استمع إلى الملخص
- يوضح خبير البنوك رشاد عبده أن ارتفاع الدولار ناتج عن سياسات الحكومة في إدارة سعر الصرف، مع خطط لبيع الأصول العامة لتوفير 3.6 مليارات دولار بحلول يونيو 2025.
- يعقد صندوق النقد الدولي اجتماعًا لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وسط ضغوط على الجنيه وتأجيل دفع الشريحة الرابعة من القرض.
ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في الأسواق في بداية جلسات التداول، اليوم الأحد، ليصل إلى 50.77 جنيهاً في البنك المركزي والبنوك وشركات الصرافة. بدأ الدولار الصعود الناعم في مواجهة الجنيه، منذ نهاية الأسبوع الماضي، في اتجاه معاكس لمؤشر الدولار في الأسواق الدولية، التي سجلت انخفاضاً سعرياً كبيراً بنسبة 2.3٪، أعاده إلى مستوياته المسجلة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وفقاً لمؤشر "بلومبيرغ" للدولار الفوري.
وصعد الدولار مقابل الجنيه المصري ليصل في البنك المركزي المصري إلى 50.46 جنيهاً للشراء و50.77 جنيهاً للبيع، بالتوازي مع ارتفاع اليورو إلى 54.65 جنيهاً للشراء و54.80 جنيهاً للبيع والجنيه الإسترليني 65.17 للشراء و65.37 للبيع والريال السعودي 13.50 جنيهاً للشراء و13.54 للبيع، والدينار الكويتي 164.27 جنيهاً للشراء و164.82 جنيهاً للبيع واليوان الصيني 6.98 جنيهات للشراء و7.06 جنيهات للبيع.
تعرّض سعر الدولار للتذبذب في البنوك، ليدور حول السعر المعلن في البنك المركزي، حيث بلغ في حدوده الدنيا عند 50.60 جنيهاً للشراء و50.79 جنيهاً للبيع. يأتي الصعود التدريجي بقيمة الدولار، ليضيف 4 قروش (الجنيه = 100 قرش) في المتوسط منذ بداية مارس/ آذار الجاري، مدفوعاً بزيادة الطلب المحلي على الدولار، من قبل المستوردين لتمويل الواردات، وندرة العرض، مع استمرار انخفاض إيرادات الدولة من الدولار، من قناة السويس وتعطل القروض المقرر استقبالها من صندوق النقد الدولي، وتأخر الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحافظ الاستثمارية في الدخول بقوة للسوق المصري، التي تدفع البنك المركزي إلى الاستمرار في فرض القيود على السحب والتحويلات الدولارية، بما يجعل الدولار أكثر ندرة في السوق.
يؤكد خبير البنوك والاستثمار رشاد عبده أنّ تراجع الدولار في الأسواق العالمية يعكس طبيعة السوق وآليات العرض والطلب عليه في الأسواق الأجنبية، التي تعكس تخوف المستهلكين من زيادة معدلات التضخم، وتحولاً في معنويات المستثمرين تجاه الدولار، وتخوفهم المتصاعد بشأن نمو الاقتصاد الأميركي مع حرب التعرفة الجمركية وتراجع بيانات الوظائف الأميركية، التي تدفعهم إلى عدم الرهان على صعود الدولار خلال الشهرين المقبلين على الأقل.
فسر عبده ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، بأنه نتاج طبيعي لحالة السوق المصرية، التي تديرها الحكومة، عبر قواعد خاصة بها، تعتمد على إدارة سعر الصرف ليرتفع الدولار مقابل الجنيه في حدود ضيقة لا تزيد صعوداً أو هبوطاً 5٪، معتمدة كلما ضاق بها الأمر على بيع أصل من الأصول العامة للأجانب، على غرار ما اتخذته من بيع لمدينة كاملة برأس الحكمة للصندوق السيادي في الإمارات، ما ساهم في إنقاذ الجنيه العام الماضي من التدهور الحاد، لينزل الدولار من مستوى 70 جنيهاً بالسوق الموازية إلى 50 جنيهاً في المتوسط لأكثر من 8 أشهر.
