استمع إلى الملخص
- المزايا الاقتصادية والأمنية: يوفر الربط مساراً بديلاً وآمناً لنقل النفط، يعزز اقتصاد وأمن إسرائيل، ويقلل المخاطر الأمنية المرتبطة بمضيق هرمز، ويؤمن مخزون الطوارئ.
- التحديات والانتقادات: يواجه المشروع انتقادات بسبب الإدارة السيئة للطاقة في إسرائيل، المخاوف البيئية، وتأثير خطة ترامب بشأن غزة على العلاقات السعودية الإسرائيلية.
كشف العميد المتقاعد أمير أفيفي، وهو خبير اقتصادي وعسكري إسرائيلي عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحث خلال زيارته للولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ربط خطوط النفط الإسرائيلية بالسعودية لمنافسة مصر في مجال نقل الطاقة لأوروبا عبر قناة السويس الحيوية، وتحويل إسرائيل إلى مركز للطاقة.
وأكد، في تقرير نشره في صحيفة "يديعوت احرونوت" السابع من فبراير/شباط الجاري، أن زيارة نتنياهو لأميركا ولقائه ترامب كانت "فرصة استراتيجية لتطوير مكانة إسرائيل كي تصبح مركزاً حيوياً للطاقة، بما يحولها إلى قوة إقليمية على مستويي الاقتصاد والطاقة. وقال إن "هناك مصلحة جدية على مستويي الاقتصاد والطاقة في ربط خط أنابيب إيلات –عسقلان -أشكلون بخط الأنابيب السعودي في البحر الأحمر"، مؤكداً أن هذا "سوف يغير قواعد اللعبة، ويضع إسرائيل لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة العالمية".
وعدّد أربع مزايا لهذا الربط الذي سيأتي عقب تطبيع العلاقات مع السعودية هي أنه سيسمح للتنافس مع مصر حول النفوذ في قناة السويس ويبعد الخطر الإيراني عن نقل النفط عبر مضيق هرمز، وتأمين مخزون الطوارئ في اسرائيل، وتعزيز اقتصادها وأمنها الوطني. ويدور الحديث الإسرائيلي عن ربط خط شركة أنابيب إيلات – عسقلان –أشكلون، أو شركة "يوروب آسيا بايبلاين" (EAPC)، وهي شركة تدير خطوط أنابيب النفط والغاز في إسرائيل، وتوفر حوالي 75% من الطاقة للاقتصاد الإسرائيلي، بخط الأنابيب السعودي في البحر الأحمر ما سيعطي إسرائيل مفتاحاً عالمياً لنقل الطاقة إلى أوروبا، تنافس بها دور قناة السويس التي تنقل نفط الخليج إلى أوروبا.
وسبق أن أكد نتنياهو لشبكة "سي أن أن" الأميركية في سبتمبر/أيلول 2023، أن توصل إسرائيل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، سوف "يخلق ممراً من خطوط أنابيب الطاقة وخطوط السكك الحديدية وكابلات الألياف الضوئية بين آسيا عبر السعودية والأردن وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة". وحين عطلت الحرب على غزة موانئ الاستيراد الرئيسية الإسرائيلية المطلة على البحر المتوسط، استعملت تل أبيب خطة بديلة قديمة تتمثل في الاستعانة بخط أنابيب (EAPC) وطوله 254 كيلومتراً (158 ميلاً) ويربط الساحل الضئيل لإسرائيل على البحر الأحمر بمصافي تكرير النفط في البلد.
فرصة ذهبية لإسرائيل
ويرى الخبير الاقتصادي والعسكري الإسرائيلي أمير أفيفي للصحيفة، أنه منذ ستينيات القرن الماضي، تمتلك إسرائيل واحدة من أهم الأوراق في خريطة الطاقة الدولية، وهي قدرتها على سرعة نقل النفط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ما يعتبر فرصة ذهبية لها. وشرح الأمر بقوله إن خط الأنابيب السعودي (East-West Pipeline)، أو خط أنابيب الشرق-الغرب، المعروف أيضاً باسم "بترولاين" (Petroline)، وهو خط أنابيب نفط يمتد بطول 746 ميلًا (1201 كيلومتر) ويبلغ قطره 48 بوصة (120 سم)، ويبدأ من حقل بقيق السعودي، يمكن ربطه بميناء إيلات، على طول نحو 1200 كيلومتر.
وأكد أن هذا الخط السعودي، وهو أحد أهم خطوط الأنابيب التابعة لشركة أرامكو (ARAMCO) السعودية، ويربط بين حقل النفط "بقيق" الذي يقع في المنطقة الشرقية السعودية، بالقرب من البحرين وقطر، وميناء "ينبع" على البحر الأحمر، "يمثل فرصة لامتداد استراتيجي إضافي للبنية التحتية للطاقة في إسرائيل".
وتم بناء هذا الخط خلال الحرب الإيرانية العراقية لتقليل الاعتماد على مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران، ويتيح هذا المسار نقل النفط بأمان، عبر مضيق باب المندب، مع تقليل الاعتماد على خطوط الأنابيب الأُخرى، مثل خط الأنابيب المصري ذي السعة الأقل. ويوفر خط شركة EACP الإسرائيلية، التي تستخدم أنبوباً من أجل نقل النفط الخام من ميناء إيلات على البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان، بنية تحتية ثنائية الاتجاه وواسعة النطاق، ما يتيح لإسرائيل أيضاً مخزوناً أمنياً استراتيجياً لحالات الطوارئ.
