استمع إلى الملخص
- شهدت إمليل إقبالاً كبيراً من السياح المحليين، مما أنعش النشاط السياحي، رغم عدم كفاية البنية التحتية لاستيعاب الطلب المتزايد.
- يلاحظ مراقبون نقص التركيز الحكومي على السائح المحلي، مع دعوات لاعتماد "شيكات العطل" لتشجيع السياحة الداخلية، دون وجود عروض تلبي احتياجات الأسر المغربية.
يفضل المواطن المغربي أمين أيت احماد قضاء عطلة الصيف في منطقة إمليل الجبلية الواقعة عند سفح جبل توبقال.
منطقة تمنح نسمة هواء منعشة بعيداً عن المدن التي تسجل هذه الأيام درجات حرارة قياسية لامست 50 في بعض المناطق.
يلوذ أيت احماد بمعية أسرته كما أوضح لـ"العربي الجديد" بمنطقة إمليل، التي تبعد عن مدينة مراكش بين 60 و70 كيلومتراً، هرباً من الحرارة غير المعتادة في مدينته الدار البيضاء، بحثاً عن نسمة منعشة، بجانب الأودية والشلالات، التي تنبثق من جبال الأطلس الكبير.
وقد دأبت مديرية الأرصاد الجوية بالمغرب، على تعميم النشرات الإنذارية من مستوى يقظة برتقال، إذ ترقبت تلك النشرات منذ يوليو/تموز الماضي طقساً حاراً مع هبات رياح في بعض الأحيان، وحذرت من أمطار قوية قد تؤدي إلى فيضانات، داعية المصطافين إلى توخي الحذر والابتعاد عن جنبات الأدوية.
يؤكد أيت احماد أنه لم يسبق له، وهو الذي دأب على زيارة المنطقة، أن كان شاهداً على مثل الإقبال الذي عرفته في الأيام الأخيرة، إلى درجة لم تستطع المآوي والنزل والفنادق وحتّى المنازل التي يجري إيجارها للسياح المغاربة استيعاب الطلب الكبير.
حركة السيارات والحافلات متوسطة الحجم التي تقصد قرية إمليل بطيئة، إذ يبحث الجميع عن نسمات منعشة تحت أشجار الجوز والوادي الذي أنعشته أمطار وثلوج الشتاء الماضي. وقد يواصل البعض السير قاصداً الشلالات الواقعة في الطريق الجبلي الفاصل بين إمليل وقمة توبقال التي تصل إلى 4165 متراً في سلاسل جبال الأطلس.
غصت المطاعم والمقاهي في قرية إمليل بزوارها من الأسر المغربية، واختارت أسر أخرى التوقف، حيث المطاعم والمقاهي المرتجلة، التي تحيط بها أشجار الجوز على جنبات الوادي في الطريق الفاصلة بين قرية آسني وقرية إمليل.
يؤكد عبد اللطيف إدم حم، الفاعل في القطاع السياحي، في تصريح لـ"االعربي الجديد" أنّ عدد غرف المبيت في النزل والفنادق في المناطق الجبلية لا تكفي لاستيعاب السياح المحليين الوافدين إلى القرى السياحية مثل إمليل وأورويكا وويركان ومولاي إبراهيم، رغم الاستثمارات المهمة التي أنجزها أبناء تلك المناطق من أجل جذب السياح.
غير أنه يؤكد أنّ إقبال الأسر المغربية على تلك المناطق ينعش النشاط السياحي والخدمات المرتبطة به، بل إنّ أسراً في المنطقة أضحت تعد منازلها بهدف استقبال السياح المحليين في الصيف، خاصة في شهرَي يوليو/ تموز وأغسطس/ آب.
ويشير إلى المناطق الجبلية التي عانت من تأثيرات الجفاف، ما يدفع الشباب إلى البحث عن إيرادات مالية عبر الأنشطة المرتبطة بالسياحة، إذ ينشر بعضهم كراسي وطاولات على جنبات الأدوية، ويعرضون زجاجات المشروبات الغازية.
ويذهب إلى أنه لا يمكن اختزال السياحة في المناطق الشاطئية التي تضيق بزوارها في الصيف، مؤكداً أنه يفترض استحضار الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر عليها المناطق الجبلية في المغرب، إذ يتوجب إدراجها ضمن العرض السياحي الموجّه للسياح المحليين.
ويرى مراقبون وفاعلون في السياحة أنّ السياسات الحكومية في الأعوام الأخيرة، لم تأخذ بعين الاعتبار السائحَ المحلي، إذ لم يجرِ إعداد عرض سياحي محلي لتلبية انتظارات الأسر المغربية عبر توفير إقامات تراعي طبيعة تلك الأسر في العديد من المدن الساحلية والمناطق الجبلية.
وجرت العادة على الشكوى من ارتفاع أسعار الخدمات السياحية الداخلية، إذ دعا البعض إلى اعتماد "شيكات العطل" المعفاة من الضريبة لتشجيع السياحة الداخلية. تلك الفكرة اقترحت بقوة في ظل الأزمة الصحية وتكبد السياحة الوطنية خسائر كبيرة. وسبق للحكومة أن عبرت قبل خمسة أعوام عن التطلع إلى رفع مساهمة السياح المغاربة بما بين 4 و5 مليارات دولار في إيرادات ذلك النشاط، وتأتي أهمية السياح المحليين من كونهم يساهمون في دعم ذلك النشاط على نحوٍ قويّ، وهو ما تجلّى خلال الأزمة الصحية، إذ خفّفوا من تداعياتها على المدن السياحية، غير أنه لم تتبلور عروض واضحة تراعي خصوصيات الأسر المغربية.