من غرائب ترامب... فرض الرسوم الجمركية الأميركية على ليبيا رغم غياب الصادرات

04 ابريل 2025
ميناء طرابلس في ليبيا، 19 يناير 2009 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أدرجت الولايات المتحدة ليبيا ضمن قائمة الدول الخاضعة لرسوم جمركية بنسبة 31% لمنع استخدامها كنقطة عبور لإعادة تصدير سلع من الصين وتركيا، في ظل ضعف الرقابة الجمركية الليبية.
- القرار يحمل أبعاداً سياسية ويهدف للضغط على ليبيا لتعديل سياساتها الاقتصادية، خاصة مع الصين وتركيا، مما أثر على الاقتصاد الليبي بشكل غير مباشر.
- تأثرت القوة الشرائية للمواطن الليبي بارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما يبرز أهمية إصلاح النظام المالي واستقرار السياسة النقدية لمواجهة الأزمات.

رغم غياب الصادرات الليبية عن أسواق الولايات المتحدة، أدرجت واشنطن البلد ضمن قائمة الدول الخاضعة لقرار الرسوم الجمركية وبنسبة عالية بلغت 31%، في خطوة أثارت تساؤلات حول دوافع القرار وانعكاساته. وبينما يرى البعض أنه إجراء غير مبرر، يشير خبراء الاقتصاد إلى أن الهدف الأساسي هو منع استخدام ليبيا نقطةَ عبور لإعادة تصدير سلع خاضعة لرسوم مشددة، خاصة من الصين وتركيا. ومع استمرار تداعيات الحرب التجارية العالمية، يواجه الاقتصاد الليبي ضغوطاً إضافية من ارتفاع تكاليف الاستيراد وأسعار السلع الأساسية، ما فاقم أعباء المواطنين وزاد من معدلات التضخم.

حول هذه النقطة، يرى المحلل الاقتصادي محمد أحمد أن فرض هذه الرسوم لا يرتبط بحجم التجارة بين ليبيا وأميركا، بل هو إجراء استباقي لمنع دخول سلع صينية أو أوروبية إلى السوق الأميركية عبر ليبيا. ويقول لـ"العربي الجديد": "يمكن عبر عمليات تحوير بسيطة إصدار شهادات منشأ ليبية لسلع غير ليبية، ما يجعل تصديرها إلى أميركا قانونيا ومربحا. وفي ظل ضعف الرقابة الجمركية في ليبيا، قد يصبح هذا السيناريو واقعاً، ما دفع واشنطن إلى اتخاذ هذا الإجراء الوقائي".

أما المحلل المالي صبري ضوء، فيرى أن القرار يحمل أبعاداً سياسية أكثر من كونه اقتصادياً، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنه "قد يكون هذا جزءاً من ضغط أميركي غير مباشر على ليبيا لتعديل سياساتها الاقتصادية، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الصين وتركيا، الشريكين التجاريين الرئيسيين لليبيا". ورغم أن قرار الرسوم الجمركية الإضافية لا يشمل النفط والغاز، إلا أن الاقتصاد الليبي تأثر بشكل غير مباشر بالحرب التجارية العالمية التي اندلعت في ولاية ترامب السابقة، وأدى تصاعد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية والتركية إلى ارتفاع الأسعار في السوق الليبية بسبب زيادة تكاليف الاستيراد".

وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية عادل المقرحي لـ"العربي الجديد" أن هذه السياسات لم تؤثر فقط على أسعار السلع المستوردة، بل ضربت أيضاً القوة الشرائية للمواطن الليبي. وفي بلد يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد، فإن أي زيادة في الرسوم أو التكاليف تؤدي إلى موجات تضخم جديدة. شهدنا ارتفاعا بنسبة 20%-30% في أسعار الإلكترونيات ومواد البناء وقطع الغيار، ما جعل الحياة أكثر صعوبة للمواطن العادي.

وأضاف المقرحي أن التأثيرات تشمل ارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة من الصين، بما في ذلك الإلكترونيات والمواد الغذائية، نتيجة زيادة تكاليف الشحن والإنتاج، وتضرر قطاع البناء، حيث شهدت أسعار الحديد والإسمنت والمواد الكهربائية ارتفاعا كبيرا بسبب زيادة تكاليف الاستيراد، وقال إن التأثير غير مباشر على قطاع النفط، إذ أدى اضطراب الاقتصاد العالمي إلى تقلبات في أسعاره، ما انعكس على الإيرادات الليبية، بينما يرى المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود أن الحل يبدأ من إصلاح النظام المالي، مشيراً إلى أنه ما دامت السياسة النقدية مضطربة وسعر الصرف غير مستقر، فإن أي أزمة خارجية، حتى لو كانت بعيدة، ستؤثر مباشرة على الاقتصاد الليبي.

وأوضح الأسود لـ"العربي الجديد" أن ليبيا لم تكن طرفاً مباشراً في الحرب التجارية، لكنها دفعت الثمن كما لو كانت في قلب الصراع. في ظل اقتصاد يعتمد بشكل شبه كامل على الواردات، وغياب سياسات اقتصادية فعالة لحماية المستهلكين والتجار، فإن أي اضطراب عالمي ينعكس سريعاً على الأسواق المحلية. وتعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج بنسبة 85% للسلع، وانخفض حجم التجارة الخارجية الليبية خلال النصف الأول من العام 2024 إلى 26.8 مليار دولار مقارنة مع 28.2 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام 2023 بنسبة تراجع قدرها 4.7%، وفق بيانات صادرة عن مصرف ليبيا المركزي.

المساهمون