مقابلة | وكيل وزارة الطاقة السودانية: المليشيات دمرت طاقة السودان والخسائر 20 مليار دولار
استمع إلى الملخص
- التداعيات الاقتصادية والاجتماعية: انخفض استهلاك الوقود بنسبة 50% بسبب تحرير الأسعار ورفع الدعم، مما أدى إلى ترشيد الاستهلاك ووقف التهريب، مع اعتماد البلاد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها.
- التعاون الدولي وخطط المستقبل: يسعى السودان لتعزيز التعاون النفطي مع جنوب السودان واستقطاب استثمارات دولية، مع خطط لإعادة الإعمار وزيادة الإنتاج بعد انتهاء الحرب.
يقول وكيل وزارة الطاقة والنفط السودانية، محيي الدين نعيم محمد سعيد، في مقابلة مع "العربي الجديد" إنه نتيجة لدخول المليشيات إلى الحقول، تراجع الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى استيراد كل احتياجات المشتقات النفطية، مشيراً إلى أن خسائر القطاع بلغت 20 مليار دولار.
ويؤكد أنه نتيجة لدمار الحقول والمنشآت والخطوط الناقلة والمستودعات في المصافي والضربات المتتالية على القطاع، فقدت البلاد كل مقومات إنتاج النفط، وباتت تستورد كل احتياجاتها. وفيما يلي نص المقابلة:
- كيف دمرت المليشيات قطاع النفط من إنتاج وتصدير وتخريب للخطوط الناقلة والاستيراد؟
تضرر قطاع النفط من عدة جوانب، منها ضرر في المنشآت النفطية، وضرر آخر يتمثل في فقدان الخام النفطي والمنتجات النفطية المحفوظة في المستودعات الاستراتيجية من إنتاج مصفاة الخرطوم، فضلاً عن التخريب والتلف المتعمد في الحقول، وسرقة الكوابل الخاصة بالمعدات والمعسكرات وسكن العاملين والمخازن الخاصة بقطع الغيار، وتخريب حتى مباني رئاسة الوزارة.
أما في مصفاة الخرطوم، فقبل تدميرها بالكامل توقفت تماماً عن العمل، إذ تم تخريب مستودع الخام الخاص بالمصفاة، مما أدى إلى فقدان نحو 210 آلاف برميل من الخام، وتدمير منشآت أخرى منها مستودع البنزين ومستودع الغاز، وكانت جميعها مليئة بالمنتجات البترولية.
هذا بالإضافة إلى مجموعة من مستودعات شركات التوزيع الموجودة في مركز التحكم بالجيلي، مما أدى إلى فقدان كميات مقدرة من المنتجات النفطية لكل الشركات. ومن ثم تم تدمير المصفاة بالكامل بعد أن ضاق الخناق على المليشيا من القوات المسلحة، وقبل أن يحررها الجيش قاموا بإحراقها بالكامل.
- كم تُقدَّر تكلفة خسائر القطاع على وجه العموم؟
نتيجة لدمار الحقول والمنشآت والخطوط الناقلة والمستودعات في المصافي والضربات المتتالية على القطاع، فقدت البلاد كل مقومات إنتاج النفط، ووصلت تعديات المليشيا إلى أن توقف إنتاج وضخ نفط الجنوب في مناطق المعالجة المركزية، حيث أوقفنا من جانبنا المحطة المركزية في هجليج حفاظاً على حياة العاملين وما تبقى من منشآت نفطية. هذه التطورات أثرت كثيراً على القطاع الذي خسر أكثر من 20 مليار دولار.
- ما هي التداعيات السلبية التي تركتها الحرب على القطاع من حيث وفرة النفط والوقود؟
انخفض الاستهلاك بعد اندلاع الحرب وخروج عدد من الولايات على رأسها الخرطوم والجزيرة إلى نحو 50%، وأصبح الاستهلاك نحو ثلاثة ملايين و200 ألف طن في العام، عوضاً عن ستة ملايين طن في العام.
