مطاعم غزة تعود للإغلاق بسبب العدوان ووقف المساعدات
استمع إلى الملخص
- التحديات الاقتصادية والاجتماعية: يعاني أصحاب المطاعم من خسائر مالية كبيرة، حيث تُعتبر المطاعم مصدر دخل رئيسي في ظل ارتفاع البطالة، كما يحرم الإغلاق العائلات من تقاليد الإفطار الرمضانية.
- محاولات التكيف والبدائل: لجأ بعض أصحاب المطاعم لاستخدام بدائل مثل طهي الطعام على نار الحطب، لكن نقص المواد الأساسية جعل استمرار العمل صعبًا، مما زاد من معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية.
يلقي استئناف العدوان الإسرائيلي والإغلاق التام للمعابر بآثاره القاسية على مختلف نواحي الحياة في قطاع غزة، وفي مقدمتها المطاعم والمحال التجارية التي أعيد افتتاحها بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني المنصرم، والتي اضطرت إلى إغلاق أبوابها في شهر رمضان، الذي يعتبر الشهر الأكثر رواجا لعملها بفعل نفاد اللحوم ومتطلبات العمل الأساسية.
وساهم إغلاق المعابر ووقف دخول الإمدادات إلى القطاع المحاصر في منع وصول كميات من غاز الطهو المحدودة للغاية إلى البيوت والمطاعم إلى جانب اللحوم والدواجن وتوابعهما، الأمر الذي أفقدها القدرة على مواصلة العمل، والذي كان بالكاد يسير وفق أبسط الإمكانيات التي أعدمها تشديد الحصار بشكل كامل.
وفي الثاني من مارس الجاري أغلقت سلطات الاحتلال المعابر الحدودية مع القطاع، ومنعت إدخال المساعدات الإغاثية والسلع التجارية، بما فيها اللحوم والخضروات والفواكه، والمحروقات بكافة أصنافها، ضمن سياسة تشديد الحصار المفروض على القطاع وللضغط على فصائل المقاومة.
ويلحق إغلاق المطاعم في ذروة عملها خسائر فادحة بأصحاب تلك المحال، حيث يعتمدون على شهر رمضان الذي يعتبر موسما سنويا في تعويض الخسائر التي لحقت بهم بفعل تداعيات الحصار والعدوان الإسرائيلي، بينما يحرمهم فقدان الإمكانيات من مواصلة العمل.
ويزداد الإقبال على المطاعم والاستراحات بشكل ملحوظ في رمضان، حيث تحرص العديد من العائلات على تناول وجبات الإفطار في الخارج، أو دعوة الأصدقاء والعائلة إلى قضاء سهرات رمضانية، ولكن مع عودة العدوان واستمرار إغلاق المعابر ونقص الواردات من السلع الأساسية، أغلقت أبواب العديد من المطاعم بسبب نفاد المواد الخام.
ويعد إغلاق المطاعم أو تقليص أعمالها في هذه الفترة أمرا محبطا للعديد من السكان الذين يعتمدون على المطاعم كمصدر رزق، في ظل ارتفاع البطالة إلى أرقام قياسية، إلى جانب الخسائر لأصحاب المطاعم الذين عملوا على ترميم ما تبقّى من مطاعمهم أو أنشأوا مطاعم مصغرة من المتوافر من المواد للعودة للعمل.
ويقول الفلسطيني مروان أبوالنجا، وهو صاحب مطعم خاص بالمشويات في مدينة غزة، إنه قام بمواءمة مطعمه الصغير بعد عودته من النزوح بفعل الأضرار الجسيمة التي لحقت به جراء القصف، حيث قام بإغلاق الفتحات باستخدام الشوادر، وقد عاود عمله بأبسط الإمكانيات، إلا أنه توقف مجددا عن العمل بفعل انقطاع اللحوم.
موسم رمضان في غزة
ويبين أبوالنجا لـ"العربي الجديد" أن شهر رمضان عادة يعتبر موسما جيدا لعمل المطاعم التي يخرج إليها الناس لتناول طعام الإفطار، أو لطلب وحجز الوجبات الخاصة بموائد العزائم، ويقول: "حاولنا معاودة العمل للاستفادة من الموسم وتعويض خسائرنا قدر المستطاع لكننا فشلنا".
ويلفت أبوالنجا إلى أن تعطيل العمل هذه المرة جاء بفعل الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول مختلف أنواع اللحوم، وهي العنصر الأساسي في مختلف قوائم الطعام الرمضانية داخل المطعم، إلى جانب نفاد غاز الطهو وباقي مكونات العمل.
وعلى الرغم من انتظار صاحب مطعم المأكولات الشرقية والغربية سامر أبوالهدى موسم شهر رمضان الشهير بالعزائم والإفطارات الجماعية، إلا أنه مع عودة العدوان والإغلاق التام للمعابر منذ أكثر من أسبوعين، وانقطاع الواردات، لم يستطع توفير اللحوم ما تسبب في أزمة حقيقية في تلبية طلبات الزبائن.
ويبين أبوالهدى لـ"العربي الجديد" أنه حاول تخطي أزمة الغاز خلال الفترة الماضية عبر طهي الطعام واللحم على نار الحطب، وهي مهمة شاقة ومكلفة، إلا أنها البديل الوحيد، أما مع انقطاع المواد الأساسية الأخرى فقد أجبر على إغلاق أبواب مطعمه والتوقف عن العمل إلى حين توفر اللحوم وباقي مكونات العمل.
ويضيف: "لم يكن هناك ما يكفي من اللحوم لإعداد الأطباق التقليدية التي يطلبها الزبائن، ما اضطرنا للتوقف عن العمل على الرغم من الخسائر الكبيرة التي ما زالت تلحق بنا بفعل التوقف عن العمل خصوصا في رمضان".
وإلى جانب التأثيرات الاقتصادية القاسية لإغلاق معظم المطاعم في ذروة رواج عملها، فإنها تؤثر كذلك على الوضع الاجتماعي في القطاع، حيث منع الأهالي من ممارسة طقوسهم السنوية في الاجتماع للتمتع بوجبات الإفطار والأجواء الرمضانية معا، وهم يحاولون الخروج من أزماتهم الناجمة عن الحرب والتدمير والقتل.
ولا يتوقف الأثر السلبي لإغلاق المطاعم على أصحابها فقط، بل على العاملين فيها، والذين يعتمدون على أجورهم اليومية لتلبية احتياجات أسرهم التي تعاني من تفاصيل النقص والحرمان والغلاء التي أفرزها العدوان الإسرائيلي.
وعن ذلك يقول النادل في أحد المطاعم الكبرى لؤي نجم إن عمله يتضمن تقديم خدمات الطعام في رمضان، وهو موسم عمل كبير: "لكن هذا العام كان مختلفا، فمنذ بدء إغلاق المعابر، بدأنا نواجه صعوبة في توفير اللحوم، وهو الأمر الذي أثر بشكل مباشر على إمكانية توفير الوجبات".
ويبين نجم لـ"العربي الجديد" أن منع دخول اللحوم تسبب في حالة من الإحباط بفعل عدم القدرة على توفير طلبات الزبائن، إلى جانب أنه ساهم في قطع مصدر دخله بعد إغلاق المطعم، في الوقت الذي كان يشهد رواجا وعملا متواصلا على مدار الساعة.