استمع إلى الملخص
- تتزايد المطالبات في الأردن بتبني نهج اقتصادي يعتمد على الذات، مع تأكيد الحكومة على قدرتها في تجاوز الأزمات، ودعوات النواب للتخلي عن المساعدات الخارجية.
- تلقت الأردن حزمة مساعدات أوروبية بقيمة ثلاثة مليارات يورو، مما ساهم في تخفيف القلق الاقتصادي، مع استمرار الجهود لتعزيز الاعتماد على الإيرادات المحلية وتقليل العجز في الموازنة.
تراجعت إلى حد ما حالة القلق لدى الأردن على وضعه الاقتصادي مع تأكيدات مسؤوليه بأن بلدهم لديه المقدرة على تجاوز الظروف الصعبة التي يعاني منها وذلك في أعقاب لقاء الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض مساء أمس، والذي قال إنه لم يتم التهديد بقطع تلك المساعدات. وفي أعقاب اللقاء، ارتفعت درجة التأييد الشعبي لموقف الملك عبدالله الثاني الرافض لتهجير الفلسطينيين وترحيلهم إلى بلدان أخرى بما فيها الأردن رغم أن ذلك الموقف قد يترتب عليه تبعات اقتصادية من خلال احتمال قطع أو على الأقل تخفيض أو وقف المساعدات الأميركية التي يحصل عليها الجانب الأردني وتبلغ سنويا 1450 مليون دولار بموجب آخر اتفاق وقع بين البلدين في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
وتتجدد المطالبات في الأردن بالتغيير السريع في النمط الاقتصادي بما يستوعب أُثر وقف المساعدات الأميركية أو تخفيضها مع تمسك الجانب الأردني بموقفه المطلق الرافض لتهجير الفلسطينيين أو أي مقترحات من شأنها محاولات لتصفية القضية الفلسطينية. وقد طالب أعضاء في مجلس النواب وفعاليات اقتصادية وشعبية الحكومة باعتماد نهج للاعتماد على الذات والتخلي عن المساعدات الخارجية والرجوع إلى عقود ماضية عندما تمكن الأردن من بناء مؤسساته الاقتصادية بدون معونات من الخارج.
كما اتضح أن الشارع الأردني بات مهيأ للتعامل مع سيناريوهات لا بد منها في حال وقف المساعدات الأميركية أو تخفيضها، فيما قال رئيس الحكومة الأردنية جعفر حسان أن ما تلقته بلاده من مساعدات جاء بناء على ما تحملته من أعباء كبيرة نيابة عن المجتمع الدولي وفي ذلك إشارة إلى أهم مشكلة وهي اللاجئون من عدة بلدان. ولفت في جلسة لمجلس النواب اليوم، إلى أن الأردن اجتاز أشد الظروف وأخطرها ولم يهتز ولن يهتز إن الأردن بنى اقتصاده في أصعب الأوقات بسواعد أبنائه وقدراتهم الوطنية. وأضاف: "نشكر من دعمنا لتحمل أعباء حملناها نيابة عن العالم والمنطقة، وقد قدمنا أكثر من أي دعم قدم لنا في مواجهة التحديات وتحمل الأعباء التي نتجت عن الأزمات والحروب الإقليمية والتي لم تكن نتيجة لسياساتنا أو قراراتنا، بل كان دورنا عامل استقرار أساسيا للمنطقة وفي كل منعطف".
بدوره، النائب ناصر النواصرة قال إن الوقت قد حان للتخلي عن المساعدات والمنح الخارجية للأردن والاعتماد على الذات، بينما طالب النائب ينال فريحات بإقرار مشروع اقتصادي وطني عنوانه الاعتماد على الذات والتخلي عن المساعدات، وذلك بعدما كان الرئيس ترامب قال إن مصر والأردن يتلقيان مساعدات من الولايات المتحدة وعليهما الموافقة على ترحيل الفلسطينيين إليهما.