هذا هو الاستهلاك الكلي للسودان قبل اندلاع الحرب من المحروقات، ولم يكن هذا بسبب النزوح، بل منذ فترة طويلة يوجد استقرار في الوقود يعود إلى ما قبل الحرب، وذلك بفضل الاتجاه إلى تحرير أسعار الوقود ورفع الدعم والبيع بسعر التكلفة، مما أدى إلى توقف الصفوف والأزمة في المحروقات لسببين هما: ترشيد الاستهلاك نسبة لارتفاع الأسعار والبيع بالتكلفة الحقيقية، وتوقف التخزين وتهريب الوقود إلى الخارج. كل هذا أدى إلى تقليل الاستهلاك، وتتم تغطية كل حاجة البلاد من المنتجات النفطية في الوقت الحالي من الاستيراد الحر، وكانت مصفاة الخرطوم تقوم بتوفير نحو 60% من حاجة السودان.
- كم يبلغ حجم الإنتاج حتى الآن؟ وكم كان يبلغ في السابق؟
مستوى الإنتاج أصبح متدنياً جداً بسبب خروج عدد من الحقول المنتجة للنفط من دائرة الإنتاج لظروف الحرب الدائرة بالبلاد ودخول القوات المتمردة إلى الحقول والتسبب في تعطيل العمل، مما أدى إلى تدني مستوى الإنتاج اليومي من 47 ألف برميل إلى أقل من 20 ألف برميل يومياً.
- ما هو حجم الاستيراد عقب التدمير الذي لحق بالقطاع؟
كل استهلاك البلاد من المحروقات يتم استيراده من خارج البلاد عبر شركات القطاع الخاص والشركات الحكومية.
- هل تمت معاودة صادرات نفط جنوب السودان؟
انسياب بترول جنوب السودان تعرض للتوقف عدة مرات بسبب المليشيا، منها منع الوقود لمحطة الدفع بالعيلفون، واستهداف مباشر آخره كان في حقل ومطار هجليج. والسودان رغم ذلك يؤكد حرصه على استمرار تصدير نفط جنوب السودان بصورة طبيعية في ظل الأحداث الجارية، ولكن الأمور تخضع لتطورات الأحداث، مما أدى مؤخراً إلى إيقاف ضخ نفط الجنوب عقب الهجمات المتكررة على حقل هجليج النفطي ومنشآت التكرير في المنطقة.
- وماذا عن التعاون النفطي مع دولة الجنوب الفترة المقبلة؟
يوجد اتفاق التعاون مع دولة جنوب السودان ويجري بصورة طيبة ومرضية للطرفين لانسياب نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية إلى موانئ التصدير ببورتسودان. ويرتبط السودان وجنوب السودان بإرث قديم وجغرافية مشتركة معلومة، تُعزز من توسيع التعاون في مجال النفط وكثير من المجالات الأخرى.
- هل هناك شركات أبدت رغبتها بالدخول في استثمارات النفط خلال مشاركة الوزارة في عدد من الفعاليات الدولية؟ وهل تعملون على اكتشافات جديدة رغم الحرب؟
قمنا بجولة في العام الماضي شملت الشركاء السابقين من الصين والهند، كما زرنا روسيا والتقينا وزراء النفط، وزرنا عدداً من الشركات العاملة في مجال النفط، وأبدى عدد منهم رغبة بالاستثمار في مجال النفط في السودان ومجالَي الكهرباء وخدمات البترول. ولا يوجد استكشاف نفطي في ظل استمرار الحرب منذ العام 2023.
- ماذا عن خطط مستقبل صناعة النفط في السودان؟
عملنا مجموعة من الخطط قُسّمت إلى عدة محاور، منها سيناريو استمرار الحرب لا قدر الله، وآخر في حال توقفها، ومحور ثالث هو عمل خطة طويلة الأمد تمتد إلى العام 2030. ففي حال انتهاء الحرب، نبدأ بإعادة الإعمار ودخول الحقول المتوقفة عن العمل ومصفاة الخرطوم لأجل زيادة الإنتاج النفطي.