معهد بريطاني: الخسائر المالية الضخمة أجبرت إسرائيل وإيران على وقف الحرب
استمع إلى الملخص
- إسرائيل تكبدت خسائر مالية ضخمة في حرب غزة وحربها ضد إيران، حيث بلغت تكلفة الأضرار والذخائر مليارات الدولارات، مما اضطرها لإنهاء الحرب سريعًا لتفادي أزمة اقتصادية.
- إيران كانت تخشى من استهداف منشآت النفط، مما قد يؤدي لاضطراب في سوق النفط ويعرضها للخطر سياسيًّا واقتصاديًّا، لذا كان إنهاء الحرب قرارًا حتميًّا.
كشفت دراسة صادرة عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة البريطاني، أحد أقدم وأهم مراكز الدراسات الدفاعية في أوروبا، أن القيود الاقتصادية والخسائر المالية الضخمة التي تكبّدتها كل من إسرائيل وإيران خلال المواجهة الأخيرة كانت السبب الرئيسي وراء قرارهما بعدم الانزلاق إلى حرب طويلة. وأشارت الدراسة التي نشرت في 7 يوليو/تموز الجاري، إلى أن الطرفين توصلا لقناعة بأن الاستمرار في القتال سيفضي إلى أزمة اقتصادية خانقة لا يمكن تحملها، ما دفعهما إلى وقف العمليات العسكرية.
خسائر إسرائيل
وأوضح تقرير المعهد الملكي أن حرب غزة الطويلة كلفت إسرائيل حتى الآن أكثر من 67 مليار دولار، وتكلفت حربها ضد إيران في يونيو 2025، والتي استمرت 12 يومًا، مئات الملايين من الدولارات يوميًّا، وهي أضرار متعددة، مشيرًا إلى أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات فقط بلغت نحو 1.5 مليار دولار، بخلاف مليارات يصعب حصرها في تكاليف الذخائر وصدّ الهجمات وخسائر الاقتصاد الكلية. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد قدّر تكلفة اعتراض 530 صاروخًا باليستيًّا إيرانيًّا فقط بـ1.5 مليار دولار. وقال آدم بلومبيرغ، نائب مدير الاقتصاد في "الهيستدروت"، في مقابلة إذاعية نشرتها صحيفة "معاريف"، إن كلفة الحرب على اقتصاد الشركات الإسرائيلية خلال 12 يومًا كانت أكثر من 3.5 مليارات دولار.
وكتب الخبير الاقتصادي، يهودا شاروني، في موقع "والا"، نقلًا عن تقرير لجامعة رايخمان، أن حربًا لمدة شهر كانت ستُكلّف إسرائيل 40 مليار شيكل (11.76 مليار دولار)، وأن الأضرار التي لحقت بالممتلكات في الجبهة الداخلية (الشقق، والسيارات، ومحتويات المنازل) تُقدّر بنحو 3 مليارات شيكل. وهذا لا يشمل الأضرار غير المباشرة، مثل تعويضات الشركات (المُقدّرة بنحو 5 مليارات شيكل)، والأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي. وأكدت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية أن الاحتلال تكبّد قرابة 5 مليارات دولار، أي نحو 725 مليون دولار يوميًّا، للإنفاق على العمليات الهجومية على إيران وتكاليف الإجراءات الدفاعية لصدّ صواريخ طهران ومسيراتها. كما قدّرت الصحيفة الإنفاق لتغطية احتياجات صندوق تعويضات الأضرار فقط بنحو 5 مليارات شيكل (حوالي 1.44 مليار دولار).
