منصور البشيري: فوضى سوق النقد وراء انهيار الريال اليمني

منصور البشيري: فوضى سوق النقد وراء انهيار الريال اليمني

15 ديسمبر 2020
+ الخط -

عدّد الخبير الاقتصادي البارز في اليمن، منصور البشيري، في مقابلة مع "العربي الجديد" الأسباب التي أدت إلى توسيع المضاربة بالريال وتدهور قيمته، وأبرزها الفوضى في سوق النقد بسبب تواصل الحرب.

وقال إن إحلال السلام أفضل حل لمعالجة كل هذه المشاكل المتفجرة بما فيها الأزمة الاقتصادية والنقدية، وشدد البشيري في حواره على أن الصراع والانقسام في المؤسسات المالية خصوصا البنك المركزي اليمني أدى لخروج العملة من إطار الدورة النقدية التي كانت تمر عبر البنوك وغيرها من القنوات المالية الرسمية.

وفيما يلي نص المقابلة:

- كيف أثرت الحرب الدائرة في اليمن على الاقتصاد الوطني، وتقديراتك لحجم الخسائر التي تكبدها منذ بداية الحرب؟

بالتأكيد كان للحرب تأثير سلبي كبير على الاقتصاد الوطني من حيث الخسائر المباشرة المتمثلة بالقصف وتدمير البنى التحتية والمنشآت وتقدر بأكثر من 100 مليار دولار.

الأمر الآخر يتمثل بتكلفة الفرص البديلة من حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي والذي تراجع بمعدلات سلبية كبيرة، إذ تراجع في العام الأول من الحرب بمعدل 28 إلى 30%، وفي العام الثاني انخفض بمعدل 15% مع استمرار التراجع في كل عام منذ 2015، إي أن الناتج المحلي خلال السنوات الخمس الماضية انخفض بمعدل 50% من قيمته التي كان عليها قبل الحرب.

لذا تجد أن الخسائر المتراكمة وصلت مع نهاية العام الماضي إلى نحو 88 مليار دولار، أضف إلى ذلك خسارة القوى العاملة وتوقف الأعمال، لذا كان للحرب تأثير مدمر على الاقتصاد الوطني بشكل عام.

- ما أسباب الانهيار المتسارع الذي تشهده العملة الوطنية وانخفاض الريال مقابل العملات الأخرى وكيف يمكن تلافي التبعات الكارثية لهذا الانهيار المتواصل؟

سوق النقد مثل أي سوق أخرى يخضع للعرض والطلب، لذا تجد أن محدودية العرض النقدي من العملات الأجنبية ساهمت وبصورة كبيرة في ارتفاع سعر صرفه مقابل الريال اليمني وتدهور قيمته، والسبب في ذلك يعود إلى توقف صادرات النفط والغاز التي كانت عائداتها بالدولار، إضافة إلى انكماش عائدات أخرى مهمة مثل تحويلات المغتربين.

أيضا تراجع إجمالي المساعدات الخارجية التي كانت تمنح لليمن من قروض ومنح مالية وتمويلات والتي كانت تذهب بشكل رسمي إلى خزينة الدولة. إلى جانب أسباب أخرى مثل فقدان الثقة والأمان.

- ماذا عن انقسام المؤسسات المالية والذي يعتبره كثير من المراقبين من الأسباب الرئيسية ذات التأثير الواضح والمباشر على تدهور العملة؟

هذا أمر مؤكد فالصراع والانقسام في المؤسسات المالية خصوصا البنك المركزي اليمني أدى لخروج العملة من إطار الدورة النقدية التي كانت تمر عبر البنوك وغيرها من القنوات المالية الرسمية، وهو ما ساهم في خلق فائض من العرض النقدي المحلي خارج هذه الإطارات الرسمية نتج عنه ما نشاهده من مضاربة بالعملة والتي أصبحت مرتعا خصبا وإحدى المجالات الرئيسية للاستثمار بالذات لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وبعض البنوك وقطاع الصرافة.

- هل تسبب قرار نقل البنك المركزي اليمني وتوقف رواتب الموظفين المدنيين في تفجير الأزمة الإنسانية بالبلاد؟

لا أعتقد أن نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن كان السبب الرئيسي الذي أدى إلى تفجير الأزمة الإنسانية وتوقف صرف رواتب موظفي القطاع العام، بل هذا يعود إلى الانكماش الاقتصادي في المقام الأول، طالما لا يوجد فرص عمل وإنتاج وتحصيل إيرادات القطاع الخاص وغيره في الدورة النقدية، لذا بالتأكيد ستكون هناك أزمة إنسانية ومعاناة، ومسألة انقسام البنك وتوقف الرواتب فاقمت الأزمة. ولكن المشكلة الأساسية في الأزمة الإنسانية في اليمن هي الحرب.

- ينفّذ البنك المركزي في عدن إجراءات متعددة لمواجهة انهيار العملة، لكن لا أثر ملموساً لها حتى الآن في وقف نزيف الريال.. فما السبب من وجهة نظرك؟

هذا شيء طبيعي لأن البنك المركزي في عدن لا يسيطر على الدورة النقدية كاملة، ولا يتحكم بالسياسة النقدية في كل المناطق اليمنية، البنك انتقل إلى عدن بدون كوادر قادرة على إدارة السياسة النقدية والسياسة الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى شبهة الفساد التي تدار حوله.

- ما الذي يجب عمله لتحييد الورقة الاقتصادية عن الصراع الدائر ووضع حد لكل الأزمات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية المتفجرة في البلاد؟
إحلال السلام أفضل حل لمعالجة كل هذه المشاكل المتفجرة بما فيها الأزمة الاقتصادية والنقدية، بدون ذلك ستكون حلولا لا تسمن ولا تغني من جوع ومهدئات ستعالج أزمات جزئية هنا وهناك، لكن لن يتم القضاء على رأس ومنبع كل هذه المشاكل والأزمات المتمثلة بالحرب وتبديد موارد البلد ومحاصرته.

لذا لا حل أفضل من إنهاء الصراع وإيقاف الحرب، ومن ثم البحث عن الحلول الأخرى بشرط إسناد الملف الاقتصادي لشخصيات اقتصادية محايدة غير مسيسة ولا علاقة لها بالصراع الدائر تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه في أي مرحلة مقبلة.

المساهمون