استمع إلى الملخص
- أليس فايدل انتقدت التحول للطاقة الخضراء ودعت للاستثمار في الطاقة النووية والفحم، بينما هابيك انتقد سياسات الاتحاد المسيحي والبديل، مقترحًا تحسين رعاية الأطفال لزيادة مشاركة النساء في سوق العمل.
- أظهرت استطلاعات الرأي اهتمام الشباب بقضايا التعليم والإسكان والصحة والمناخ، مع تأكيد الباحثين على ضرورة تخفيض الضرائب والاستثمار في البنية التحتية والابتكار.
شكلت المناظرة الرباعية، التي جرت مساء الأحد بين مرشحي الأحزاب الرئيسية الأربعة في ألمانيا لمنصب المستشار، مناسبة للإعلان عن الطروحات الاقتصادية والمالية لأحزابهم، وذلك قبل أسبوع من موعد الانتخابات البرلمانية العامة المبكرة، التي عادةً ما تحظى القضايا الاقتصادية فيها باهتمام الناخبين، لما لها من تأثير مباشر على حياتهم ورفاهيتهم. ويأتي ذلك في وقت تعيش فيه البلاد مرحلة ركود اقتصادي، حيث يعاني المواطنون من ارتفاع الضرائب والمصاريف الثابتة، سواء على مستوى الإيجارات والتأمينات أو تكاليف المعيشة بشكل عام.
وعلى مدى 120 دقيقة، ناقش المستشار الألماني أولاف شولتز مع نظرائه المرشحين للمنصب، فريدريش ميرز عن الحزب المسيحي الديمقراطي وروبرت هابيك عن حزب الخضر وأليس فايدل مرشحة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، وعودهم الانتخابية ونظرتهم المستقبلية لمعالجة القضايا السياسية، مثل حرب أوكرانيا والهجرة، إضافةً إلى السياسات الاقتصادية والضريبية وسياسات الطاقة والمعاشات التقاعدية والصحية، إلى جانب الركود الاقتصادي وإفلاس الشركات وهجرتها من البلاد. وبرزت خلال المناظرة خلافات واضحة، كما غياب أرضية مشتركة للتعامل مع هذه القضايا.
وفي هذا السياق، أكد المستشار شولتز أن الانتخابات تتعلق في المقام الأول بمدى النزاهة في السياسة المالية، مشددًا على أن إصلاح نظام كبح الديون ضروري لعدة اعتبارات، من بينها تمويل الجيش الأوكراني في المستقبل. وأشار إلى أن حزبه يخطط لزيادة معدل الضرائب على أصحاب المداخيل المرتفعة مقابل تخفيضها على أصحاب الأجور العادية، مجددًا التذكير بأن نحو 95% من دافعي الضرائب سيستفيدون من هذه التخفيضات، فيما يجب على من يجني مئات الآلاف من اليوروهات أن يدفع المزيد. وأضاف: "سوف يدفع الناس مثلي المزيد، وهذا أمر عادل".
إلى جانب ذلك، شدد شولتز على أهمية خفض الإيجارات السكنية، مؤكدًا ضرورة توفير المزيد من الإسكان الاجتماعي. كما اتهم مرشح الاتحاد المسيحي ميرز بالسعي إلى تخفيف العبء الضريبي عن ذوي المداخيل المرتفعة على وجه الخصوص عبر خططه لخفض الضرائب، موضحًا أن ذلك "ليس عادلًا ولا منصفًا".
أما المرشح ميرز، فقد أكد أن الاتحاد المسيحي قادر على إخراج البلاد من الركود، مشيرًا إلى أنه مع الاحتفاظ بمعدل الضريبة الأعلى، لكنه يدعو إلى رفع الحد الأقصى من 66 ألف يورو إلى 80 ألف يورو من الدخل قبل فرض الضريبة الأعلى. كما اتهم المستشار شولتز ووزير الاقتصاد الحالي المرشح هابيك بأنهما مسؤولان عن أكبر أزمة اقتصادية في تاريخ ألمانيا بعد الحرب. وأضاف أن الائتلاف الحاكم، الذي يضم حزبي شولتز وهابيك إلى جانب الحزب الليبرالي، اتبع سياسات اقتصادية مضللة في ظل الركود الاقتصادي الذي تعاني منه ألمانيا، مستشهدًا بالتدابير المتبعة بخصوص سلاسل الإمداد وإغلاق محطات الطاقة النووية، وهو ما أدى إلى زيادة الأعباء على الشركات ودفع بعضها إلى إعلان الإفلاس.
