Skip to main content
نكسة جديدة لكهرباء لبنان... "كارباورشيب" التركية توقف إمداداتها مع انتهاء عقدها
ريتا الجمّال ــ بيروت
باخرة تابعة لشركة "كارباورشيب" التركية أمام معمل الذوق الحراري (العربي الجديد)

أوقفت شركة "كارباورشيب" التركية إمداد لبنان بالكهرباء من باخرتيها "فاطمة غولسطان" و"أورهان باي" الراسيتين قبالة معملَيْ الجية والذوق، وذلك مع انتهاء العقد الموقَّع مع الجانب اللبناني اليوم الجمعة.

وأعلنت الشركة عبر المتحدث باسمها أن "العقد ينتهي اعتباراً من 1 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري والعمل الآن سيتم على انسحاب الباخرتين".

وقال المتحدث "نحن ندرك أزمة الطاقة الحادة في البلاد خلال السنوات الثماني التي زاولنا العمل فيها في لبنان، وعلى الرغم من التحديات كلها بذلنا ما بوسعنا لدعم الشعب اللبناني والحكومة للتصدي للتحديات الجوهرية التي تواجهها البلاد ونتمنى الأفضل لرئيس مجلس الوزراء وحكومته والبلد ككلّ في الأشهر والسنوات المقبلة".

وتؤمن البواخر التركية الثلاث بحدود 370 ميغاواط من الطاقة الكهربائية أي حوالي 25 في المائة، وهو ما يعادل بين 4 إلى 6 ساعات من التغذية يومياً بينما يبقى السؤال حول إمكانية مغادرة الباخرتين في ظل وجود دعاوى قضائية عالقة ومستحقات "متبادلة" لم يبتّ بها بعد.

ويتوقف الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، مارك أيوب، في حديثه مع "العربي الجديد" عند مسألتين أساسيتين؛ الأولى تتمثّل في الدعاوى القضائية والنزاعات العالقة بين الجانبين اللبناني والشركة التركية والثانية ربطاً بمستحقات الشركة المتوجبة على الدولة اللبنانية والتي تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار عدا عن مبلغ 25 مليون دولار وهو قيمة البند الجزائي المتوجب على الشركة التركية لصالح لبنان.

مسار قضائي

في المسار القضائي، يقول أيوب "الملف غامض جداً وهناك علامات استفهام كثيرة عالقة وتفتح المجال أمام الشك بإمكان حصول اتفاقيات تحت الطاولة بين الطرفين تتيح للشركة المغادرة بينما القضية لم تقفل بعد".

ويسأل أيوب: "هل يمكن للباخرتين الراسيتين منذ حوالي تسع أعوامٍ أن تغادرا المياه الإقليمية اللبنانية وهناك قرار قضائي بالمنع والحجز إلى حين دفع 25 مليون دولار للدولة اللبنانية كما تقرر تكليف وزارة المالية اللبنانية الامتناع عن دفع المبالغ المتوجبة لمصلحة الشركة التركية المتهمة بالانخراط بقضايا فساد إلى حين الحصول على المبلغ المذكور؟".

ويردف أيوب: "هل ستغادر الشركة التركية قبل الحصول على مستحقاتها بقيمة 200 مليون دولار أم أنها ستلجأ إلى التحكيم الدولي وتتقدم بدعوى قضائية ضد الدولة اللبنانية؟ عدا عن الملفات القضائية المرتبطة بممثل شركة "كارادينيز" في لبنان رالف فيصل والمدعوين فاضل محمد رعد وحسن محمد أمهز على خلفية دفع عمولات ورشاوى بهدف إتمام صفقة بواخر الطاقة".

وعلى الرغم من هذه "النزاعات" القضائية كانت الشركة التركية قد قرّرت في يونيو/ حزيران الماضي أن تستأنف تزويد لبنان بالطاقة لما سمته "بادرة حسن نية فيما تتطلع إلى نقاشٍ بنّاء مع الدولة اللبنانية لتحديد حلول للقضايا خلال الأيام والأسابيع المقبلة، ولإدراكها التحديات الهائلة التي يواجهها لبنان في الوقت الراهن" علماً أنها لم تقدّم كامل خدماتها متذرعة بأزمة الفيول وهو ما ترك البلاد في عتمةٍ شبه شاملة مع تقنين زاد عن عشرين ساعة يومياً. 