وتتمتع مصر حالياً، بمكانة لا جدال فيها في مجال نقل الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا، عبر قناة السويس، لكن إسرائيل تريد استغلال أوجه قصور للقناة مثل هجمات الحوثيين، والعوائق الأمنية، والازدحام البحري، والحوادث المفاجئة، مثلما حدث حين علقت السفينة "Ever Given" عام 2021، وأغلقت القناة ما سبّب خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، عن طريق عرض خدماتها لنقل النفط الخليجي برياً عبر أنابيبها إلى أوروبا.
وتروج الخطة الإسرائيلية أن شركة EAPC توفر مساراً بديلاً وسريعاً وآمناً لنقل النفط من الخليج العربي إلى أوروبا، كذلك، كما أن النقل البري، عبر إسرائيل، يتيح توفير وقت الانتظار في البحر، وتقليل المخاطر الأمنية، وتمكين منتجي النفط من الحفاظ على مرونة لوجستية عالية. والأهم من وجهة النظر الإسرائيلي هو أن هذا يوفر خططاً مستقبلية لربط إسرائيل بشبكات اتصالات تربط الشرق بالغرب، ما يمنحها فرصة التحول إلى مركز تجاري حيوي، حيث سيتيح هذا الممر الإسرائيلي السعودي، لو تم، تجارة ضخمة في كلا الاتجاهين، بما في ذلك نقل النفط من أذربيجان إلى الصين بسرعة وكفاءة أكبر.
لكن الخبير الأمني الاقتصادي الإسرائيلي ينتقد المسؤولين في بلاده وتأخيرهم تسخيره إمكانات تل أبيب لتصبح رائدة في مجال الطاقة، مرجعاً ذلك إلى "الإدارة السيئة لقطاع الطاقة التي تضع إسرائيل في خطر مباشر، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل أيضاً على الصعيد الأمني"، وحذر من منافسة دول أخرى لإسرائيل في هذا المجال. وكانت مراكز أبحاث إسرائيلية حذرت في يناير الماضي، من "تخطيط تركيا لإنشاء ثلاثة ممرات للطاقة في سورية"، وأكد مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية" أن هذه الخطوط التركية سوف تنسف طموحات إسرائيل الإقليمية.
الطوفان الأقصى وأزمات الطاقة
وكان تقرير "مراقب الدولة" في إسرائيل، الذي رصد أخطاء واكبت التعامل مع حرب "طوفان الأقصى"، كشف أن استعداد الدولة الإسرائيلية لمواجهة أزمات في الطاقة كانت ضعيفة، إذ فرضت وزارة حماية البيئة قيوداً على تفريغ النفط الخام في ميناء إيلات، الأمر الذي زاد في تعقيد الوضع قبيل اندلاع الحرب.
أيضاً لم تخصص وزارة الطاقة الميزانية اللازمة للحفاظ على البدائل الأمنية، وضمان التعددية في مصادر الطاقة، وهو ما ترك إسرائيل من دون خطة طوارئ كافية.
وسبق أن تحججت جهات حكومية إسرائيلية بحماية البيئة في خليج إيلات، والشعاب المرجانية ما أوقف مشاريع طاقة في المنطقة حرمت إسرائيل من الاندماج في سوق الطاقة العالمية، وفق صحف إسرائيلية. ومع هذا تم السماح بصفقة نفط أبرمتها الشركة الحكومية EAPC مع شركة "MRLB" الإماراتية، رغم أنها تحمل في طياتها مخاطر بيئية محتملة كبيرة على البيئة ومحطات تحلية المياه في إسرائيل، وفق صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية.
من هنا أهمية مشروع ربط الخط الإسرائيلي بالخط السعودي لتصبح إسرائيل لاعباً رئيسياً في الساحة الدولية للطاقة، ولتعزيز العلاقات مع السعودية، ومع شركاء آخرين في الخليج، ومنافسة مصر على النفوذ في قناة السويس، وتأمين مخزون الطوارئ في اسرائيل، بحسب ما تطالب صحف الاحتلال. وقال محللون سياسيون واقتصاديون لـ"وكالة الأنباء الفرنسية" في السابع فبراير الجاري إن خطة ترامب بشأن غزة قد تعرقل العلاقات السعودية الإسرائيلية وتهدد محاولات إقامة علاقات تاريخية بين السعودية وإسرائيل ومشاريع اقتصادية ونفطية عديدة.
هل تتضرر قناة السويس من المخططات الإسرائيلية؟
وسبق أن نفت هيئة قناة السويس في فبراير 2021، ما تم تداوله على بعض وسائل الإعلام بشأن تأثير مشروع خط أنابيب (إيلات -عسقلان) على تنافسية القناة. وأكدت إدارة القناة، في بيان، أن الحديث عن تأثير خط الأنابيب (إيلات – عسقلان) على حركة تجارة البترول المارة بالقناة تم تداوله بصورة خاطئة ومجتزأة، موضحة أنه من المتوقع ألا يتعدى نسبة ذلك التأثير 12% -16%، من حجم تجارة البترول الخام المتجهة شمالاً (أوروبا) وليس من إجمالي حركة التجارة العابرة للقناة، وبما يمثل نحو 0.61% فقط من إجمالي حركة التجارة المارة بقناة السويس لمختلف أنواع السفن.
وأكدت تقارير ودراسات تحليلية أعدتها الوحدة الاقتصادية التابعة لهيئة قناة السويس أن ثمة أسباب لعدم وجود تأثير فعلي من تشغيل خط الأنابيب (إيلات – عسقلان) على حركة الملاحة المارة بقناة السويس. وأبرزها اعتماد دول الخليج العربي خاصة (الإمارات والسعودية والكويت) في تصدير البترول الخام بشكل كبير على السوق الآسيوي، خاصة (الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان) بنسبة تزيد عن 85% من الصادرات البترولية لمنطقة الخليج العربي وذلك لوجود استثمارات مشتركة مع تلك الدول إلى جانب تزايد نشاط تكرير البترول بآسيا.