استمع إلى الملخص
- تعزيز الثقة المصرفية: يهدف القرار إلى ضبط الكتلة النقدية في السوق السوداء، تعزيز الثقة في المؤسسات المصرفية، وتشجيع استخدام البطاقات المصرفية الدولية لتسهيل تتبع العمليات المالية وتقليل المخاطر.
- حقوق الجالية وصلاحيات بنك الجزائر: القرار لا يقيّد الجالية الجزائرية في الخارج، ويؤكد على صلاحيات بنك الجزائر في تنظيم سوق الصرف وحماية الاقتصاد الوطني.
في رد كتابي على سؤال أحد النواب بشأن قرار اتُخذ أخيراً بخصوص تسقيف تصدير العملة، حاولت وزارة المالية في الجزائر تبرير هذه الخطوة، من خلال إحالة النائب طارح السؤال ومن ورائه المواطنين إلى جملة من الأسباب والدوافع أدت إلى اتخاذه. وفي الردّ الذي اطلع "العربي الجديد" عليه حول سؤال النائب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) عن الجالية أحمد ربحي، ذكرت الوزارة أن جملة من الأسباب دفعت إلى إعادة النظر في النظام القديم وتعديله عبر صدور النظام رقم 24-05 المؤرخ في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والذي يحدّد سقف التصريح باستيراد وتصدير الأوراق النقدية أو الأدوات القابلة للتداول المحرّرة بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حرة من طرف المقيمين وغير المقيمين.
وبخصوص تحديد سقف التصدير للأوراق المالية القابلة للتداول والمسموح بإخراجها في حدود مبلغ 7500 يورو من خلال سفرية واحدة خلال السنة الميلادية، ذكرت الوزارة أن المادة الثانية من النظام المذكور لم تحدّد صراحة عدد السفريات، بل اكتفت بتحديد المبلغ المسموح بتصديره مادياً خلال السنة المدنية وليس السنة الميلادية، بينما أبقت الوزارة ردها مبهماً حول الفرق بين المصطلحين، وأضافت أنه "يجوز للمسافر المقيم وغير مقيم تصدير هذا المبلغ خلال سفرية واحدة أو خلال عدة سفريات في السنة المدنية".
واكتفت الوزارة بالقول إنها عندما شرحت الغرض من وجوب استظهار الوثيقة التي تثبت سحب مبلغ 7500 يورو من حساب المسافر بالعملة الصعبة المفتوح لدى البنوك المعتمدة، التي ينص عليها نص المادة السادسة من القرار المؤرخ في 20 يوليو/تموز 2024 والذي يحدّد كيفيات التصريح بالعملة من طرف المسافرين، أشارت إلى أن الوثيقة المتعلقة بذلك اشترطت أنه "عند الخروج من الإقليم الوطني (الإقليم الجزائري)، يخضع المسافرون المقيمون وغير مقيمين إلى تقديم، حسب الحالة، إشعار باقتطاع بنكي للمبالغ المسحوبة من حساب مصرفي بالعملة الأجنبية مفتوح بالجزائر أو رخصة من بنك الجزائر (البنك المركزي) عندما يفوق مبلغ العملة المنقولة السقف المحدّد في التشريع والتنظيم الساري المفعول".
الجزائر والتحكم في الكتلة النقدية
وبالنسبة للمرجعية المعتمدة من بنك الجزائر في تقرير هذا الإجراء وآثاره الاجتماعية والاقتصادية على المواطنين خاصة في حالة الاستيراد من طرف الجالية الوطنية في الخارج، أوضحت الوثيقة أن الحكم الجديد يستند للحاجة إلى التحكّم بالكتلة النقدية المتداولة في القطاع الموازي (السوق السوداء).
وأضافت أن الهدف من ذلك إعادة الدمج في الدائرة المصرفية الرسمية، بموازاة استعادة ثقة المواطنين بمؤسساتهم المصرفية من خلال تقديم بديل حديث وآمن، وهو استخدام البطاقات المصرفية الدولية، وأكدت على أن أصحاب الحسابات بالعملة الأجنبية يحتفظون بحرية استخدام الأموال المودعة في حساباتهم سواء للتحويلات إلى الخارج أو للمدفوعات التي تتم عبر هذه البطاقات.
وفي سياق التعليل، أوضحت وزارة المالية أن استخدام البطاقات المصرفية الدولية يسمح بزيادة إمكانية تتبع العمليات، ويحد من المخاطر المرتبطة بالنقل المادي للعملات، ويساهم في أمن المعاملات المالية، وأضافت أن هذا البديل يلبي المعايير الدولية لإدارة التدفقات المالية، ويجعل من الممكن تقليل التكاليف الكبيرة المرتبطة بتزويد البنوك بالأوراق النقدية الأجنبية. وعلى هذا الأساس، استنتج رد الوزارة أن هذا الحكم يندرج في إطار منهج شامل يهدف إلى تحديث آليات الدفع وتأمين إدارة التدفقات المالية والحفاظ على المصالح الاقتصادية للبلاد من خلال الحد من الممارسات الموازية.
أما بخصوص المواطنين من الجالية الجزائرية المقيمين في الخارج، فقد اعتبرت الوزارة أن القرار لا يشكل "بأي حال من الأحوال تقييداً لهم"، وعلّلت ذلك بإمكانية هؤلاء استيراد العملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حرة دون تحديد المبلغ وفقاً للمادة الثانية من النظام رقم 16-02 المؤرخ في 21 إبريل/نيسان 2016، مشيرة إلى أن من حقهم تصدير المبالغ بالعملة الأجنبية القابلة للتحويل الحر التي تم استيرادها مسبقاً عند تقديم وثيقة التصريح باستيراد العملة الأجنبية المؤشر عليها من الجمارك. كما ذكرت أن للمواطنين غير المقيمين حق فتح حسابات بالعملة الأجنبية لدى البنوك الوسطاء المعتمدين، ويمكنهم التصرف بحرية في الأموال الموجودة في حساباتهم.
صلاحيات بنك الجزائر المركزي
أما الأساس الدستوري والتشريعي، فهو يرتكز على تحديد الحد السنوي لمبلغ 7500 يورو، حسب وزارة المالية، على إطار دستوري وقانوني يمنح بنك الجزائر الصلاحيات اللازمة لتنظيم عمليات الصرف وضمان حماية الاقتصاد الوطني، واستندت إلى المادة التاسعة من الدستور في فقرتها الأخيرة التي تنص على أنه "يختار الشعب لنفسه مؤسسات، غايتها حماية الاقتصاد الوطني من أي شكل من أشكال التلاعب أو الاختلاس، أو الرشوة، أو التجارة غير المشروعة، أو التعسف، أو الاستحواذ، أو المصادرة غير المشروعة، أو تهريب رؤوس الأموال".
وأوضحت الوزارة أن القانون رقم 23-09 المؤرخ في 21 يونيو/حزيران 2023، المتضمن القانون النقدي والمصرفي، قد منح في مادته 64 بنك الجزائر، ممثلاً بالمجلس النقدي والمصرفي باعتباره سلطة نقدية، مهام التنظيم القانوني للصرف وتنظيم سوق الصرف وتسيير الاحتياطات.