هذا ما تناقشه السلطات الأوروبية لإنقاذ صناعة السيارات

03 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 23:18 (توقيت القدس)
وكالة سيارات مرسيدس بنز، سالزوفر، برلين، 30 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه صناعة السيارات الأوروبية تحديات كبيرة، منها انخفاض المبيعات وضغوط تلبية متطلبات حماية المناخ، مما يهدد بإغلاق المصانع.
- تسعى الشركات الألمانية لزيادة مبيعات السيارات الكهربائية، وتطالب المفوضية الأوروبية بدعم التحول إلى التنقل الكهربائي عبر حوافز ضريبية ومكافآت بيئية.
- تعتزم المفوضية الأوروبية تقديم خطة لتعزيز التنقل المستدام ودعم القطاع الصناعي لمواجهة المنافسة المتزايدة، خاصة من الشركات الصينية، مع التركيز على إصلاحات بعيدة المدى.

جعلت المفوضية الأوروبية التحديات التي تواجه صناعة السيارات الأوروبية على رأس أولوياتها، ولهذا السبب عقد اجتماع في بروكسل نهاية الأسبوع الماضي، لمناقشة أفكار مشتركة مع ممثلي الشركات ضمن حوار استراتيجي لمعالجة الوضع الخطير الذي يواجه القطاع في مختلف أنحاء أوروبا وينذر بإغلاق العديد من المصانع، بينها لشركة "أودي" الألمانية في بلجيكا. فكيف السبيل لإعادة الميزة للسيارات الأوروبية مع التحولات التي شهدها القطاع وتخلفها عن المنافسين الدوليين، وماذا عن مسؤولية الشركات؟

تفيد تقارير اقتصادية بأن مصانع صناعة السيارات في أوروبا لا تعمل بكامل طاقتها، وقد انخفضت المبيعات في كل أسواق السيارات الأوروبية الكبرى تقريباً العام الماضي، حتى إن مبيعات الشركات الألمانية في الصين والولايات المتحدة تشهد انخفاضاً ملحوظاً. وفي الوقت نفسه، فان هذه الصناعة تواجه ضغوطاً لتلبية متطلبات حماية المناخ وشروطاً أكثر صرامة بخصوص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والامتثال للقواعد وتجنب العقوبات. 

توازياً، تسعى الشركات في ألمانيا مجدداً لبيع المزيد من السيارات الكهربائية وبحاجة لزيادات تصل إلى أكثر من ثلاثة أرباع مبيعات العام الماضي، علماً أن ملايين الوظائف في أوروبا تعتمد على مصنعي وموردي السيارات الأوروبية، ناهيك عن أن هذه الصناعة تساهم بنسبة 7% من الناتج المحلي في أوروبا، ومسؤولة عن ثلث الإنفاق غير العام على البحث والتطوير.

وفي خضم ذلك، أبرزت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، عن رئيس رابطة السيارات الأوروبية والمدير التنفيذي لشركة مرسيدس أولا كالينيوس، أنهم طلبوا من المفوضية العمل لمجاراة التحول القائم في القطاع باتخاذ إجراءات حاسمة ومتضافرة، ويتعين على بروكسل إخضاع أهداف المناخ لـ"فحص الواقع"، وتعديل التهديدات بفرض عقوبات في حال عدم الامتثال لأهداف المناخ.

مزايا وحوافز لقطاع السيارات الأوروبي

وفي وقت اعتبر البعض أنه ينبغي أن تشكل نقاشات المفوضية إشارة دعم قوية للصناعة وعشرات الآلاف من الموظفين، أشار الباحث في الشؤون الأوروبية كاي مورشلات، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأهم بالنسبة لشركات صناعة السيارات حث حكومات دول التكتل للعمل على تعزيز مبيعات السيارات الكهربائية من خلال المزايا الضريبية مثلاً، وخلق حوافز تدفع الأفراد لاقتناء سيارة صديقة للبيئة.

ومن بين الحوافز المكافأة البيئية للشراء التي اعتمدتها ألمانيا في الفترة السابقة وحتى ديسمبر/كانون الأول 2023، أو اعتماد قروض بأسعار فائدة متدنية وتخفيض أسعار شحن البطاريات في المحطات على الطرقات العامة، ولما لا؟ أن تقدم المفوضية أساليب دعم أخرى، مثل تنسيق برامج تمويل مختلفة أو تعديل قيمة المساعدات التي تستفيد منها الحكومات من بروكسل لتقدم مكافآت عند عمليات بيع السيارات الكهربائية التي تباطأت مبيعاتها أخيراً بشكل كبير في أوروبا.