زيادة الضغط على المعامل والشبكة

وفي تداعيات توقف الشركة التركية عن إمداد لبنان بالكهرباء، يقول أيوب "طبعاً هذه الخطوة ستزيد الضغط على معامل الإنتاج والشبكة الكهربائية وتؤثر على ساعات التغذية الكهربائية التي حتماً ستتراجع، ولا سيما في ظلّ أزمة الفيول"، لافتاً إلى أن "الإنتاج سينخفض إلى ما دون 400 ميغاواط بهذه الحالة وهو الذي ما كان في الفترة الأخيرة يتعدى 500 ميغاواط".

من جهته، يقول عضو لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة النائب قاسم هاشم لـ"العربي الجديد" إنه حتى الساعة لا نية لتجديد العقد الذي عادة ما تفرضه الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان ،ولكن أي تجديد يجب أن يكون بشروطٍ مختلفة وبما يخدم مصلحة الخزينة العامة والبلد وضمن أطر الشفافية الكاملة منعاً للهدر.

وتأتي هذه التطورات في وقتٍ يعيش لبنان أزمة حادة في الكهرباء وصلت إلى حدّ تحذير شركة كهرباء لبنان من العتمة الشاملة بعد نفاد كامل خزين المحروقات لديها، فكان أن قرّر مجلس الوزراء في جلسته يوم الأربعاء تكليف وزير المال استقراض مبلغ 100 مليون دولار لزوم المؤسسة لتأمين زيادة عدد ساعات التغذية.

وفي هذا السياق، يشير النائب هاشم إلى أنّ المبلغ حتماً سيؤمن عبر مصرف لبنان الذي سيُصرَف بالتالي من ودائع الناس، هذا هو الواضح باعتبار أن لا الدولة اللبنانية ولا مصرف لبنان يملكان ودائع واحتياطات أجنبية إلّا أموال اللبنانيين.

وفي وقتٍ يشهد لبنان في الأيام القليلة الماضية تحسناً في ساعات التغذية الكهربائية، يعزو هاشم الأسباب إلى الفيول العراقي الذي يعطي بحدود الأربع ساعات إلى جانب انخفاض الضغط على الشبكة الكهربائية وهناك قطاعات ما عادت بحاجة للتيار كما في السابق، خصوصاً السياحية مع انتهاء موسم الصيف ومغادرة السياح وفي ظلّ تحسن ظروف الطقس أيضاً وغيرها من العوامل والوضع سيتحسن أكثر في حال سلك مبلغ المائة مليون دولار سكة التنفيذ.

وكان وزير الطاقة والمياه وليد فياض قد أوضح أن "مؤسسة كهرباء لبنان بحاجة من 40 إلى 50 مليون دولار شهرياً للإنتاج بالإضافة إلى الفيول العراقي الذي يعطي من 3 إلى 4 ساعات تغذية حسب حال الطقس وطلبت هذا المبلغ مرّتين لنحصل على مجموع يصل إلى ثماني ساعات من التغذية في فترة شهرين، علماً أنّ هذا الأمر مرتبط أيضاً بإحضار الفيول غير الموجود في المؤسسة (باستثناء العراقي) وهو ما قد يحصل في مهلة 20 أكتوبر/ تشرين الأول لكن التاريخ ليس ثابتاً".

وبينما تولي الحكومة اللبنانية أولوية لملف الطاقة، جرت مباحثات جدية بين لبنان والأردن عقب زيارة رئيس الوزراء الأردني ووفد بلاده إلى بيروت الخميس، وكان قد بحث في مسألة استجرار الكهرباء من الأردن والغاز المصري الذي سيمرّ عبر الأردن وسورية وهو ما سيكون مدار بحثٍ ومتابعة وتنفيذ سريع، علماً أن وزير الصناعة جورج بوشكيان كان قد أكد لـ"العربي الجديد" أن الطرفين لم يتفقا على جدول زمني معيّن وهناك تدابير وإجراءات صيانة وأعمالٍ تحتاج إلى وقتٍ ولكن الجهد ينصبّ على إيجاد حلولٍ سريعة.