وأكد الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الدولار لن يصعد أمام الجنيه أكبر من النسب المقررة من قبل الحكومة، خلال الفترة المقبلة، مع وجود خطط واضحة من الحكومة حول بيع المزيد من الشركات العامة والمملوكة للدولة إلى المستثمرين الأجانب، لتوفير السيولة اللازمة للدولار، متحصنة برغبتها في توسيع الملكية وإسناد دور كبير للقطاع الخاص في الاقتصاد. ولفت إلى أن صعود الدولار بمعدل 2٪ في الآونة الأخيرة "أمر غير مخيف، ولن يقلق الأسواق، ولا سيما في ظل الركود على طلب السلع من قبل المستهلكين الذين تراجعت قوتهم الشرائية".
وتستهدف الحكومة بيع 4 شركات أو أكثر حتى نهاية يونيو/ حزيران 2025، لتحصيل 3.6 مليارات دولار، بينما تسعى لعقد صفقة بيع أصول كبرى على غرار بيع مدينة رأس الحكمة، التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار. وقال محللون اقتصاديون لــ"العربي الجديد" إن البنك المركزي قد يسمح بارتفاع الدولار تدريجياً في إطار تنفيذه لسياسات مرونة سعر الصرف المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ عام اتفاقه الأخير عام 2022، الذي قضى بمنح مصر 8 مليارات دولار على أقساط ربع سنوية، مع إضافة 1.3 مليار دولار من صندوق الاستدامة والصلابة التابع له.
ويشير المحللون إلى أن تعطل إجراءات إفراج الصندوق عن تقديم قرض الصلابة والاستدامة، والقسط الرابع المستحق لمصر، يدفع إلى ندرة الدولار لدى البنك المركزي، الذي يجري تعويضه، بإصدار سندات دولارية، والإسراع في بيع الأصول العامة للمستثمرين الأجانب.
اجتماع صندوق النقد الاثنين
في سياق متصل، يعقد صندوق النقد الدولي اجتماعاً مساء غد الاثنين، لمناقشة المراجعة الرابعة لبرنامج إصلاح الاقتصاد المصري، ومدى التزام البنك المركزي باتباع مرونة سعر الصرف، واتخاذ قرار بشأن صرف 1.2 مليار دولار، هو جزء من الشريحة الرابعة للقرض الأصلي للصندوق، الأمر الذي يصفه محللون بأنه يزيد من الضغوط على الجنيه، قد تدفع إلى تراجعه أمام الدولار خلال الأيام المقبلة.
وتشير التقديرات المتشائمة حول المستقبل المنظور للجنيه، إلى عدم موافقة الصندوق على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بتأجيل رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم خلال الربع الأول من العام الجاري، الأمر الذي دفع الصندوق إلى تأجيل دفع الشريحة الرابعة من القرض، وتقسيط القرض المقرر من صندوق الاستدامة والصلابة على عدة مراحل، بدلاً من تقديمه للحكومة دفعة واحدة، طبقاً لنص الاتفاق الأصلي، لربط الأقساط بمدى التزام الحكومة رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم السلعي للمواطنين.
وذكرت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك، الخميس الماضي، أنه سيُصرَف تمويل برنامج الصلابة والاستدامة لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار على شرائح، بدلاً من دفعة واحدة، على أن تحدد قيمة وتوقيت كل شريحة في توقيتات لاحقة. ويعتبر اقتصاديون تراجع الصندوق، عن الصرف الفوري لمبلغ القرض، مؤشراً على رغبة مجلس مديري الصندوق ضمان تنفيذ الحكومة للإصلاحات الاقتصادية الموقع عليها من قبل الحكومة في شهري مارس/ آذار ويونيو/ حزيران 2024.
وتؤكد مصادر اقتصادية لــ"العربي الجديد" أن ضغوط صندوق النقد، على الحكومة، تأتي في وقت تعاني فيه مصر من زيادة الالتزامات الدولية المستحقة بالدولار خلال شهري مارس الجاري وإبريل/ نيسان المقبل، وفقاً لتقديرات البنك المركزي، بقيمة تصل إلى 13 ملياراً و778 مليون دولار، بينما يصل إجمالي التزامات المركزي إلى نحو 22.46 مليار دولار حتى ديسمبر/ كانون الأول 2025، عدا التزامات الحكومة تجاه سداد أقساط مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية وقيمة صفقات القمح والسلع الغذائية التي تُستورَد بنظام الدفع الآجل.