطوير الذي تكرس في الماضي يبدو حالياً بالغ التعقيد مع صعوبة مقاومته للأزمات والقدرة على المنافسة. فهل من سبيل لتبديد هذه الشكوك مع استفادة الصين من التغييرات الجذرية التي أحدثها التنقل الكهربائي وانقلاب السوق العالمية رأساً على عقب؟
وفي ظل الوضع الاقتصادي غير الوردي والقلق المشروع الذي تعيشه ألمانيا، اعتبر فريدريش ميرز زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان "البوندستاغ"، والمرجح توليه منصب المستشار بعد الانتخابات العامة المبكرة المقررة يوم 23 فبراير/ شباط 2025، في حوار مع مجموعة "دويتشلاند فونك" أن نموذج الأعمال الألماني وصل إلى نهايته، معتبراً أنّ الاقتصاد يسير على طريق زلق. وأكد أنه لا يريد إلغاء كابح الديون، بل تصحيح جانب الإنفاق، وخاصة ما يتعلق بأموال المواطنين. وتوضح البيانات أن حوالي 30% من الإنتاج الصناعي، بما فيها قطاع صناعة السيارات الكهربائية، يتعرض للضغوط، في حين تتأثر القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة من تراجع التصنيع.
وفي هذا الإطار، اعتبر مدير مؤسسة روكفول في برلين كريستيان دوستمان، في تعليق لصحيفة دي فيلت، أنّ الشكوك حول مستقبل ألمانيا الصناعي تتزايد، مع معاناة شركات رئيسية من تراجع مبيعاتها للسيارات الكهربائية منذ بداية العام، بما فيها مرسيدس بنز، فيما تخطط فولكسفاغن لإلغاء الآلاف من الوظائف وإغلاق العديد من مصانعها، كما تقلص شركة تيسنكروب لصناعة الصلب الوظائف بسبب ضعف الطلب وتراجع أرقام الصادرات. ويؤشر كل هذا على أنّ الاقتصاد الألماني وازدهار البلاد يتجهان إلى الهاوية، وسط التوجس من أن تصبح البلاد مهددة بمرحلة جديدة من البطالة، كما حدث مطلع الألفية، حين اعتبرت ألمانيا "رجل أوروبا المريض".
وتستثمر ألمانيا بالفعل أكثر من 3% من ناتجها الاقتصادي في البحث والتطوير بقطاعات التكنولوجيا المختلفة، وهناك دعوات لاعتماد صلة أوثق بين البحوث الأساسية الجامعية والممارسة العملية، من خلال مراكز الأبحاث العامة والخاصة، وهو النظام المعتمد في الولايات المتحدة، والذي يمكن أن يعزز القوة الابتكارية.
وعن التأثيرات المستقبلية لذلك على ألمانيا، قال الباحث الاقتصادي نيكلاس فسترمان، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم السبت: "يتعين أن نرى كيف ستتطور صناعة السيارات الصينية، ونظراً للسياسة الصناعية العدوانية والإعانات المرتفعة، يوجد حالياً عدد من المنتجين أكبر مما يمكن تحمله في ظل ظروف السوق العادية، وهذا يؤدي إلى منافسة قوية في الأسعار، مما يعني أنّ البطاريات في الصين ستكون أرخص بنحو 20% منها في أوروبا".
ومع ذلك، وحتى مع الدعم، تابع فسترمان: "يكاد يكون من المستحيل بالنسبة للعديد من المنتجين أن يحققوا أرباحاً بهذه الأسعار. وفي الوقت نفسه، فإن ضغط الأسعار سيحفز المنتجين الصينيين على تصدير المزيد من البطاريات الى الخارج، ومن الممكن أن يؤدي كلا التطورين إلى معادلة أسعار البطاريات، وبالتالي تقليل مزايا التكلفة للمصنعين الصينيين".
وخلص إلى أن التطور الديناميكي لتكنولوجيا البطاريات يوضح أيضاً أنّ الأشكال الجديدة من السياسة الصناعية ضرورية من أجل لعب دور رائد في التكنولوجيا الرئيسية للمستقبل، مبيناً أنّ الشركات الصينية تطرح نماذج هجينة للمبتدئين، بمدى يتراوح بين 200 و300 كيلومتر، وهذا التطور يظهر بوضوح أنّ الطلب على السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة والفعالة ينمو بسرعة، وسيحدد مستقبل سوق السيارات الصينية.
وفي ظل المطالبات بتعديل السياسة الاقتصادية لمواكبة التغيرات الفنية، توجد قناعة لدى المطلعين بأن حكومة "إشارات المرور" كانت وببساطة سيئة للاقتصاد وفشلت في كل محاولة لتحسين وضع الصناعة، ولم تتمكن من فعل أي شيء مع توقف إمدادات الغاز الرخيص القادم من روسيا منذ حرب أوكرانيا.
ولم تعتمد الحكومة خططاً للتعامل مع الصين، كما أنها لم ترسم أي توجهات لمجابهة خطط الرئيس الأميركي المنتحب دونالد ترامب بالرغم من وجود توقعات سابقة بعودته إلى البيت الأبيض، وبالتالي إعادة توسيع النفوذ الأميركي في أوروبا. ويسعى ترامب لفرض رسوم جمركية إضافية، مما يتوقع أن يجلب موجة من المشاكل للصناعات والتصدير في ألمانيا.