كشف مصدر خاص من العاصمة السورية دمشق، أن حكومة بشار الأسد تنسق حالياً مع شركات ورجال أعمال سوريين لاستيراد القمح من روسيا أو أوروبا لتفادي أزمة وصفها المصدر بالخطيرة، بعد تراجع المخزون الاستراتيجي، وفشل النظام في جلب القمح من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية بشمال شرق البلاد، واعتذار شركات روسية عن اتمام ستة عقود أبرمتها هذا العام مع مؤسسة الحبوب الحكومية السورية.
ويؤكد المصدر لـ"العربي الجديد" أن حكومة الأسد، التقت الأسبوع الجاري، خمسة من كبار رجال الأعمال للحصول منهم على تعهد باستيراد القمح عبر فتح اعتمادات خارجية "على طريقتهم"، "ويتم لاحقاً تعويضهم وفق سعر الدولار بالسوق" وحتى الآن لا إجابة حاسمة لأن "الجميع يتعذر بالحصار وكورونا".
ولم يستبعد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن يتم سحب الدعم الحكومي كاملاً عن الخبز بسورية، بعد رفع الأسعار الشهر الماضي بنسبة 100%، وفشل تجربة بيع الخبز حسب "البطاقة الذكية" التي اعتمدتها وزارة حماية المستهلك بدمشق منذ 19 أيلول/سبتمبر الماضي ، "لأن أزمة الخبز تتصاعد وطوابير المنتظرين بالعاصمة دمشق تزداد ووصل الأمر لتخصيص السوري برغيف خبز واحد بمدن حمص والرستن، بعد تسجيل مسبق حسب دفتر العائلة".
وتفاقمت أزمة تأمين القمح بسورية إثر اعتذار الشركات الروسية بعد توقيعها ستة عقود لتوريد 450 ألف طن قمح، بحسب ما يكشف مدير التجارة الخارجية بمؤسسة الحبوب الحكومية، نذير ضبيان، الذي أكد أول من أمس، "أنه بالفعل تمّ الاعتذار عن 6 عقود من قبل شركات روسية بعد أن وقعت عقودها مع المؤسسة، وذلك لأسباب تتعلق بالتأخر في فتح الاعتمادات وارتفاع الأسعار العالمية".
ويضيف ضبيان خلال تصريحات صحافية، أن الكمية التي اعتذرت عنها الشركات الروسية كان يبلغ فيها سعر طن 224 دولاراً.
من جهته، أوضح مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة، حسان محمد، لـ"العربي الجديد" أن نظام الأسد يعيش أزمة قمح خانقة، بسبب نقص السيولة قائلاً إنه "نظام مفلس". وأشار إلى حرص الشركات التي أبرمت معها عقودا سابقة، على استلام ثمن القمح بالدولار.
وفي حين أكد محمد أن شركات عالمية عدة، وليست الروسية فقط، بدأت بالتحفظ على التصدير أخيراً نتيجة ارتفاع أسعار القمح والسعي الدولي لزيادة المخزونات بواقع موجة كورونا الجديدة، أوضح أن مخازن القمح لدى نظام الأسد لا تكفي لأكثر من ثلاثة أشهر، خاصة بعد فشله باستجرار القمح من مناطق شرق سورية التي تسيطر عليها المليشيات الكردية "الإدارة الذاتية".
ولم يستبعد مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة المعارضة أن يسحب الأسد الدعم عن الخبز، بعد رفع الأسعار الشهر الماضي بنسبة 100% وإسناد الاستيراد للقطاع الخاص، سواء من روسيا أو غيرها.
وحول مخزون القمح وطحين الخبز لدى المعارضة، أكد محمد أنها تكفي للموسم المقبل ولا توجد معاناة من تأمين الرغيف للسوريين.
وما زاد من أزمة الخبز والطحين بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، إضافة لتمنّع الشركات الروسية عن التوريد، فشله باستجرار 300 ألف طن من مناطق سيطرة القوات الكردية التي تسيطر على أهم مساحات إنتاج القمح في سورية "الحسكة والرقة ودير الزور".
وكانت "الإدارة الذاتية" قد أوقفت الشهر الماضي شحنات تسويق القمح لمناطق سيطرة الأسد، بعد شرائها من الفلاحين، لأسباب تتعلق بتبدل الأسعار ومنع قوات التحالف لشاحنات شركة "القاطرجي" من نقل القمح.
وتؤكد مصادر، رفضت ذكر أسمائها، لـ"العربي الجديد"، فشل الصفقة رغم أن حكومة الأسد وسّطت رئيس حزب سوري معارض باستجرار القمح من مناطق الشمال الشرقي، واستعداد نظام الأسد لرفع الأسعار عن السعر الذي تم الاتفاق عليه، ليصل إلى 280 دولاراً للطن الواحد.
وتضيف المصادر من دمشق أن نظام الأسد دعا "شركات خاصة ورجال أعمال لتدبر أمر استيراد القمح، ومن تلك الشركات "ماغا ورافكو وسيستوس والشرق الأوسط" وغيرها عارضاً هامش ربح جيدا، على أن تسدد لهم الدولة 301 دولار على كل طن يصل إلى الموانئ السورية".
وتزداد أزمة تأمين نظام الأسد خبز السوريين بعد تراجع الإنتاج من نحو 4 ملايين طن عام 2010 إلى 1.5 مليون طن الموسم السابق، لا تزيد حصة المناطق الخاضعة لنظام الأسد منها على 400 ألف طن.
وحسب تصريح سابق لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة الأسد، طلال البرازي: تحتاج سورية سنوياً نحو مليوني طن من القمح الطري، تم تأمين 700 ألف طن منها من السوق المحلية.
واستورد نظام الأسد العام الماضي، وفق تصريح سابق لمدير المؤسسة السورية للحبوب التابعة للنظام، يوسف قاسم، مليونا و200 ألف طن من القمح، وهي ذات منشأ روسي بالكامل، بقيمة 310 ملايين دولار.