نفاد وقود 90% من محطات بريطانيا الرئيسية ... وعمليات شراء محمومة

نفاد وقود 90% من محطات بريطانيا الرئيسية ... وعمليات شراء محمومة بدافع الذعر

28 سبتمبر 2021
"نعتذر... خارج الخدمة" شعار معظم محطات التوزيع حالياً بسبب نقص السائقين (الأناضول)
+ الخط -

رغم دعوة حكومة، بوريس جونسون، السكان إلى عدم الهلع، عمّقت عمليات شراء بنزين وسولار بدافع الذعر أزمة سلسلة الإمدادات في بريطانيا، ما أدى إلى نفاد وقود نحو 90% من المحطات في مدن رئيسية يوم الإثنين.

وزادت حدة الأزمة، اليوم الثلاثاء، مع عدم وجود حل في الأفق مع استمرار أزمة سائقي الشاحنات واصطفاف الطوابير أمام محطات الوقود والتدافع نحو الشراء والتخزين.

ووفق أصحاب محطات وقود فقد نفد الوقود في معظم محطات البيع في بريطانيا، مع استمرار الطوابير الطويلة إثر إعلان شركتي "Tesco Alliance" و"بريتش بتروليوم" إغلاق "عدد قليل جدا" منها.

وبعد التهافت المخيف في عطلة نهاية الأسبوع، خابت الآمال بالتوقعات القائلة بعودة الوضع إلى طبيعته في محطات الوقود مع بداية يوم الإثنين.

نفد الوقود في معظم محطات البيع في بريطانيا، مع استمرار الطوابير الطويلة إثر إعلان "Tesco Alliance" و"بريتش بتروليوم" إغلاق عدد منها

ومع ساعات الصباح الأولى من يوم اثلاثاء، اصطف سائقو المركبات أمام محطات الوقود، حيث شوهد بعضهم يملؤون عبوات جلبوها معهم، فضلا عن خزانات سياراتهم وفق رواية مراسل "الأناضول".

وبحلول العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي، نفد الوقود في بعض المحطات، فيما أفادت شبكة "سكاي نيوز" نفاد ما يقرب من 90 بالمائة من نقاط البيع في بعضا المناطق.

وبدأ سائقو سيارات الأجرة وشركات النقل الصغيرة تواجه صعوبات بسبب نقص البنزين، فيما انطلقت دعوات لإعطاء الأولوية في شراء الوقود للكوادر الصحية.

ونجمت الأزمة عن نقص أعداد سائقي الشاحنات بعد "بريكست" وبسبب تداعيات كورونا الاقتصادية، مما دفع منافذ تجارة التجزئة للتحذير من أن ذلك قد يوجه ضربة كبرى لخامس أكبر اقتصاد في العالم، ما أعاق سلاسل الإمداد لكل المجالات من الغذاء إلى الوقود لتزيد احتمالات الاضطراب في وصول السلع وارتفاع الأسعار في الفترة التي تسبق احتفالات عيد الميلاد.

وبعد أيام فحسب من إنفاق حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون ملايين الجنيهات الإسترلينية لتفادي نقص في الغذاء بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الذي يمثل أكبر تكلفة في إنتاج الأسمدة، طلب الوزراء من المواطنين التوقف عن الشراء بدافع الذعر.

لكن طوابير طويلة من السيارات امتدت عند محطات الوقود في أنحاء البلاد أمس الأحد، مما أدى لنفاد الإمدادات وأجبر العديد من المحطات على الإغلاق.

وقال مراسلون من "رويترز"، إن أغلب مضخات ومحطات الوقود في أنحاء المدن البريطانية يوم الإثنين إما كانت مغلقة أو تعلق لافتات تقول إن الوقود غير متاح.

وقالت رابطة تمثل موزعي الوقود المستقلين الذين يشكلون حاليا نحو 65% من كل الموزعين البريطانيين، إن أعضاءها أبلغوا عن نفاد الكميات المتاحة لديهم بنسب تتراوح بين 50 و90% في بعض المناطق، فيما قال موردو الوقود إنهم يتوقعون عودة الوضع إلى طبيعته قريباً.

الشركات: هناك وفرة وقود!

وأوضح بيان مشترك من صناعة الوقود التي تضم شركات "بي.بي" و"رويال داتش" و"إيسو" التابعة لـ"إكسون موبيل"، أن "هناك وفرة في الوقود في المصافي والمنافذ في بريطانيا، ونحن في صناعة الوقود نعمل عن كثب مع الحكومة للمساعدة في ضمان توفير الوقود وتسليمه للمحطات بجميع أنحاء البلاد".

وأضاف البيان أنه "نظراً لأن الكثير من السيارات تحتفظ الآن بالوقود بشكل أكثر من المعتاد، نتوقع عودة الطلب لمستوياته الطبيعية في الأيام المقبلة، ما سيخفف الضغوط على محطات الوقود. نشجع الجميع على شراء الوقود دون تغيير في نمط الشراء المعتاد".

