نقص كبير بالعمالة في روسيا... وخطط لاستقدام الملايين

نقص كبير بالعمالة في روسيا... وخطط لاستقدام الملايين

15 أكتوبر 2021
مشاريع الزراعة والبناء تستقطب معظم العمالة الوافدة (Getty)
+ الخط -

تواجه روسيا نقصاً في العمالة الوافدة، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل البناء والزراعة والمطاعم، في الوقت الذي ينتعش فيه الاقتصاد من تداعيات جائحة فيروس كورونا، وسط طفرات في أسعار الغاز والنفط التي تعزز النشاط الاقتصادي للدولة.

وبحسب أرقام وزارة الداخلية، بلغ عدد الأجانب بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، 7 ملايين شخص، غالبيتهم من الجمهوريات السوفييتية السابقة الذين قدموا بحثاً عن الرزق. إلا أن هذه الأرقام الهائلة لا تغطي احتياجات القطاعات الحيوية من الاقتصاد في العمالة، إذ تشير أرقام وزارة البناء، إلى أن القطاع يحتاج إلى أكثر من مليون عامل، وسط دعوات رسمية صادرة من الحكومة الروسية للاستعانة بنحو 5 ملايين مغترب بمواقع البناء الروسية حتى عام 2024.

وهناك من يرى أنه ليس هناك بديل عن فتح الأبواب للوافدين في ظل تراجع عدد سكان روسيا في سن الشباب، لكن آخرون يعتبرون استقدام العمالة الأجنبية حيلة من قبل أرباب العمل لتوظيف الأجانب مقابل أجور زهيدة في ظروف أشبه بالعبودية، مستغلين تردي الأوضاع الاقتصادية في بلدانهم الأصلية.

وفي هذا الإطار، يدعو عثمان باراتوف، رئيس منظّمة "وطندوش" التي تجمع أبناء الجالية الأوزبكية في روسيا، إلى إعادة النظر في السياسات الروسية في مجال الهجرة، من جهة تحسين معاملة المغتربين وتخفيف الإجراءات البيروقراطية المفروضة عليهم.

ويقول باراتوف لـ"العربي الجديد": "هناك اعتراف على مستوى رسمي بنقص الأيدي العاملة الوافدة في روسيا، وحتى عمدة موسكو، سيرغي سوبيانين، المعروف بمواقفه العنصرية تجاه المهاجرين من آسيا الوسطى أقر بهذا النقص، وصدر مؤخراً قرار باستقبال 10 آلاف عامل أوزبكي، ولكنه قطرة في المياه لن تحل مشكلة نقص العمالة، لذلك يجب إصلاح منظومة استقبال المهاجرين بشكل كامل، وبالدرجة الأولى إلغاء نظام تراخيص العمل المفروض حاليا على المهاجرين من الجمهوريات السوفييتية السابقة من خارج بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (يضم كلا من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزستان)".

طاقة
التحديثات الحية

وفي أحيان كثيرة، يتحول ملف المهاجرين إلى ورقة في السياسة الداخلية الروسية، إذ سبق لسوبيانين، أن أعرب قبيل انتخابات رئاسة بلدية موسكو في عام 2013، عن عدم ترحيبه بتوطين المهاجرين وضرورة حصر دورهم في الأعمال الموسمية، داعياً إلى الاعتماد على العمالة الناطقة باللغة الروسية.

ويُعرف زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي، هو الآخر بمواقفه المناهضة لحركة الهجرة إلى روسيا، إذ سبق له أن دعا مع اندلاع جائحة كورونا في العام الماضي، إلى فرض قيود على عودة العمال الأجانب الذين غادروا البلاد، مبرراً موقفه بارتفاع نسبة البطالة و"حاجة المواطنين الروس لفرص العمل قبل غيرهم".

وفي السياق، يقول رئيس منظّمة "وطندوش": "صحيح أن نقص العمالة أدى إلى ارتفاع أجور العمال الأجانب في قطاعات البناء والمطاعم وسائقي سيارات الأجرة إلى نحو ألف دولار أميركي شهرياً، ولكنهم يعملون في ظروف تشبه العبودية لـ12، بل 14 و 16 ساعة يومياً بدلا من 8 ساعات كما يحددها القانون".

وحول رؤيته لتحسين أوضاع العمالة الوافدة في روسيا، يتابع: "يجب إلغاء نظام تراخيص العمل، وتحديد الحد الأدنى للأجر عن كل ساعة عمل، وإلغاء ترحيل العمال بسبب مخالفات إدارية لتقتصر مثل هذه العقوبة على جرائم جنائية خطرة على المجتمع".

في المقابل، يعتبر عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، أن هناك مبالغة بشأن نقص العمالة الوافدة إلى روسيا، معتبرا أنه يمكن إيجاد عمال روس للعمل في القطاعات المعتمدة على المغتربين في حال رفع الأجور.

ويقول بيزبالكو لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن مشكلة نقص العمالة الوافدة حادة، كما تصورها القوى ومجموعات اللوبي في قطاعي البناء والزراعة، الباحثة عن تحقيق أرباح طائلة عن طريق الاستعانة بعمال أجانب محرومين من أي حقوق".

ويضيف: "سيلتحق الروس بهذه الوظائف في حال تم عرض أجور مغرية عليهم مع توفير كافة الضمانات الاجتماعية لهم، ولكن أرباب العمل يفضلون استقدام العمالة الرخيصة من آسيا الوسطى، وسط استشراء الفساد في منظومة الهجرة".

ويضرب أمثلة على استغلال وضع المهاجرين، قائلا: "عند استخراج تراخيص العمل، يتم فرض على المغترب التعاقد مع شركة تأمين محددة، وحتى شرائح المحمول لشركة اتصالات محددة في بيئة خالية من المنافسة، وبات قطاع الهجرة بأمس الحاجة إلى التنظيم".

وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، لا يجد ملايين الشباب بديلاً عن التوجه إلى روسيا بحثاً عن مصدر رزق وحياة أفضل، مستفيدين من إمكانية السفر بلا تأشيرات دخول. وتعتمد اقتصادات هذه البلدان بدرجة كبيرة على تحويلات المغتربين من روسيا، والتي بدأت تتعافى بعد رفع القيود المتعلقة بالسفر.

وبحسب أرقام منظومة "كونتاكت" لتحويل الأموال، فإن مجموع التحويلات من روسيا إلى بلدان رابطة الدول المستقلة سجل خلال أشهر الصيف الماضي ارتفاعا نسبته 30% مقارنة مع فترة الأشهر الخمسة الأولى من العام، وكان لطاجكستان وأوزبكستان وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا النصيب الأكبر من التحويلات.

المساهمون