معيار الفائدة "ليبور" يتحكّم بسوق مشتقات قيمتها 200 تريليون دولار

معيار الفائدة البريطاني "ليبور" يتحكّم بسوق مشتقات مالية قيمتها 200 تريليون دولار

11 يناير 2021
"ليبور" هو اختصار لمعيار "سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن" منذ عقود (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو معيار "سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن" (ليبور/ LIBOR) القياسي العالمي متجذراً في سوق مشتقات قيمتها 200 تريليون دولار، لدرجة تجعل حلول أي معيار آخر مكانه أمراً بالغ الصعوبة، ومنها مقياس "سعر فائدة التمويل الليلي المضمون" (SOFR).

فمن أكثر الأسئلة المربكة التي تواجه الجهات التنظيمية للأسواق في كفاحها من أجل التخلص التدريجي من معيار "ليبور" القياسي العالمي: كيف يمكنك فصل "الجميع"، من مديري الأصول والمتداولين إلى أمناء خزائن الشركات، عن المشتقات المنتشرة في كل مكان، والتي أصبحت جزءاً من نسيج النظام المالي العالمي؟

و"ليبور" هو سعر الفائدة المعياري الذي تقرض به البنوك العالمية الكبرى بعضها البعض. تديره "إنتركونتيننتال إكستشاينج" Intercontinental Exchange، التي تحدده بناء على سؤال البنوك العالمية الكبرى عن المبلغ الذي ستفرضه على البنوك الأُخرى مقابل القروض قصيرة الأجل.

على مدى 3 سنوات، كان المسؤولون الأميركيون يعظون بالصبر، ويقولون إن مقايضات أسعار الفائدة المستندة إلى "ليبور" والعقود الآجلة والخيارات، من بين أكثر الأسواق سيولة في العالم، ستفسح المجال تدريجاً أمام الأوراق المالية الجديدة المرتبطة بمعايير جديدة، بحسب شبكة "بلومبيرغ"، بما في ذلك "سعر فائدة التمويل الليلي المضمون" أو "سعر فائدة التمويل لليلة واحدة" (SOFR)، خليفة "ليبور" الدولار.

و"سعر فائدة التمويل الليلي المضمون" (SOFR) هو مقياس واسع النطاق لتكلفة الاقتراض النقدي لليلة واحدة بضمان سندات الخزينة، أو بكلام آخر، هو سعر فائدة معياري للمشتقات والقروض المقوّمة بالدولار، ومن المتوقع له أن يحل محل معيار "ليبور".

ومع ذلك، فإن النشاط في الأسواق المُشار إليها آنفاً لا يختفي، مع أن القبول بالأدوات البديلة بطيء، فبالرغم من إحراز بعض التقدم، إلا أن متوسط الفائدة بالكاد تجاوز سعر فائدة SOFR المفتوح في عقود "اليورو دولار" الآجلة لثلاثة أشهر مستوى 5% من عقود اليورو دولار الشهر الماضي. كما بدت الخطوات البارزة الأخيرة في التحوّل من "الليبور" والتي كان من المتوقع أن تبدأ التداول في الأدوات الجديدة، متواضعة نسبياً حتى الآن.

والمقصود بمصطلح "اليورو دولار" تلك الودائع المقوّمة بالدولار الأميركي لدى المصارف الأجنبية أو في الفروع الخارجية التابعة للبنوك الأميركية، وبما أنها موجودة خارج الولايات المتحدة، لا تخضع "اليورو دولار" للوائح التنظيمية الصادرة عن "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" (المصرف المركزي الأميركي)، بما في ذلك متطلبات الاحتياطي الإلزامي.

ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" في نهاية العام لإيقاف عقود "الليبور" الجديدة، عبّر البعض عن قلقه من أن بطء وتيرة التقدّم ربما يقوّض الجهود المبذولة لضمان انتقال سلس، الأمر الذي يشكل خطراً على الاستقرار المالي.

في المقابل، يتوقع قليلون تأخيراً مشابهاً للتأخير المُعلن عنه في نوفمبر/ تشرين الثاني للعقود القديمة التي لا يمكن تحويلها إلى معيار "SOFR"، وذلك في مثال آخر على الصعوبات التي واجهها المنظمون في عملية الانتقال.

وفي السياق، يقول توماس بلوتا، المسؤول الكبير في "جيه.بي مورغان" للأوراق المالية عن مشتقات "SOFR": "نحن في خضم السيناريو الكلاسيكي للدجاجة والبيضة، حيث لا يرغب المشاركون في التداول لأن السيولة منخفضة، ولكن لن تكون هناك سيولة كافية ما لم يتداولها الناس"، مضيفاً: "إنها تتزايد، لكن بصراحة تامة، هناك الكثير من الأشياء المروعة التي يتعين القيام بها من أجل حدوث هذا الانتقال".

وما يزيد الأمر صعوبة أن أكثر من 200 تريليون دولار من الأدوات المالية على مستوى العالم مرتبطة بفائدة "ليبور" مقوّمة بالدولار، والجزء الأكبر من هذا التعرّض يأتي في شكل عقود مشتقات، وفقاً لبيانات "بنك التسويات الدولية"، علماً أن هذه المنتجات يستخدمها مديرو الأموال للمراهنة على اتجاه السياسة النقدية والشركات من أجل التحوّط من تعرّضهم لسعر الفائدة.

إنما مع ذلك، يتوقع بعض مراقبي السوق أن يزداد التحول إلى مشتقات "SOFR" في الأشهر المقبلة، بعدما أوضح "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" أواخر العام الماضي أنه لا يزال يتوقع من المصارف والشركات المنظمة الأُخرى التوقف عن الدخول في معاملات جديدة قائمة على "ليبور" بحلول نهاية العام 2021.

المساهمون