وتناغمت رسالة الصناعة مع نداء الحكومة للناس بعدم الشراء بدافع الذعر.

وقال وزير البيئة البريطاني جورج إيوستس إنه ليس هناك أي نقص في الوقود، وحث الناس على التوقف عن الشراء المحموم خوفا من نفاده.

وأضاف الوزير أنه لا توجد أي خطط للاستعانة بالجيش لقيادة الشاحنات على الرغم من أن وزارة الدفاع ستساعد في اختبار سائقي الشاحنات.

شركات النقل ومحطات الوقود وتجار التجزئة : لا توجد حلول سريعة، لأن النقص في سائقي الشاحنات المقدر بحوالي 100 ألف كان حاداً، ولأن نقل الوقود يتطلب تدريباً ورخصاً إضافي

وقالت شركات النقل ومحطات الوقود وتجار التجزئة إنه لا توجد حلول سريعة، لأن النقص في سائقي الشاحنات المقدر بحوالي 100 ألف كان حاداً، ولأن نقل الوقود يتطلب تدريباً ورخصاً إضافية.

المدير التنفيذي للرابطة جوردون بالمر قال لرويترز": "للأسف نحن نشهد عمليات شراء بدافع الذعر للوقود في الكثير من مناطق البلاد... نحتاج لبعض الهدوء.. أرجوكم لا تشتروا بدافع الذعر".

وأصر وزراء بريطانيون على أن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي ليست له علاقة بالأزمة الحالية بشأن السائقين، رغم أن 25 ألفا منهم عادوا لأوروبا قبل تطبيق الانسحاب من التكتل. ولم تتمكن بريطانيا من اختبار 40 ألف سائق بسبب الإجراءات التي فرضت لمكافحة كوفيد-19.

وأعلنت الحكومة البريطانية، يوم الأحد، خطة لإصدار تأشيرات مؤقتة لخمسة آلاف سائق أجنبي، لكنها لقيت رفضاً واسع النطاق من قبل السائقين.

وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة نيتها طرح 10500 تأشيرة عمل محلية قصيرة الأمد، لسائقي شاحنات، لتخفيف نقص في اليد العاملة طال قطاعات، منها الدواجن والشحن.

بسبب نقص العمالة في قطاع الشحن البري، أغلقت محطات وقود أبوابها مثل "بريتش بتروليوم"، لنفاد كميات المشتقات المخزنة لديها، في انتظار شحنات إضافية خلال الساعات أو الأيام المقبلة

وبسبب نقص العمالة في قطاع الشحن البري، أغلقت محطات وقود أبوابها مثل "بريتش بتروليوم"، لنفاد كميات المشتقات المخزنة لديها، في انتظار شحنات إضافية خلال الساعات أو الأيام المقبلة.

الحكومة: لا داعي للهلع

ورغم دعوة الحكومة السكان إلى عدم الهلع، تهافتوا على محطات الوقود، فيما أشارت بعض الشركات إلى أنها تواجه صعوبات في التوصيل تؤثر على إمدادات المواد الغذائية في متاجر السوبرماركت، جراء تداعيات كوفيد وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

في محطة في ليتون، أحد أحياء شرق لندن، اصطفت 50 سيارة بدءاً من الساعة 06,30 الإثنين فيما أمضى بعض المستهلكين قسماً من الليل في انتظار التزود بالوقود، وفقاً لمصور من وكالة "فرانس برس".

وفي كل أنحاء البلاد، تضاعفت لافتات "لا وقود" أو المضخات المغطاة بلافتة تقول "خارج الخدمة"، بما في ذلك نحو 30% من محطات "بريتيش بتروليوم" (بي.بي) العملاقة التي تأثرت بهذه الأزمة.

ووفق "رابطة تجار البترول" (بي.آر.إيه)، نفد الوقود من حوالى نصف المحطّات البالغ عددها 8000 في المملكة المتحدة الأحد.

مركبات عالقة في الطرقات

وقالت عائدة باربادوسي، صاحبة إحدى المركبات للأناضول، إن الحكومة هي المسؤولة عن المشكلة، لا الشعب.

وأضافت: "تقول الحكومة إنه تسوق ذعر، لكن سعة المركبات (من الوقود) محدودة، بمجرد أن تمتلئ لا يمكن أن تأخذ المزيد".

وأوضحت أنها ليست الوحيدة العالقة في الطرقات، إنما هناك الكثير مثلها.

من جانبه، أعرب صاحب مركبة أخرى عن سعادته بالعثور على بنزين، مردفا بالقول: "هذا أمر سيئ".

بدورها، قالت صاحبة مركبة أخرى، إنها تصطف في الطابور من السابعة صباحا لتحصل على البنزين الساعة العاشرة والنصف.

