مصر: فشل خطة التوريد الإجباري للقمح رغم التهديدات الأمنية

مصر: فشل خطة التوريد الإجباري للقمح رغم التهديدات الأمنية

06 سبتمبر 2022
الحكومة جمعت 4.2 ملايين طن قمح من المزارعين (العربي الجديد)
+ الخط -

استبقت الحكومة المصرية موسم زراعة القمح، الذي يحل الشهر المقبل، بإعلان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، نهاية الأسبوع الماضي، رفع سعر توريد المحصول من المزارعين، في مايو/ آيار المقبل 2023، من 870 جنيها إلى 1000 جنيه للطن.
جاء البيان الحكومي قبيل ساعات من انتهاء الموعد الرسمي، لموسم توريد القمح خلال عام 2022، الذي أظهر فشل الحكومة في إجبار الفلاحين على توريد الحصص، التي حددتها لمن زرعوا القمح على مساحات قدرتها بنحو 3.6 ملايين فدان.
وأعلن وزير التموين على مصيلحي، استلام صوامع وشركات الوزارة، 4.2 ملايين طن قمح من المزارعين، بما يعادل ثلثي الكمية المستهدفة، التي حددتها الحكومة بنحو 6 ملايين طن، من إجمالي كميات الحصاد التي بلغت نحو 10.5 ملايين طن، وفقاً لإحصاءات الإنتاج التي رصدتها وزارة الزراعة.
وأوضح نقيب الزراعيين، حسين أبو صدام، أن انخفاض معدلات توريد القمح من المزارعين، ترجع إلى رفض الحكومة زيادة سعر توريد القمح إلى 1000 جنيه، وعرضها سعر غير مناسب، بلغ 870 جنيهاً للطن في حده الأقصى بالموسم الماضي، بينما اشترى تجار القطاع الخاص الطن، ما بين 900 إلى 1000 جنيه للطن الواحد.

وأكد أبو صدام، لــ"العربي الجديد" أن قرار وزير التموين رقم 10 لسنة 2022، الذي يجبر الفلاحين على توريد نصف محصولهم للدولة، صدر في 16 مارس/ آذار الماضي، قبيل بدء موسم الحصاد، أحدث ارتباكاً لدى الفلاحين والتجار.
وشرح أبو صدام المشهد بأن الحكومة فرضت سعراً غير مقبول، بينما رفعت أسعار الأسمدة، 50%، وزادت معه قيمة فواتير الكهرباء والنقل وجميع السلع والخدمات، بما أحدث صدمة لدى مزارعين أغلبهم من ذوي الحيازات الصغيرة، ففضلوا تخزين المحصول، لإنتاج خبزهم الخاص وإطعام بهائمهم، في ظل مخاوفهم من المستقبل.
وأشار خبراء إلى أن السعر الذي عرضته الحكومة، للموسم المقبل، لن يكون مشجعاً على الإطلاق، لدفع الفلاحين إلى توريد القمح، في وقت طلبت فيه منظمة الأغذية والزراعة، والمؤسسات المالية الدولية من الحكومة، تعزيز استقلالها الغذائي، لمواجهة النقص المتوقع في إمدادات القمح عالمياً، خلال عام 2023.
وبحسب خبير في الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، فإن تراجع أسعار القمح عالمياً، بعد عودة التصدير من أسواق أوكرانيا وروسيا، خلال شهر أغسطس/ آب الماضي، لن يكون نهاية المطاف لأزمة غذاء خطيرة.
وتأتي مصر على رأس الدول التي ما زالت في منطقة الخطر الغذائي، باعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم، بما يمثل نحو 60% من احتياجاتها السنوية، في حين تأتي تونس واليمن المغرب في مرتبة تالية.
ويشير الخبير الاقتصادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن استباق الحكومة بوضع سعر استرشادي، بنحو 1000 جنيه للطن، لا يمثل أي تعديل حقيقي على سعر توريد القمح، منوها بأن نسبة الزيادة التي طرأت على سعر توريد القمح، بلغت 14.9%، وهي تعادل الزيادة في قيمة التضخم المعلنة رسمياً من الدولة، في يوليو/ تموز الماضي.
ويتوقع المصدر، أن يرتفع التضخم خلال موسم الشتاء، مع استمرار التراجع في قيمة الجنيه، الذي انخفض بنحو 5%، مقابل الدولار، عما كان عليه أثناء فترة التوريد الماضية، وينتظر أن يبلغ الدولار نحو 25 جنيهاً في نهاية إبريل/ نيسان المقبل، بما يوازي انخفاضا، قيمته 25% من قيمة الجنيه التي كان عليها مطلع العام الحالي وفق توقعلاته.

ويقول الخبير الاقتصادي: إن تلك المقارنات مهمة جداً للزراعة، لأن مصر تستورد معظم الحبوب من الخارج بالعملة الصعبة، ويأتي القمح ومن بعده الذرة والبقوليات على سلم الأولويات.
ويبدى مراقبون خشيتهم من تصاعد الطلب على القمح في ظل أنباء عن سوء موسم زراعة القمح في الأرجنتين والبرازيل والأزر في الصين والهند، بالإضافة إلى مشاكل الحرائق في مناطق واسعة بأنحاء العالم، ما قد يدفع أكبر كتلتين تعداداً في السكان وهما الصين والهند، إلى زيادة تخزين احتياجاتهما من القمح والسلع الغذائية، وقد ترفع الأسعار إلى أعلى من جديد.
ويعتبر نقيب الفلاحين، الزيادة التي حددتها الحكومة للطن، مجرد مؤشر لما ستكون عليه أسعار القمح، مؤكداً أن مجرد تفكير الحكومة في الإعلان عن السعر ووضع برنامج للتوريد قبل بدء موسم الزراعة، سيشجع المزارعين على إنتاج المحصول الاستراتيجي.
وطلب عدد من أعضاء مجلس النواب لدى الحكومة، وقف عمليات القبض على المواطنين الذين رفضوا التوريد الإجباري، وإلغاء المحاضر المحررة ضدهم، وفقاً للقرار الذي استمد قوته من نصوص قانون الأحكام العرفية رقم 45 لسنة 1945، الذي أصدره الاحتلال البريطاني لإجبار المصريين على توريد الغذاء لقواته وسكان المدن، خلال الحرب العالمية الثانية.
واستند النائب البرلماني إيهاب رمزي في طلبه إلى ارتفاع تكلفة إنتاج فدان القمح إلى نحو 15 ألف جنيه، وانخفاض العائد من البيع الذي بلغ 16 ألف جنيه، عن فترة عمل تمتد 6 أشهر. وأجبرت الحالة الجيوسياسية الحكومة على الاهتمام بمحصول القمح، مع ذلك لم تهتم بعد بدخل الفلاح، الذي ينتظر ثمار عرقه وحريته في بيع محصوله، بالسعر الذي يريده.

المساهمون