وتؤكد دراسة المعهد الملكي البريطاني أن إسرائيل حاولت تكييف اقتصادها وفقًا لقيود المواجهة، لكنها اضطرت لإنهاء الحرب مع إيران في أقرب وقت، و"إلا لكان اقتصادها قد واجه أزمة كبيرة". وأوضحت أنه "لو أصرت إسرائيل رسميًّا على الإطاحة بالنظام الإيراني، لكان ذلك أمرًا عسيرًا، فالنظام الإيراني قوي بما يكفي للبقاء، وفي النهاية سيشعر الرأي العام الإسرائيلي بأنهم يخسرون اقتصاديًّا وسياسيًّا واستراتيجيًّا". وأشارت إلى أن تكلفة الطيران من إسرائيل إلى إيران وحدها كانت كافية لإيقاف الهجمات بسبب تكاليفها، إذ تبعد إيران عن إسرائيل أكثر من 1500 كيلومتر، بينما صُمم سلاح الجو الإسرائيلي للقتال بالقرب من إسرائيل، وليس بعيدًا عنها، لذا استهلكت كميات ضخمة من الوقود وخزانات احتياطية والتمويل في الجو، وكلها بتكاليف باهظة رغم تكفل أميركا بتمويلها.
وتمتلك إيران احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي والنفط. أما احتياطيات إسرائيل من الغاز فهي أقل بكثير، وكان هذا أحد أسباب تقليص فترة الحرب. كما أن هناك حدودًا لعدد القنابل التي يمكن لإسرائيل إنتاجها أو استيرادها، وينطبق الأمر نفسه على الدفاع الجوي الإسرائيلي، الذي ربما نفد مخزونه من صواريخ "آرو" مع استمرار القتال، ما جعل الجيش عاجزًا عن الإنفاق على مزيد من الذخيرة من أجل قتال إيران، وفق تقرير RUSI.
خسائر إيران
وتتمتع إيران بمساحة وسكان وموارد طبيعية أكبر بكثير من إسرائيل؛ إذ تبلغ مساحة إسرائيل حوالي 22,000 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، بينما تبلغ مساحة إيران أكثر من 1,600,000 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 90 مليون نسمة. وفيما يخص إيران، يؤكد تقرير "المعهد الملكي للخدمات المتحدة البريطاني" أنه "لو استمرت الحرب، لكانت إيران ستندفع في حالة اليأس لإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر منه حوالي 20 مليون برميل نفط يوميًّا، أي ما يعادل حوالي 20% من الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية". ولو حدث هذا، سيؤدي إغلاق هذه المضايق إلى اضطراب خطير في سوق النفط، وبإمكان الولايات المتحدة كسر هذا الحصار بالقوة والرد على إيران، ما سيوسّع الصراع ليشمل ضرب أهداف في جميع أنحاء البلاد، ويعرض هذا التصعيد النظام الإيراني للخطر سياسيًّا واقتصاديًّا.
وأوضحت الدراسة أن إيران خشيت من أن تستهدف إسرائيل منشآت النفط التي يعتمد عليها اقتصادها، حيث يعتمد الاقتصاد الإيراني على تصدير النفط، ولو شلّت إسرائيل إنتاج النفط الإيراني بشكل كبير، لكانت مبيعات إيران من النفط قد انهارت، لذا كان ذلك سببًا وجيهًا لإنهاء الحرب قبل أن تكون التكلفة باهظة على طهران. ولفت المعهد البريطاني إلى أن أضرارًا اقتصادية عديدة أخرى كانت ستلحق بإيران بسبب العقوبات، وكان سيتعين عليها إدارة تحديات اقتصادية هائلة مثل أزمة الطاقة، في حين أن عملة إيران، الريال، في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ولو طالت الحرب، لكان قرار إنهاء الحرب حتميًّا. ويقع المقر الرئيسي للمعهد في لندن في منطقة وايتهول، قرب المؤسسات الحكومية الرئيسية ووزارة الدفاع البريطانية. وقد تأسس عام 1831، ما يجعله أحد أقدم مراكز الدراسات الدفاعية في العالم، ويُعتبر من المراكز المؤثرة في السياسات الأمنية داخل وخارج بريطانيا.