أزمة صحية نتيجة نقص الوقود

وتشعر اتحادات العاملين في المجال الطبي بالقلق، على غرار "إيفري دكتور" التي تقول إنها تتلقى معلومات من العديد من أعضائها تفيد بأنهم "أمضوا عطلة نهاية الأسبوع في محاولة العثور على وقود دون نتيجة".

ويذكّر الوضع بحقبة السبعينيات، حين تسببت أزمة طاقة بتقنين الوقود، وتقليص أسبوع العمل إلى ثلاثة أيام. وقبل عقدين، أدت احتجاجات ضد ارتفاع أسعار الوقود إلى إغلاق المصافي وشل النشاط في البلاد لأسابيع.

تأشيرات مؤقتة للسائقين

وفي مواجهة نقص الوقود وقلة السلع المعروضة في المتاجر بسبب نقص عدد سائقي الشاحنات، تبحث السلطات عن حلول، وتدرس، وفقا للصحافة، احتمال الاستعانة بالجيش للتوصيل.

وأكد وزير البيئة جورج يوستيس أن الحكومة لم تخطط لإرسال جنود لقيادة شاحنات التوصيل، كما يدعي العديد من وسائل الإعلام، لكن الجيش سيساعد في تسريع عمليات تدريب سائقين جدد.

وتحت الضغط، قررت الحكومة السبت تعديل سياسة الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومنح ما يصل إلى 10500 تأشيرة عمل مؤقتة، من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول لتعويض النقص الحاد في عدد سائقي الشاحنات وكذلك الموظفين في القطاعات الرئيسية للاقتصاد البريطاني، مثل تربية الدواجن.

كذلك، أعفت الحكومة قطاع موزعي الوقود مؤقتا من قوانين المنافسة، حتى يتمكنوا من إعطاء الأولوية للتسليم إلى المناطق الأكثر حاجة إليه.

وحذر رئيس "رابطة تجار البترول" براين مادرسن من تأثير الاستعانة بالجيش، لأن نقل الوقود الشديد الاشتعال يتطلب سائقين "متخصصين جداً" مع إجراءات محددة.

وفي ما يتعلق باحتمال عودة السائقين الأوروبيين الذين رجعوا إلى بلدانهم بسبب الوباء وبريكست، قال إن هناك أيضا نقصا في عدد السائقين في أوروبا القارية. وأشار إلى مشكلة رخص قيادة المركبات الثقيلة التي لا يمكن إصدارها أثناء الحجر الصحي موضحاً أن "هناك 40 ألف طلب معلق للحصول على تراخيص سوق مركبات ثقيلة من قبل البريطانيين".

ورغم أن مجموعة "بريتيش بتروليوم" رحبت بقرار الحكومة منح عدد إضافي من التأشيرات المؤقتة لسائقي الشاحنات، حذرت من أن "القطاع سيحتاج إلى وقت لتعزيز عمليات التسليم وتجديد المخزونات في مواقع البيع".

وتصر الحكومة على أنه لا يوجد نقص في الوقود في البلاد، بل الأزمة ناجمة عن تهافت المستهلكين القلقين على شرائه، متسائلة عن التصريحات المثيرة للقلق التي أطلقها اتحاد شركات النقل البري والتي زرعت بذور الذعر لديهم.

بريطانيا تضع الجيش في حالة تأهب

قالت الحكومة البريطانية إنها ستضع الجيش في حالة تأهب، في إطار إجراءات إضافية للتصدي لأزمة سلسلة التوريد التي أدت إلى نفاد الوقود من المحطات وسط عمليات شراء محمومة من قبل أصحاب السيارات.

الحكومة البريطانية ستضع الجيش في حالة تأهب، في إطار إجراءات إضافية للتصدي لأزمة سلسلة التوريد التي أدت إلى نفاد الوقود من المحطات وسط عمليات شراء محمومة من قبل أصحاب السيارات

وكانت الحكومة قد أكدت أنها ستضع الآن عددا محدودا من سائقي الناقلات العسكرية في حالة تأهب، للاستعانة بهم إذا لزم الأمر.
وأوضح وزير الأعمال كواسي كوارتنج في بيان: "إذا لزم الأمر، سيتم نشر عسكريين لدعم سلسلة الإمداد بطاقة إضافية كإجراء مؤقت للمساعدة في تخفيف الضغط الناجم عن الزيادة الحادة في الطلب المحلي على الوقود"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".

وكان وزير البيئة جورج يوستيس قد نفى وجود خطط لاستخدام الجنود من أجل تزويد المحطات بالوقود، لافتا في الوقت نفسه إلى أن وحدة الطوارئ التابعة للجيش في حالة تأهب دائم.

وأضاف: "السبب الوحيد لنفاد الوقود في المحطات هو أن الناس يشترون البنزين الفائض عن حاجتهم".

المساهمون