مصر: زيادة كبيرة في المكافآت المالية للنواب وأقاربهم

19 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 17:12 (توقيت القدس)
البرلمان المصري يقر موازنة 2025، 3 يونيو 2024 (مجلس النواب)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت موازنة مجلس النواب المصري 2025-2026 عن زيادة كبيرة في المكافآت والامتيازات لأعضاء البرلمان وأقاربهم، حيث ارتفعت بمعدل أربعة أضعاف مقارنة بزيادة 60% لباقي العاملين بالدولة، مع زيادة رواتب النواب بنسبة 30% اعتباراً من يوليو المقبل.

- وافق المجلس على زيادة 133 مليون جنيه في الموازنة لتغطية الأجور، مع توفير امتيازات مثل التأمين الطبي والبطاقات المجانية للطيران، واحتفاظ النواب بمخصصاتهم المالية من جهات عملهم.

- رغم تراجع الجنيه، ارتفعت بدلات الجلسات، ويُصرف للنواب مكافآتهم بانتظام حتى للمتغيبين، مما يثير الجدل حول تطبيق اللوائح.

كشفت وثائق موازنة مجلس النواب في مصر للعام المالي 2025-2026 عن زيادة هائلة في المكافآت المالية والامتيازات العينية لأعضاء البرلمان وأقاربهم من الدرجة الأولى، بمعدل أربعة أضعاف خلال السنوات الأربع الماضية، مقارنة بنحو 60% لباقي العاملين بالدولة، مع صعود مستمر في رواتب ومكافآت النواب والعاملين اعتباراً من يوليو/ تموز المقبل، بزيادة تصل إلى 30%، بينما يبلغ الحد الأقصى للزيادة لدى العاملين بالحكومة والقطاع العام وأصحاب المعاشات 15% فقط من المعدلات السائدة حتى يونيو/ حزيران الجاري 2025.

وبيّنت الوثائق التي اطّلع عليها "العربي الجديد" أنّ المجلس استجاب لطلبات عدد من النواب بزيادة الأجور والمميزات العينية لهم ولأسرهم، من دون محاسبة أي منهم على عدد حضور الجلسات والمناقشات التي تُجرى باللجان النوعية، بما يمنحهم حق صرف الحد الأقصى لكل من الرواتب وبدلات حضور الجلسات، مع تجاهل غياب نحو 50% من الأعضاء الذين حضروا لبعض الوقت، ومنهم من لم يدخل البرلمان طوال العام.

وكان مجلس النواب المصري قد وافق في جلسته العامة، مساء الثلاثاء الماضي، بصفة نهائية على مشروع الموازنة التفصيلية للمجلس عن العام المالي الجديد، بزيادة مقدارها 133 مليون جنيه، بهدف تغطية الزيادة الحاصلة على مخصصات الأجور، وذلك ضمن جلسة التصويت على الموازنة العامة للدولة لعام 2025-2026 دفعة واحدة، دون أن يمنح النواب تفاصيل موازنة المجلس، مكتفياً بذكرها في سطر واحد ضمن جدول أعمال الجلسة. (الدولار = 50.60 جنيهاً تقريباً).

وبلغت اعتمادات المجلس في عام 2025-2026 نحو مليارين و308 ملايين جنيه، موزعة بواقع مليار و345 مليون جنيه للأجور، و883 مليون جنيه لشراء السلع والخدمات، و80 مليون جنيه للاستثمارات، مقارنة مع مليارين و175 مليون جنيه في عام 2024-2025، موزعة إلى مليار و284 مليون جنيه للأجور، و816 مليون جنيه لشراء السلع والخدمات، و75 مليون جنيه للاستثمارات.

ووفقاً لوثيقة برلمانية، يستحوذ الموظفون على الحصة الأكبر من بند الأجور في مجلس النواب، إذ يبلغ عددهم نحو 2700 موظف وعامل، فيما يحظى النواب بحصة معتبرة من مخصصات بند شراء السلع والخدمات، في ظل تمتّعهم بامتيازات عينية كثيرة بخلاف المكافآت والبدلات النقدية، منها التأمين الطبي الشامل لهم ولأسرهم من الدرجة الأولى، والحق في الحصول على بطاقات مجانية لرحلات الطيران الداخلية، واشتراك سفر بالدرجة الممتازة في هيئة السكك الحديدية، واقتراض مبالغ مالية بضمان المكافأة الشهرية، فضلاً عن الاحتفاظ بجميع مخصصاتهم المالية من جهات عملهم طوال مدة عضويتهم النيابية.

وعلى وقع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ارتفعت بدلات حضور الجلسات لأعضاء المجلس من 750 إلى 1000 جنيه، وبدل اجتماع اللجنة النوعية من 400 إلى 600 جنيه، بدايةً من العام المالي الجديد، بما يعادل أربعة أضعاف ما تقاضوه في الفصل التشريعي السابق (2015-2020)، والذي كان يبلغ فيه بدل الجلسة 250 جنيهاً، وبدل اللجنة النوعية 150 جنيهاً.

وتقاضى رئيس البرلمان السابق والقيادي في تحالف "الجبهة الوطنية" الداعمة للنظام، علي عبد العال، نحو أربعة ملايين جنيه (ما يعادل 79.05 ألف دولار) مكافآت وبدلات منذ بداية الفصل التشريعي في يناير/ كانون الثاني 2021، على الرغم من حضوره الجلسة الافتتاحية فقط، وتغيبه طيلة 54 شهراً دون حضور أي جلسات أو لجان، طوال الفصل التشريعي 2020-2025، من دون أن تتخذ إدارة المجلس أي إجراء ضده، وسماحها بصرف مستحقاته المالية كاملة عن كل شهر.