وفي ظل الترقب القائم، أفاد مورشلات بأن الاثقال تراكمت على كاهل صناعة السيارات الألمانية، ويمكن تلخيصها بثلاثة أعباء، أولاً ضعف الاقتصاد في أوروبا وألمانيا، وتعثر التحول إلى التنقل الكهربائي، مشيراً إلى أن التغيير الهيكلي بأكمله نحو التنقل الكهربائي والمركبات المعرفة بالبرمجيات يعد أمراً صعباً بما فيه الكفاية لهذه الصناعة مقارنة بالتعامل مع محركات الاحتراق، فضلاً عن تراجع السوق في الصين، حيث تفقد السيارات الألمانية قدراً كبيراً من مبيعاتها هناك.

قرارات خاطئة

يعارض سياسيون حفلة التذاكي التي تدار من قبل شركات السيارات الأوروبية لإنقاذ القطاع لأن هناك أسباباً جوهرية يتحمل مسؤوليتها القيمون على هذه الصناعة التي لم تتعاف منذ جائحة كورونا. وفي السياق، اعتبر السياسي المنتمي إلى الاشتراكي الديمقراطي الألماني تيمو فولكين أن الأزمة المستجدة ناجمة عن قرارات خاطئة ارتكبت في المكاتب التنفيذية لشركات صناعة السيارات، ففي كثير من الأحيان، كان التركيز منصباً على صناعة السيارات الفاخرة باهظة الثمن، بدلاً من تطوير نماذج تكون في متناول المواطن العادي. ووفق فولكين، في نهاية المطاف، يتعين أن يؤدي دعم الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج سيارات كهربائية رخيصة، وليس إلى تسريح العمال وحصول المديرين على مكافآت كبيرة.

في موازاة ذلك، بينت شبكة التحرير الألمانية عن منظمة حماية النقل والبيئة التي شاركت في اجتماع بروكسل أن شركات صناعة السيارات لا تعاني من أزمة على الإطلاق، حتى إن رئيسها ويليام تودتس قال مع "يوراكتيف" إن القيمين على القطاع بارعون في رسم صورة للأزمة، والحقيقة هي أن شركات السيارات حققت أرقاماً قياسية في السنوات الأخيرة وقامت بتوزيعها على مساهميها، مضيفاً أن جماعات الضغط في القطاع اختلقت روايات كاملة عن أنهم يعيشون في أزمة وأن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن ذلك.

تنقل أوروبي مستدام

وفق المعلومات من بروكسل، تعتزم المفوضية في غضون خمسة أسابيع، ومن خلال خطة عمل يقدمها مفوض النقل بالاتحاد الأوروبي أبوستولوس تزيتزيكوستاس، التوصل إلى نتائج منصفة للتنقل المستدام ولتعزيز نشاط قطاع صناعي حيوي في أوروبا، بعدما خسر العديد من ميزاته التنافسية بفعل منافسة الشركات الصينية وهجمتها المتزايدة للحصول على حصة أكبر في دول التكتل، ناهيك عن التكاليف التي يتكبدها القطاع نتيجة تحديات هيكلية واقتصادية وجيوسياسية، أي أن الهدف يكمن في تعاون المفوضية مع الدول الأوروبية من أجل ضمان إصلاحات بعيدة المدى لصناعة السيارات في أوروبا.

تجدر الإشارة إلى أن أهم ما يدور في الحلقات المغلقة لأرباب قطاع صناعة السيارات وممثلي النقابات والمنظمات البيئية هو أنه من المجدي أن تلتزم المفوضية الأوروبية بحلول تشكل حجر الزاوية في رحلة استعادة القطاع ازدهاره، وبأن تتظهر النتائج الأولية في الأشهر القليلة المقبلة لأن الوقت ضاغط جداً.

وقالت رئيسة رابطة صناعة السيارات هيلدغراد كولر أنها تقيس فرصة نجاح الحوار الاستراتيجي إذا ما تلت الكلمات والوعود أفعال ملموسة. وبحسب المفوضية الأوروبية، فإن أكثر من 13 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة تعتمد على صناعة السيارات في أوروبا، وتمثل هذه الصناعة نحو تريليون يورو من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي.

المساهمون