وعلاوة على ذلك، شدد ميرز على ضرورة التخلص من "وحش البيروقراطية"، معتبرًا أن خفض الضرائب على الشركات سيساهم في تعزيز فرص العمل والحد من البطالة. كما أعرب عن تفاؤله بأنه، في حال قيادة حزبه الائتلاف المستقبلي، فإن حكومته ستكون قادرة على تحقيق تحول اقتصادي في ألمانيا. وأضاف: "لدينا خطة لهذا البلد، وعلينا أن نضمن تحرك الاقتصاد إلى الأمام مرة أخرى، وأنا مقتنع تمامًا بذلك."
من جانبها، أكدت مرشحة حزب البديل أليس فايدل أن حزبها يريد الاستثمار في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والطاقة النووية. كما وجهت اتهامات لوزير الاقتصاد المرشح هابيك، معتبرةً أنه جعل كل شيء "أكثر تكلفة" من خلال التحول إلى الطاقة الخضراء، وهو ما استدعى ردًا من هابيك، الذي أشار إلى أن حزب البديل "ليست لديه مشكلة في استيراد الغاز من روسيا، لأنه خاضع لبوتين".
أما مرشح حزب الخضر هابيك، فقد هاجم خطط حزبي الاتحاد المسيحي والبديل اليميني الشعبوي، معتبرًا أنهما يعتزمان اتباع "سياسات ضريبية غير عادلة اجتماعيًا، لأنها غير ممولة". كما اتهم ميرز بعدم القدرة على تمويل تخفيضات الضرائب التي أعلن عنها من خلال النمو وحده، موضحًا: "لجمع المبلغ اللازم بين 90 ملياراً إلى 100 مليار يورو، نحن بحاجة إلى نمو يتراوح بين 9% إلى 10%".
وأكد هابيك أن ما يقدمه كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي يمكن تصنيفه ضمن "فودو إيكونومي" (اقتصاد الفودو)، وهي سياسة توصف بأنها غير واقعية وغير مدروسة، خاصة في ما يتعلق بالحفاظ على مستويات الإنفاق العام أو زيادتها مع خفض الضرائب في الوقت نفسه. وأوضح أن ذلك سيؤدي إلى خلل مالي وزيادة العجز في الميزانية المستقبلية، كما اقترح تأمين المعاشات التقاعدية من خلال توفير رعاية أفضل للأطفال، ما سيمكن حوالي مليون امرأة من دخول سوق العمل.
وفي هذا السياق، رأى الباحث كاي مورشلات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "لا خلاص لألمانيا إلا بتخفيض الضرائب"، معتبرًا أن ذلك يساعد في رفع الاستهلاك، كما يساهم في تحفيز استقطاب اليد العاملة الماهرة إلى البلاد في ظل النقص الكبير الذي تواجهه ألمانيا حاليًا، حيث تزداد المنافسة على هذه العمالة بين الدول الأوروبية المجاورة. كما شدد على ضرورة الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا والرقمنة من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية، خاصة في ظل الهجمة الصينية على الأسواق الأوروبية.
وفي سياق متصل، ذكرت شبكة التحرير الألمانية، اليوم الاثنين، أن أحدث استطلاعات الرأي أظهرت أن القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا تشمل التعليم والإسكان والإيجارات والصحة والرعاية الاجتماعية والمناخ.
ومن ناحية أخرى، أظهر تحليل لمعهد موزيس مندلسزون أن إيجار غرفة في سكن مشترك للطلاب في الجامعات الألمانية يبلغ حاليًا 489 يورو، وهو في ارتفاع مستمر. أما في ما يتعلق بأجور المتدربين، فيتضح أن متوسط الراتب في الشركات الخاضعة لاتفاقيات جماعية يبلغ 1133 يورو.
والجدير بالذكر أنه وفقًا لمكتب الإحصاء الفيدرالي، فإن خط الفقر في ألمانيا يُحدد عند 1378 يورو صافية شهريًا، ما يبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الألمان، خاصة في ظل الركود الراهن.