نائب رئيس البرلمان الأوروبي: "جيل زد" حامل لمشروع عالمي للعدالة
استمع إلى الملخص
- الاحتجاجات في نيبال ومدغشقر والمغرب تكشف عن شعور عميق بالضيق وثورة ضد غلاء المعيشة والبطالة والفساد، مما يعكس وعياً شبابياً عالمياً ينجح في تغيير مواقف الحكومات الأوروبية.
- يدرك "جيل زد" أن النظام الاقتصادي العالمي يعاني من تفاوتات عميقة، ويطالب بإعادة التوزيع ومكافحة الفساد وتكافؤ الفرص، مما يجبر المجتمعات على مواجهة حقيقة أن العدالة الاجتماعية ضرورية للاستقرار والسلام.
يكشف نائب رئيس البرلمان الأوروبي يونس عمرجي في حوار مع "العربي الجديد"، رؤيته لغضب "جيل زد"، معتبراً أنه ليس مجرد جيل غاضب، بل حامل لمشروع عالمي للعدالة والمشاركة في التنمية.
وأوضح أن ما يحدث في كاتماندو (عاصمة نيبال) وأنتاناناريفو (عاصمة مدغشقر) يعكس الوعي الجيلي نفسه: وعيٌ بالولادة في عالم يعاني أصلاً أزمة بيئية، يتسم بتزايد التفاوتات ونهاية الأوهام "النيوليبرالية". وفيما يلي نص الحوار:
* هل يمتلك "جيل زد"، من خلال احتجاجاته وغضبه من غلاء المعيشة، القدرة على زعزعة النظام الاقتصادي القائم وإحداث تغيير حقيقي؟
لا يمتلك "جيل زد" بعد، وحده، القدرة على تغيير نظام اقتصادي عالمي يعاني تفاوتاً شديداً وانغلاقاً شديداً، لكنه يحمل بالفعل وعداً. وتكمن قوته في قدرته على ابتكار سرديات، وخلق أشكال جديدة من التضامن، وفرض مطالب غير مسبوقة بالعدالة، أكثر من الاحتجاج وحده.
* ما الذي تكشفه احتجاجات نيبال ومدغشقر والمغرب؟
تكشف عن شعور عميق بالضيق، وثورة ضد غلاء المعيشة والبطالة والفساد، ولكنها تكشف أيضاً عن رغبة في التحرر. تُظهر هذه الحركات أن شباب "العالم الهامشي" يرفضون الآن أن يُحاصروا في وضع هش، ويطمحون إلى المساواة والكرامة والتنمية.
* هل يمكننا الحديث عن ظاهرة عالمية تتجاوز البلدان الفردية؟
نعم. ما يحدث في كاتماندو (عاصمة نيبال) وأنتاناناريفو (عاصمة مدغشقر) يعكس الوعي الجيلي نفسه: وعيٌ بالولادة في عالم يعاني أصلاً أزمة بيئية، يتسم بتزايد التفاوتات ونهاية الأوهام "النيوليبرالية". نرى شظايا من أرخبيل عالمي من الشباب في حالة نضال. كما نشهد وعياً شبابياً عالمياً، ولا سيما في منظمة "أوروبا من أجل السلام"، يتجلى بوضوح في إدانة الإبادة الجماعية في غزة. كما ينجح في تغيير مواقف الحكومات الأوروبية.
* هل يمكن لهذه التحركات أن تؤدي إلى تغييرات ملموسة؟
يُظهر التاريخ أن الاضطرابات الكبرى تنشأ دائماً من لقاء الشباب في الحركة والأزمات النظامية. نحن نعيش في إحدى هذه اللحظات. يمكن لـ"جيل زد" أن يكون حافزاً إلى إعادة التوازن العالمي، شريطة أن تجد طاقته مسارات سياسية واجتماعية قادرة على تحويل الاحتجاج إلى تغيير هيكلي. ومن هذا المنطلق، ليس هذا الجيل جيل الغضب فحسب، بل جيل يحمل إمكانيات جديدة.
* هل تعتقد أن مطالب هذا الجيل تتجه إلى جعل النموذج الاقتصادي الحالي أكثر عدالة في توزيع الثروة والفرص؟
أعتقد أن المسألة المطروحة هنا تتجاوز مجرد مسألة التوزيع الوطني للثروة. يدرك هؤلاء الشباب أن النظام الاقتصادي العالمي يعاني تفاوتاً عميقاً.
يرون أن العولمة قد أفادت البعض، لكنها رسّخت أيضاً تراتبيات موروثة من الاستعمار: فالشمال يحافظ على هيمنته في سلاسل القيمة، بينما يظل الجنوب، خاصة تلك الدول التي تحاكي دول القارة الأفريقية، محصوراً في دور مورد المواد الخام والعمالة منخفضة التكلفة. لذا، فإن غضب هذا الجيل مدفوع بوعي عميق بهذا الظلم العالمي.
في دعوتهم إلى العدالة الاجتماعية، نلمس مطلباً مزدوجاً: أولاً، على المستوى المحلي، إعادة التوزيع، ومكافحة الفساد، والشفافية، وتكافؤ الفرص. ولكن أيضاً، على المستوى العالمي، نهاية نظام دولي يعيق نهضة شعوب الجنوب.
هؤلاء الشباب، بوعيهم العالي، لا يطالبون بظروف معيشية أفضل حالاً فقط، بل يطالبون أيضاً بفرصة المشاركة الكاملة في التاريخ والتنمية العالمية. إنهم يرفضون البقاء على الهامش. ما هي الاستنتاجات التي يستخلصونها، على سبيل المثال، من الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على تأشيرات الدراسة في الخارج؟ وما هي العواقب التي يستنتجونها من استحالة استفادتهم من العولمة كغيرهم من الشباب حول العالم؟ هذا يُغذي الإحباط والشعور بالظلم.
* إذن هذا الجيل وكأنه يقود مشروعاً لتغيير النموذج الاقتصادي؟
إلى حد ما، نعم، حتى لو لم يُصَغ هذا المشروع بصدق أو حتى لم يوجد، لكنه يُعبَّر عنه من خلال تحدٍّ لمنطق الاكتناز، ومن خلال التطلع إلى نظام أكثر عدالة في توزيع الثروة والفرص. من خلال غضبهم، يطرحون سؤالاً عاماً: هل ينبغي أن يستمر الاقتصاد في خدمة دخل الأقلية، أم ينبغي أن يصبح مرة أخرى أداةً لخدمة الصالح العام وكرامة كل فرد؟ أعتقد اعتقاداً راسخاً أن هذا الجيل، بفطنته ونفاد صبره، قادر على المساعدة في فرض مثل هذا النقاش.
لن يُسقط النظام وحده، ولكنه يُجبر مجتمعاتنا ونخبنا وحكوماتنا ومؤسساتنا الدولية على مواجهة حقيقة: بدون عدالة اجتماعية وبدون إعادة توازن اقتصادي عالمي، لن يكون هناك استقرار ولا سلام ولا مستقبل. وبطريقة ما، يجب على المساواة الكوكبية أن تفرض نفسها فكرةً جديدةً للعالم.