استمع إلى الملخص
- العلاقات التجارية وتغيراتها: شهدت العلاقات التجارية بين مصر والولايات المتحدة والصين تغيرات، حيث زادت الواردات من الولايات المتحدة، بينما تراجعت الصادرات إلى الصين، مما أدى إلى عجز في الميزان التجاري.
- فرص وتحديات الاقتصاد المصري: رغم المخاطر، توجد فرص للنمو إذا استغلت مصر الأزمة بشكل صحيح، مثل تعزيز الاستثمارات الصينية عبر مبادرة الحزام والطريق، مع ضرورة تنويع الموارد الاقتصادية.
وقعت مصر في مرمى الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، وسط مخاوف من تراجع الجنيه وتدفقات الدولار وفرص التصدير، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وقلق من مدى قدرة مصر التنافسية على استبدال السلع الصينية والأسواق الأميركية.
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب "حرب الجمارك" بفرض رسوم جمركية استثنائية على الواردات من الصين وكندا والمكسيك، بنسبة تراوح ما بين 10% - 25%، ألهبت أسواق العالم.
عضوا اللجنة الاقتصادية الاستشارية بمجلس الوزراء، مدحت نافع ومحمد فؤاد، وعضو مجلس الشيوخ محمد فريد، وخبيرة الأسواق تسنيم ماضي، وباحثة السياسات العامة فاطمة إبراهيم عمر، أوضحوا في دراسة اقتصادية، أطلقها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، مخاوفهم من وقوع مصر تحت ضغوط الطرفين، بما يؤثر سلباً في سعر الصرف ومعدلات التضخم، ووقوع مصر في مرمى حرب التعرفة الجمركية التي يشنها الرئيس الأميركي على الاتحاد الأوروبي أكبر سوق للمنتجات المصرية والصين الشريك التجاري الأول لمصر ومجموعة دول بريكس، في إطار سعيه لمنع ظهور عملة موحدة منافسة للدولار.
مصر عند مفترق الطرق
أكد الخبراء أن وقوع مصر عند مفترق طريق رئيسي للتجارة العالمية، تقودها الصين والولايات المتحدة، يجعلها في مرمى حرب التعرفة الجمركية المتصاعدة من قبل واشنطن، على الواردات الصينية بنسبة 15% عام 2018 ارتفعت 30% عام 2019، بينما زادت الرسوم الجمركية الصينية على الواردات الأميركية بنسبة تراوح ما بين 5% - 10% خلال الفترة نفسها، أعقبها عدم قدرة الصين على التزام شراء حصص محددة من السلع الأميركية، حتى اشتعلت حرب تجارية جديدة عام 2023، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على ما قيمته 550 مليار دولار من الواردات الصينية بحلول عام 2023، استقبلتها الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية على واردات أميركية تزيد قيمتها على 185 مليار دولار، طاولت قطاعات السيارات والتكنولوجيا والمحاصيل الزراعية.
ووفق المحللين فإن العلاقات التجارية بين القاهرة وواشنطن وبكين تشكل أهمية محورية، لافتين إلى أنه فيما ساهمت الولايات المتحدة كثيراً في إنعاش قطاعات التكنولوجيا والزراعة، ظلت الصين أكبر شريك تجاري لمصر، على مدار عقد كامل. زاد حجم الواردات من الولايات المتحدة من 5.2 مليارات دولار عام 2014 إلى 5.4 مليارات عام 2023، بينما صعدت الصادرات بمعدلات طفيفة من 1.13 مليار دولار إلى 1.95 مليار خلال الفترة نفسها، ليراوح العجز في الميزان التجاري ما بين 4.07 مليارات إلى 3.45 مليارات خلال الفترة نفسها.
في المقابل، بلغت قيمة الواردات المصرية من الصين 12.9 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 14.8 مليار دولار خلال عام 2022، بينما بلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين 909 ملايين دولار خلال 2023، مقابل 1.9 مليار دولار خلال عام 2022، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
أخطار الاعتماد على الصين
بين الخبراء هيمنة السلع الصينية وتزايد نفوذ بكين خلال العقد الماضي، على سوق الاستيراد في مصر، وبخاصة الآلات والإلكترونيات والمنسوجات، بينما تنخفض قدرة الصادرات المصرية، مع تراجع صادرات مصر من المواد البترولية، وقصرها على خامات أولية، دون القدرة على التوسع في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية، مع وجود انحدار نسبي في تحالف القاهرة مع واشنطن.
اعتبر الخبراء اعتماد مصر على التجارة الصينية مخاطرة محفوفة بالأزمات المتفجرة بين بكين وواشنطن، وفي طريقها إلى الصعود المستمر، خلال السنوات المقبلة، مؤكدين في الوقت ذاته أنه يشكل فرصاً كبيرة للنمو والتحديث إذا ما أجادت الحكومة استغلال الأزمة في تحديث الصناعات وتنويع الموارد الاقتصادية والأسواق، وتخفيف المخاطر القائمة بين العملاقين الاقتصاديين.
أوضح التقرير الاقتصادي أن تحول مصر إلى حليف إقليمي محوري في مبادرة الحزام والطريق، أسفر عن استثمارات صينية بقيمة 1.2 مليار دولار، خلال الفترة من 2017 إلى 2022، يقابله ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأسواق بنسبة 317% وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع معدل انخفاض بالاستثمارات الأميركية بنسبة 31% بتلك الفترة، بما فتح الأبواب واسعة أمام هيمنة الصين على الواردات.
رصد الخبراء تراجع النفوذ الاقتصادي الأميركي في مصر، مع انخفاض حصة الولايات المتحدة من الواردات المصرية، إلى 1.2 مليار دولار، عام 2023، في إطار تحول لعلاقات واشنطن مع القاهرة على التعاون الأمني الذي يفتقر إلى الروابط الثقافية والسياسية الأعمق التي تتمتع بها الصين مع مصر.
شرح الخبراء تسبب الحرب التجارية بين الطرفين في تباطؤ نمو التجارية العالمية من 4.1% عام 2017 إلى 2.8% عام 2023، مع انخفاض سنوي بمعدل 0.3% سنوياً وتقلبات كبيرة في الأسواق العالمية، أثرت بسعر صرف الدولار واليوان الصيني ومعدل تدفقات رأس المال الأجنبي الذي يبحث عن فرص مستقرة للعمل والاستثمار الآمن، وبطريقة غير مباشرة على الجنيه المصري والاقتصاد الذي يعاني توافر العملة وتراجعاً بقيمة الجنيه، دفعت المستثمرين في الأموال الساخنة، إلى التراجع عن الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر، التي ينظر إليها على أنها معرضة للتذبذب والخطر.
أرجع الخبراء أحد أسباب انخفاض قيمة الجنيه من مستوى 30.75 جنيهاً مقابل الدولار مطلع 2024 إلى 50.99 جنيهاً بنهاية العام الماضي، بنسبة تراجع 65% من قيمته في غضون عام واحد، إلى تأثر مصر بحالة الصراع التجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين، أدت إلى اضطراب حركة التجارة العالمية، وخفض عائدات التصدير وأرباح النقد الأجنبي، ووضع ضغوط إضافية على الجنيه، وخفض تدفقات رأس المال الأجنبي، وتقليص احتياطات مصر من النقد الأجنبي، وزيادة تكلفة الواردات، وارتفاع معدلات التضخم وتقويض القدرة الشرائية للمستهلكين.