معركة إلغاء الدعم في المغرب: مخاوف من انفلات الأسعار

معركة إلغاء الدعم في المغرب: مخاوف من انفلات الأسعار وتفاقم معيشة المواطنين

07 اغسطس 2021
الإجراءات الحكومية ستؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار السلع (فرانس برس)
+ الخط -

سيكون على الحكومة المقبلة بالمغرب، التصدي لتحرير ما تبقى من السلع المدعومة عبر صندوق المقاصة، على اعتبار أن الخطة التي كشفت عنها وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، تستدعي الشروع في رفع الدعم عن السكر والدقيق وغاز الطهو اعتبارا من العام المقبل.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، عند تقديمه التوجهات العامة لمشروع قانون المالية للعام المقبل، اتجاه النية نحو تحرير أسعار السكر والدقيق وغاز الطهو، بعدما كانت حكومة عبد الإله بنكيران حررت سعر السولار والبنزين.
وسيتم في عام 2023، التحرير الكلي لأسعار السكر والدقيق الوطني للقمح اللين، فيما سيتم تحرير 50 في المائة من أسعار غاز الطهو، قبل التحرير الشامل في 2024.

مبررات رفع الدعم
برر وزير الاقتصاد التوجه نحو رفع الدعم عن تلك السلع الثلاث خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بالرغبة في توفير موارد لتمويل تعميم التأمين الصحي الإجباري والتعويضات العائلية، وهو التعميم الذي أعلن عنه أخيرا في سياق كشف الجائحة عن عدم استفادة فئات عريضة من التغطية الاجتماعية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويريد المغرب تعميم التغطية الصحية الإجبارية بين 2021 و2022، وتعميم التعويضات العائلية بين 2023 و2024، وتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل. اعتبر محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، في التقرير السنوي، الذي رفعه للعاهل المغربي السبت الماضي، أنه "بالنظر إلى مستوى العجز الاجتماعي وعدم كفاية البنى التحتية الصحية ستكون الموارد المالية والبشرية وحكم التعبئة التي سيتطلبها إنجاح هذا المشروع غير مسبوقة". وأكد على أن "الدين العمومي قد بلغ مستوى يثير القلق".

قيمة مخصصات الحماية
عبرت الحكومة عند طرح مشروع إصلاح نظام الحماية الاجتماعية، عن التوجه نحو تحويل مخصصات الدعم بهدف تمويل التغطية الصحية الذي يستهدف 22 مليونا من المواطنين.
وينتظر أن تصل كلفة تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب، التي تهم تعميم التأمين الصحي والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، إلى حوالي 5.3 مليارات دولار في العام، وهو التعميم الذي حدد له المغرب 2025 كأفق زمني.
وكان وزير الاقتصاد أوضح أن تمويل تلك الحماية، يتمثل في 2.9 مليار دولار ستأتي من مساهمات المنخرطين في أنظمة الحماية الاجتماعية، بينما ستتولى الدولة توفير 2.4 مليار دولار.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وشدد على أن تعميم التغطية الصحية الإجبارية، سيقتضي سنويا 1.45 مليار دولار، بينما سيستدعي تعميم التعويضات العائلية حوالي 2.1 مليار دولار، وتعميم التقاعد 1.7 مليار دولار، والتعويض عن فقدان الشغل حوالي 100 مليون دولار في العام.
وستأتي مساهمات الدولة من أجل تعميم الحماية الاجتماعية والمحددة في 2.4 مليار دولار سنويا من موازنة الدولة وإيرادات الجبايات الموجهة لتمويل الحماية الاجتماعية، من قبيل الرسم الخاص بالتضامن، والإيرادات التي ستتأتى من إصلاح نظام المقاصة الذي يدعم السكر والدقيق وغاز الطهو، وكل الإيرادات التي يمكن تعبئتها.

