هكذا يقطف الاقتصاد السوري ثمار رفع العقوبات الأوروبية... وخبراء يحذرون من الإغراق

دمشق
جلنار العلي صحافية سورية متعاونة من دمشق (العربي الجديد)
جلنار العلي
جلنار العلي صحافية سورية تعمل متعاونة مع "العربي الجديد" من دمشق
20 مايو 2025
سوريون يأملون ببدء تعافي الاقتصاد المنهك بعد رفع العقوبات الغربية
+ الخط -
اظهر الملخص
- قررت دول الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا لدعم تعافيها بعد النزاع، مع الإبقاء على العقوبات على 324 شخصًا و84 كيانًا مرتبطين بالنظام السابق، مما يشمل رفع حظر استيراد النفط والتعامل مع المصارف السورية.
- يشمل القرار رفع الحظر عن استخدام الطائرات السورية للأراضي الأوروبية واستئناف عمليات الاستيراد والتصدير، مع استمرار حظر تصدير السلاح والمواد مزدوجة الاستخدام.
- يُتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية في سوريا، مع تحذيرات من فتح الأسواق بشكل كبير أمام البضائع الأوروبية.

سمحت دول الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، برفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية في محاولة لدعم تعافي دمشق، بعد النزاع الذي امتد لأربعة عشر عاماً، وسقوط نظام الأسد، وقد استهدفت العقوبات المفروضة على سورية بدءاً من عام 2011، رأس النظام السابق بشكل رئيسي، ومن المقرر أن يكشف وزراء الخارجية الأوروبيون عن قرار رفع العقوبات رسمياً خلال اجتماعهم في بروكسل اليوم. فقد قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس في وقت سابق من اليوم، إن الاتحاد ليس لديه خيار سوى رفع العقوبات عن سورية، وإن هذا الأمر ضروري وإلا فإن الوضع سيتطور إلى ما حدث في أفغانستان، مثمنة القرار الأميركي برفع العقوبات الذي صدر الأسبوع الفائت، واصفة إياه بأنه خطوة إيجابية.

وقال الباحث الحقوقي المعتصم الكيلاني في تصريح لـ"العربي الجديد" إن العقوبات المفروضة على سورية من جانب الاتحاد الأوروبي تقسّم إلى عدّة أقسام، منها، عقوبات تطاول أشخاصاً بعينهم، حيث يوجد 324 شخصاً من أزلام رئيس النظام السابق بشار الأسد، وستبقى هذه العقوبات مفروضة على هؤلاء الأشخاص، أما القسم الآخر فهو مرتبط بـ84 كياناً من شركات ومؤسسات وجهات كانت تدعم الأسد وانتهاكات حقوق الإنسان، وتساهم في دعم المليشيات المسلحة، وقد بقيت هذه العقوبات أيضاً، أما القسم الثالث وهو الأهم في موافقة الاتحاد الأوروبي، ويرتبط بالعقوبات الاقتصادية المباشرة وبالتالي صار اليوم رفع حظر لاستيراد النفط السوري، كما أصبح بالإمكان التعامل مع المصرف التجاري السوري والمصرف المركزي، كما سيرفع الحظر عن تصدير الأدوات التكنولوجية إلى سورية، إضافة إلى رفع حظر الاستثمارات والسماح للشركات الأوروبية بالاستثمار وخاصة بالغاز والطاقة والبنى التحتية، وهذا ما سيسهم في بدء إعادة الإعمار بسورية.

وأيضاً، سيشمل القرار رفع الحظر عن استخدام الطائرات السورية للأراضي الأوروبية وبالتالي سيعود الطيران بشكل مباشر إلى تلك الدول والعكس كذلك أيضاً، حيث سيفك الحظر فوق الأراضي السورية وستكون محطة ويمكن المرور فيها، وذلك بحسب الكيلاني، كما سيسمح باستخدام الأراضي الأوروبية والشحن البري والبحري وكل عمليات الاستيراد والتصدير من سلع ومنتجات سورية وأوروبية، ولكن سيبقى هناك حظر واضح على تصدير السلاح إلى سورية، وعلى المواد مزدوجة الاستخدام التي يمكن أن تستخدم لأمور سلمية وعسكرية في آن واحد.

وأكد الكيلاني أهمية أن سورية أصبحت اليوم بلا عقوبات أوروبية، وهذا ما سيكشف للدول الأخرى عن المنافع السياسية للاعتراف بالدولة السورية وتبادل التمثيل الدبلوماسي وخاصة بوجود الكثير من الدول التي تتحفظ على الاعتراف والتمثيل عندما تكون هناك عقوبات مفروضة من الاتحاد الأوروبي أو الدول الحليفة، أي أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي على مكانة سورية السياسية، كما سيكون لرفع العقوبات انعكاسات على الأوضاع الأمنية والداخلية، وهذا ما سيشكل تأثيرا إيجابيا على الحياة العامة وبدء إعادة الإعمار في سورية، ما سيساعد الدولة على تحقيق التوازن الأمني والعسكري وحصر السلاح بيدها.

