مصطفى نصر: هبوط الريال اليمني لا يقل خطورة عن تداعيات الحرب

مصطفى نصر: هبوط الريال اليمني لا يقل خطورة عن تداعيات الحرب

16 يناير 2021
نصر يحذر من تداعيات التضخم (العربي الجديد)
+ الخط -

أكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، مصطفى نصر، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن التراجع القياسي الذي شهدته العملة اليمنية أخيراً، ينذر بكارثة لا تقل وطأة عن تداعيات الحرب.
*كيف يمكن توصيف الاقتصاد اليمني بعد 6 سنوات على بدء الحرب؟

في الواقع، تضاعف الانهيار الاقتصادي إلى مستويات غير مسبوقة، وأبرز المؤشرات على ذلك التراجع الكبير في سعر صرف العملة المحلية، مع وصولها إلى ألف ريال للدولار الواحد. وانعكس فقدان الريال اليمني أكثر من ثلثي قيمته، ارتفاعاً في أسعار كافة السلع والخدمات، وبالتالي تآكلت مدخرات الناس ورواتبها. كذا، تعطلت القطاعات الاقتصادية بغالبيتها، بالإضافة إلى الخسائر الواسعة في عائدات النفط والغاز.

ومن الجهة المقابلة، أدى تفكك القطاع المصرفي، وتقسيم إدارة البنك المركزي بين عدن وصنعاء، إلى قرارات متضاربة في السياسة النقدية. وفوق كل هذه الأزمات، جاءت أزمة كورونا لتزيد الأعباء وتخفض تحويلات المغتربين بنسبة تصل إلى 70 في المائة.

*ما هو تأثير الانقسام المصرفي على المواطن تحديداً؟

من المؤسف أن يحدث هذا الازدواج في الإدارة النقدية، لما له من انعكاسات خطيرة جداً على العملة وعلى الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأدت الانتهاكات الكبيرة التي تعرض لها القطاع المصرفي في صنعاء من قبل جماعة الحوثي التي تسيطر عليه وتوجهه وفق رغباتها ومصالحها، والتهديدات والإجراءات الأخرى من قبل البنك المركزي في عدن، إلى انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي.

وبالتالي إضعاف القطاع المصرفي وتدميره له تداعيات وخيمة على حياة الناس وتعاملاتهم اليومية في الأسواق وتوفير احتياجاتهم الأساسية.

* لماذا شهدت العملة اليمنية هذا التراجع القياسي؟

هناك أسباب يمكن أن نقول إنها مزمنة، وهي مرتبطة بالحرب والصراع الموجود والتراجع في الإيرادات من العملة الصعبة من جراء توقف تصدير النفط والغاز. وكذلك يرتبط الانهيار بالتردي الاقتصادي الحاصل، وانتهاء أو استنفاد الوديعة السعودية التي كانت في البنك المركزي والمقدرة بملياري دولار.

أيضاً زادت من حدة هذا التراجع في الفترة الأخيرة تأثيرات أزمة كورونا المتمثلة في تراجع أسعار النفط وتحويلات المغتربين التي تعد مصدرا مهما للنقد الأجنبي، بالإضافة إلى تراجع حجم المساعدات الإنسانية المقدمة إلى اليمن.

هناك أيضا أسباب أخرى متعلقة بزيادة الطلب على الدولار، بسبب القرار التي اتخذته جماعة الحوثي في صنعاء بعدم التعامل بالعملات النقدية الجديدة المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن، مما دفع الناس للتعامل بالعملة الصعبة وشرائها في عملية التحويلات.

وجاء ذلك بالتزامن مع قيام الحكومة المعترف بها دوليا بطباعة النقود في البنك المركزي بعدن، مما أدى إلى زيادة وفرة العملة المحلية في السوق ما دفع بقيمتها هبوطاً. ويضاف إلى كل ذلك المضاربات في شراء العملة من قبل التجار لاستيراد المشتقات النفطية، وكذلك استمرار الصراع العسكري.

وأعتقد أن الإعلان عن التوافق حول حكومة جديدة والسعي نحو تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، قد يعيدان الريال إلى مسار الصعود.

*كيف أثر تراجع العملة على الوضع المعيشي للناس؟

بالتأكيد واحدة من المؤشرات المهمة على مقياس مدى التضخم هي العملة. عندما تتراجع العملة هذا يعني أن الأسعار ترتفع لأن اليمن يستورد أكثر من 90 في المائة من احتياجاته، مما ينعكس على المواطن الذي سيتحمل تبعات التضخم.

إذ عندما نقول إن العملة تراجعت، فذلك يعني أن أسعار معظم السلع والخدمات سترتفع بنسبة أعلى من نسبة التراجع في سعر العملة، وبالتالي تهبط القدرة الشرائية للمواطن اليمني، وهذا ينذر بكارثة لا تقل وطأتها عن تداعيات الحرب، حيث إن الناس فقدوا قدرتهم على توفير حاجياتهم الأساسية.

فكما نعرف هناك عشرات الآلاف من الأسر اليمنية تعيش على وجبة واحدة في اليوم، وبالتالي لك أن تتخيل كيف سيكون الوضع بعد أن وصل سعر الريال اليمني إلى هذا المستوى من التردي.

*إلى أين ينزلق الاقتصاد اليمني وما هو مستقبله؟

الاقتصاد اليمني في حالة انهيار ويتطلب البدء فوراً بإجراءات التعافي أو إعادته إلى مسار الاستقرار. بمعنى أنه على الأقل يجب وقف التدهور، ولكن هذا يرتبط بالقرار السياسي وبوجود الحكومة وفعاليتها وخطتها للعام 2021، وحشد الحكومة لمواردها وسيطرتها على القرار الاقتصادي، ودعم الدول الخارجية لليمن.

ومع غياب التدابير الإنقاذية، نحن نتجه نحو المزيد من الانهيار والمزيد من الجوع، ويجب أن تدق أجراس الخطر وأن تتوقف الحرب وأن يعود السلام إلى البلد، وأن نعمل على إعادة الإعمار.

المساهمون