تكلفة الدعم
ويلاحظ رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، محمد الدهبي، أن العديد من الحكومات اعتبرت أن تحرير أسعار بعض السلع مثل السكر والدقيق الذي يصنع منه الخبز بـ1.20 درهم وغاز الطهو "خط أحمر"، قبل أن تبادر حكومة عبد الإله بنكيران إلى تحرير أسعار السولار والبنزين.
وشدد على أن نفقات الدعم التي تأتي عبر صندوق المقاصة، تساعد على دعم القدرة الشرائية للفئات الفقيرة في المدن والأرياف، وإن كانت تستفيد منها حتى الفئات الميسورة وبعض المنتجين في الزراعة.
وتتراوح نفقات دعم السكر والدقيق وغاز الطهو في موازنة الدولة، خلال العام الحالي بين 1.75 و1.8 مليار دولار، علما أن الحكومة كانت راهنت على حصرها في حدود 1.3 مليار درهم عند وضع مشروع قانون المالية.
ويعتبر سعر الغاز في السوق الدولية حاسما في الدعم المخصص من قبل الدولة، حيث إن تلك السلع تستفيد من أكثر من 70 في المائة من إجمالي الدعم، الذي يوفره صندوق المقاصة الحكومي، حسب البيانات الرسمية، ما يطرح مسألة تأثير رفع ذلك الدعم على الأسعار في المستقبل، على اعتبار أن الحكومة تتريث قبل اتخاذ ذلك القرار.

ويؤكد الدهبي، أن كشف الحكومة عن انعقاد العزم لديها بتحرير أسعار السلع الثلاث يأتي في سياق يعاني فيه العديد من الفئات من تداعيات صحية، خاصة أن فئات منتمية للطبقة المتوسطة أضحت تواجه الفقر.
وشدد على أن رفع الدعم عن السلع الثلاث واسعة الاستهلاك في المغرب، لن تحسم فيه الحكومة الحالية، بل هو متروك للحكومة المقبلة التي ستتمخض عن انتخابات سبتمبر/ أيلول المقبل.
ويذهب إلى أن تأثيرات تحرير الأسعار لن تقتصر على تلك السلع فقط، بل ستمتد إلى سلع أخرى ترتهن لها، حيث ينتظر أن ترتفع أسعارها مثل البسكويت والمشروبات المحلاة، ما قد يشجع الاستيراد على حساب المنتجات المحلية.

ترقب انفلات الأسعار
تشير تقديرات إلى أن رفع الدعم عن غاز الطهو، سيرفع سعر الأسطوانة من فئة 12 كيلوغراماً من 4 دولارات إلى ما بين 11 و12 دولارا، ما من شأنه الإضرار بالقدرة الشرائية للأسر التي لن تستفيد من مساعدات الدولة.
ويذهب الخبير في المالية العمومية، محمد الرهج، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن تطبيق قرار تحرير الأسعار قد لا ينفذ وفق الأجندة التي تتمناها الحكومة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، على اعتبار أن ذلك سيستدعي تفعيل السجل الاجتماعي الموحد الذي سيمنح دعما مباشرا للفقراء.
وكان وزير الشؤون العامة والحكومة السابق، لحسن الداودي، سبق له أن أكد قبل عامين أن الدولة مستعدة لتوفير 100 دولار في الشهر لمليون أسرة فقيرة بالمغرب، بعد رفع الدعم عن السلع التي لم تحرر، في إشارة إلى غاز الطهو والسكر والدقيق.

تشير تقديرات إلى أن رفع الدعم عن غاز الطهو، سيرفع سعر الأسطوانة من فئة 12 كيلوغراماً من 4 دولارات إلى ما بين 11 و12 دولارا، ما من شأنه الإضرار بالقدرة الشرائية للأسر


ويقضي ذلك السجل الموحد بحصر الفئات التي يفترض منحها دعما مباشرا بعد تحرير أسعار تلك السلع، غير أن الرهج يرى أنه يتوجب استحضار الطبقات المتوسطة التي ستعاني أكثر من ارتفاع أسعار تلك السلع.
ومن جانبه، يتصور نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، محمد العربي، أنه في مسألة الدعم يجب التمييز بين مستحقي الدعم وغير مستحقيه، مشيرا إلى أن دعم الغاز مثلا تستفيد منه أكثر الزارعة في السقي والفنادق أكثر من الفئات الفقيرة، ويسري ذلك على السكر حيث تستفيد منها مصانع البسكويت والمخابز.
ويشير إلى أنه إذا ما ارتأت الدولة تحرير الأسعار فيفترض بها العمل على ضبط السوق حتى لا تنفلت الأسعار بطريقة تضر بالقدرة الشرائية للمستهلكين، محيلا على ما حدث عند تحرير السولار والبنزين حيث ارتفعت الأسعار بطريقة دفعت إلى إثارة نقاش حاد حول أرباح الشركات.