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هذه الخطوة هامة جداً ضمن حلقة رفع العقوبات الأميركية وتوجيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدول الأوروبية لرفع العقوبات عن سورية وتخفيض القيود التجارية والقانونية المفروضة على سورية ونظام الأسد، وهذا يعني مساعدة الحكومة السورية للنهوض بالاقتصاد الوطني بعد الحرب، لافتاً إلى أن هذا الإجراء كان مشروطاً بأنه ستتم إعادة فرض العقوبات مرة أخرى في حال لم تلتزم الحكومة السورية بحماية كل مكونات الشعب السوري وقيادة البلاد إلى الديمقراطية.

وأوضح أن العقوبات الأوروبية فُرضت بإجراءات فقط وليس بإجراءات وقوانين كما هو الوضع بالنسبة للعقوبات الأميركية، لذلك قرار الاتحاد يعني رفع جميع العقوبات إلا ما يتعلق برموز نظام الأسد ومنتهكي حقوق الإنسان. ويرى أن الانعكاسات الإيجابية لهذا القرار ترتبط باستعادة مكانة سورية في المنظومة الدولية المالية والاقتصادية والسياسية أيضاً، معتبراً أن رفع العقوبات ليس الغاية وإنما وسيلة للوصول إلى بناء الاقتصاد السوري.

وحول التأثيرات على القطاع المالي تحديداً، أشار الجاموس إلى أن العقوبات كانت تفرض قيوداً على المصرف المركزي وتجميد أصوله، وبالتالي فإن رفع العقوبات يعني كمية من الأموال لمصلحته، كما أن أغلب المسؤولين لدى نظام الأسد كانت لديهم حسابات بنكية في سويسرا التي تعد ضمن الاتحاد الأوروبي، متمنياً فك تجميد أموال هؤلاء الأشخاص والتي تقدر بحوالي 500 مليون دولار، وإعادتها إلى البنك المركزي، ما سيرفع الاحتياطي الأجنبي وزيادة تدخل المصرف بالأسواق، إضافة إلى إعادة سورية إلى منظومة التحويلات المالية العالمية (سويفت)، التي تضم 11 ألف بنك بأكثر من 200 دولة، وهي منظومة بلجيكية في بروكسل التي تتبع للاتحاد الأوروبي.

وإن ذلك سيؤثر على إعادة التعاملات المالية بين سورية والبنوك الأوروبية وتشجيع التجارة والاستيراد والتصدير والتعاملات والتحويلات المالية الآمنة عن طريق منظومة سويفت، سواء كانت تلك التحويلات من المستثمرين الأوروبيين الذين تتجه أنظارهم إلى سورية أكثر من أي دولة أخرى نظراً لوجود واجهة على الدول الأوروبية وهي تركيا التي تعد متوافقة مع الحكومة الحالية، أو من المستثمرين الآخرين، متمنياً أن تفتتح البنوك الأوروبية فروعاً لها في سورية لدعم القطاع المصرفي المتهالك.

وفي السياق يتابع الجاموس: "تعاني أوروبا من أزمة طاقة كبيرة نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية، ولها مصلحة في سورية لإتمام مشروع الغاز القطري إلى تركيا وأوروبا عبر سورية، لتعويض هذا النقص الكبير في مستويات الطاقة والغاز، لذلك فإن المصلحة متبادلة في حال تم تحقيق تنمية اقتصادية واستقرار أمني وقانوني وغير ذلك في سورية". وحذّر من فتح الأسواق السورية بشكل كبير أمام البضائع الأوروبية لأن ذلك سيغرق الأسواق بمنتجات تنافسية ما سيضعف حالة المنتج السوري، وسيؤثر سلباً على القطاع الصناعي السوري، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري بين سورية والاتحاد الأوروبي تجاوز ثلاثة مليارات دولار في عام 2010، علماً أن سورية لم تكن ضمن الحلف الغربي حينها.

ذات صلة

الصورة
ترامب أثناء مغادرته البيت الأبيض إلى نادي الغولف في واشنطن 22/5/2025 (إيفلين هوكشتاين/رويترز)

اقتصاد

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسم جمركي بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتباراً من الأول من يونيو.
الصورة
كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، 20 مايو 2025 (جون ثيس/فرانس برس)

سياسة

يتجه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة فرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتماعهم في بروكسل وإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
الصورة
معبر رفح في 15 فبراير 2025 (علي مصطفى/Getty)

سياسة

نظّم وفد إيطالي رفيع المستوى، اليوم الأحد، وقفة تضامنية أمام معبر رفح البري، دعمًا لأهالي قطاع غزة، ومطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع.
المساهمون