أما وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية زينة طوقان فأكدت، حسبما نقلته عنها النائب ديما طهبوب، أن "ليس هناك ما يدعو إلى القلق بشأن المنح للأردن وأنه لن يستطيع أحد لي ذراع الأردن ضد مصالحه وأولوياته في دعم حقوق الشعب الفلسطيني". وقالت طهبوب إنه أثناء نقاش موازنة 2025، أوردت وزيرة التخطيط أن هناك منحا ترصد في الوزارة وعلى موقعها وفي سجلاتها دون إدراجها في الموازنة وعلى إثر ذلك وجهت سؤالا للوزيرة حول هذه المنح وكان لا بد من المتابعة بزيارة لمزيد من فهم موضوع المنح والمساعدات وأنواعها ومناقشة الموضوع الأهم والأكثر الحاحا الآن وهو البدائل للمنح خاصة من الدول التي تسعى للتأثير سلباً في قرارات الأردن غير القابلة للمقايضة في سوق الصفقات. وأكدت الوزيرة طوقان أنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق من ناحية المنح وأنه لن يستطيع أحد لي ذراع الأردن ضد مصالحه وأولوياته في دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
وجاءت حزمة المساعدات الأوروبية إلى الأردن في الآونة الأخيرة وبحجم ثلاثة مليارات يورو في وقت مهم للغاية بعد نحو 10 أيام من تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساعدات بلاده الخارجية بما فيها الموجهة إلى المملكة، وتسببت في حالة من الإرباك والقلق من أثر ذلك على الاقتصاد الأردني والمشاريع التنموية.
بدوره، رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني النائب سليمان السعود قال لـ"العربي الجديد": "إننا الآن أمام تحديات اقتصادية كبيرة بسبب الظروف المحيطة وتعليق المساعدات الأميركية وعدم معرفة ما يحمله مقبل الأيام"، معتبراً أن ذلك يستدعي نهجاً اقتصادياً يكون قادرا على التعامل مع أي تطورات على صعيد المساعدات الخارجية الأميركية المقدمة للأردن وبالشكل الذي يتيح تسريع العمل والإجراءات للوصول إلى مرحلة الاعتماد على الذات وبدون انتظار المساعدات الأميركية لكن أغلب الظن أن تلك المساعدات لن تتوقف خلال الفترة المقبلة انطلاقاً من الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة.
وفي السياق، قال الخبير والمحلل الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد": "يفترض أن تكون هنالك سيناريوهات جاهزة للتعامل اقتصاديا مع صعوبات المرحلة وتحدياتها وفيما إذا خفضت أو توقفت المساعدات الأميركية هذا العام وما قد يحدث في السنوات اللاحقة وهذا يتطلب عملا استثنائياً للاعتماد على الذات وتقليل الارتكاز على المساعدات الخارجية تدريجياً وخلال عدة سنوات لا أكثر". وأضاف أن المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار وحروب واضطرابات ما لم تحل القضية الفلسطينية وبالتالي سيناريوهات وقف وتراجع المساعدات ستبقى قائمة والحل هو "الاعتماد على الذات".
وقدّر المشروع إجمالي النفقات العامة بما مقداره 17.9 مليار دولار، منها نفقات جارية بنحو 15.7 مليار دولار، ونفقات رأسمالية بنحو 2.1 مليار دولار، وذلك لتغطية تمويل المشاريع الكبرى، وبناء المستشفيات والمدارس الجديدة، وصيانة المستشفيات والمدارس الحالية. كما قدر مشروع قانون الموازنة الإيرادات العامة بنحو 14.6 مليار دولار، منها 13.5 مليار دولار إيرادات محلية و1.048 مليار دولار منحا خارجية، وبالتالي، فإن مشروع الموازنة وضع تقديرات واقعية للإيرادات بما يسهم في إدارة العملية التنموية بشكل أفضل، وفق "وكالة الأنباء الأردنية" (بترا). وخفّض مشروع القانون العجز الأولي لعام 2025 إلى ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع ما نسبته 2.9% عام 2024.
يُشار إلى أن نسبة المنح الخارجية من إجمالي الإيرادات المحلية انخفضت تدريجيا منذ عام 2004 نتيجة جهود الدولة الأردنية في الاعتماد على الذات، حيث كانت تبلغ بين عامي 2004 و2008 قرابة 17.22%، وبين عامي 2009 و2013 قرابة 13.15%، لتصبح بين عامي 2019 و2022، 11.18%.