بهذه الكلمات، تحدث عضو في قطاع الإدارة المالية بمجلس النواب المصري عن عبد العال، أستاذ القانون الدستوري في جامعة عين شمس، رئيس البرلمان السابق وعضوه الحالي، الذي لم تطأ قدماه مقر المجلس منذ الجلسة الافتتاحية في 12 يناير 2021. ورغم ذلك، لم يطبّق رئيس المجلس، رئيس المحكمة الدستورية السابق في مصر حنفي جبالي، أحكام اللائحة المنظمة ضده بحرمانه من المكافأة. وتنص المادة 362 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أنه "لا يجوز للعضو أن يتغيب أكثر من 3 جلسات في الشهر، إلا إذا حصل على إجازة أو إذن من المجلس لأسباب تبرر ذلك". 

و"لا يجوز طلب الإجازة لمدة غير معينة، وللرئيس في حالة الضرورة العاجلة أن يرخص بالإجازة للعضو، ويخطر المجلس بذلك في أول جلسة"، وفق المادة. وبحسب المادة نفسها، "إذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن، أو لم يحضر بعد مضي المدة المرخص له فيها، اعتُبر متغيباً دون إذن، ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب". كما تنص المادة 366 من اللائحة نفسها، على أن "يعرض رئيس كل لجنة على رئيس المجلس شهرياً، وكلما رأى رئيس اللجنة ضرورة لذلك، تقريراً عن حضور أعضاء اللجنة وغيابهم".

ووفق مصادر برلمانية، عمدت لجنة إعداد اللائحة، المشكّلة من أعضاء المجلس أنفسهم، إلى عدم وضع عقوبة مشددة بشأن تغيب الأعضاء عن حضور الجلسات واللجان، ما سهّل للكثير منهم اعتياد التغيب لانشغالهم بأعمالهم الخاصة، في مخالفة للمادة 103 من الدستور، التي اشترطت تفرغ عضو المجلس لمهام العضوية، وأن يُحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقاً للقانون.

في السياق، قال عضو في الإدارة المالية بالمجلس في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إنّ جميع المكافآت والبدلات المخصصة للنواب في مصر تُصرف بانتظام شهرياً على بطاقاتهم المصرفية، من دون اقتطاع أو خصم لأي عضو، بتعليمات مباشرة من الرئيس، إذ إنّ الاستثناء لا يخص عبد العال وحده، بل يشمل جميع الأعضاء المتغيبين باستمرار عن حضور الجلسات واللجان. وأضاف أنّ نحو 50% من نواب البرلمان، البالغ عددهم 596 نائباً، غير منتظمين في الحضور، بينهم قرابة 100 نائب متغيبون تماماً عن الحضور في مقر البرلمان منذ أشهر عديدة، وتصرف لهم بدلاتهم ومكافآتهم شهرياً كأنهم مواظبون.

وتابع عضو الإدارة المالية، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أنّ عبد العال يتقاضى أيضاً معاشاً بقيمة 67 ألفاً و580 جنيهاً شهرياً، بصفته رئيساً سابقاً لمجلس النواب، بموجب أحكام القانون رقم 28 لسنة 2018 بشأن تحديد مرتبات كبار المسؤولين، ومنها رئيسا مجلسي النواب والشورى (الشيوخ)، ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء. وأوضح أنّ عبد العال حصل بدايةً على معاش قدره 33 ألفاً و600 جنيه بنسبة 80% من الحد الأقصى للأجور في الدولة، البالغ 42 ألف جنيه، إلا أنه خضع لخمس زيادات سنوية بنسبة 15% دون حد أقصى للزيادة، وذلك بخلاف نحو 70 ألف جنيه يتحصل عليها شهرياً نظير كونه عضواً حالياً بالمجلس.

وكشف عضو الإدارة المالية أن جميع أعضاء مجلس النواب يتقاضون ما يناهز 70 ألف جنيه شهرياً في المتوسط، علماً بأن المادة 428 من اللائحة تنص على أنه لا يجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه رئيس المجلس أو وكيلاه أو أي من أعضائه من موازنة المجلس، تحت أي مسمى، عن الحد الأقصى للأجور. كما تُعفى أي مبالغ تُدفع للأعضاء من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها.

وقد ضاعف مجلس النواب المصري موازنته السنوية عدة مرات منذ عام 2015، إذ كانت تبلغ 508 ملايين جنيه فقط في موازنة العام المالي 2014-2015، وزيدت بنحو 92 مليون جنيه في العام التالي، و221 مليوناً في 2016-2017، ونحو 279 مليوناً في العام المالي التالي، و300 مليون في 2018-2019، و151 مليوناً في موازنة 2019-2020، و55 مليوناً في موازنة 2020-2021.

وفي كلمته بإحدى جلسات الحوار الوطني، طالب المتحدث باسم حزب العدل، عبد العزيز الشناوي، بزيادة رواتب أعضاء مجلس النواب بصورة رسمية، بحجة أنها من الأقل في أفريقيا والعالم، قياساً بسعر الدولار، ولا تتناسب مع احتياجات عضو البرلمان حتى يتفرغ لمهام العضوية. وبحسب بيانات صادرة عن الاتحاد الأوروبي، فإن معدل الرواتب والأجور للنواب في البرلمانات الأوروبية لا يتعدى 100 ألف يورو سنوياً. ويتقاضى النائب الفرنسي نحو 102 ألف دولار سنوياً، وفي سويسرا 73 ألف دولار، وفي البرتغال 54 ألف دولار، وفي إسبانيا 41 ألف دولار.

المساهمون