استمع إلى الملخص
- افتتحت مصر مشروعات جديدة للطاقة الشمسية مثل محطة إيميا باور في أسوان بقدرة 500 ميغاوات، مع خطط لمحطة أخرى بقدرة 1000 ميغاوات. تكلفة الكهرباء الشمسية أقل من الغاز، لكن تواجه تحديات تنظيمية ودعماً غير كافٍ.
- تعرقل عقبات تنظيمية التوسع في الطاقة الشمسية، مثل منع تركيب عدادات ثنائية الاتجاه. تسعى الحكومة لزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030 وتبحث عن دعم دولي، ومع رفع الدعم عن الكهرباء، تصبح الطاقة الشمسية أكثر جاذبية.
بفضل أجوائها الصافية وأراضيها الصحراوية الشاسعة وشبكة الكهرباء المتطورة، تمتلك مصر كل المقومات اللازمة لتحقيق توسع هائل في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، لكنها لم تتحرك سوى الآن لاستغلال تلك الإمكانيات بعدما قفزت فاتورة واردات الغاز الطبيعي. وكان الانخفاض الحاد في إنتاج الغاز محليا، إلى جانب الزيادة في الاستهلاك، قد فاجأ السلطات، العام الماضي، وتسببا في انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر خلال فصل الصيف الحار.
وقال أحمد مرتضى، رئيس قسم الطاقة في مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: "لقد كان بمثابة جرس إنذار هائل، وهذا هو السبب وراء إعلان الحكومة في الآونة الأخيرة عن حزمة طوارئ كبيرة". واضطرت مصر إلى إنفاق ما يزيد على مليار دولار فوق ما كانت تتوقعه لاستيراد الغاز الطبيعي المسال العام الماضي، ويقدر محللون أنها ستنفق مليارات أخرى في عام 2025.
تقول شركات الطاقة الشمسية إنها تستطيع توفير الكهرباء بسعر أرخص كثيرا مقارنة بسعر الكهرباء المولدة باستخدام توربينات الغاز، وذلك بالاستعانة بألواح رخيصة الثمن من الصين، لكنها تشكو من أن دعم الطاقة الذي يشوه السوق واللوائح التنظيمية التي تنطوي على كثير من القيود التي تعوق التوسع في توليد الطاقة الشمسية. وخلال مؤتمر صحافي في ديسمبر/كانون الأول، أشار حسين النويس، رئيس مجلس إدارة شركة إيميا باور للطاقة المتجددة، ومقرها الإمارات، إلى موارد مصر المتميزة في ما يتعلق بمصادر الطاقة الشمسية والأراضي.
مشروعات جديدة لتوليد الكهرباء
افتتحت إيميا باور محطة للطاقة الشمسية بكلفة 500 مليون دولار وبطاقة إنتاجية تبلغ 500 ميغاوات في أسوان، على بعد 650 كيلومترا جنوبي القاهرة، الشهر الماضي، وتعتزم بناء محطة ثانية بقدرة 1000 ميغاوات في مكان قريب. وقال النويس إن الشركة ستنفق في البداية 300 مليون دولار من أموالها الخاصة حتى تتمكن من البدء في بناء المحطة الجديدة قبل التوصل إلى اتفاق تمويل نهائي بحلول مايو/أيار المقبل، وإنه من المتوقع أن يبدأ الإنتاج في المحطة الثانية بحلول الربع الأول من عام 2026.
وأضاف النويس أن كلفة الكهرباء المنتجة في محطتي إيميا للطاقة الشمسية ستراوح بين سنتين وثلاثة سنتات أميركية لكل كيلووات/ ساعة، مشيرا إلى أن الكلفة "بالتأكيد ستكون أرخص من محطات الغاز". ووفقا لمصادر تعمل بقطاع الطاقة، من الصعب حساب كلفة توليد الكهرباء باستخدام توربينات الغاز لأن شرائح الأسعار المدعومة تشوه المنظومة، لكن أحد المنتجين قدّر كلفة الإنتاج بما يراوح بين سبع إلى وتسع سنتات لكل كيلووات/ ساعة.
وتشتري الهيئة المصرية العامة للبترول، المملوكة للدولة، الغاز من المنتجين المحليين بأقل من سعر السوق ثم تبيعه لمحطات الكهرباء باقتطاع إضافي. وتبيع شركات التوزيع الحكومية الكهرباء للمستهلك النهائي بأسعار أقل مرة أخرى، حتى بعد زيادة أسعار الاستهلاك لبعض الأسر بنسبة تصل إلى 50% العام الماضي.
وإيميا باور واحدة من ثلاث شركات منتجة تخطط لإنشاء محطات شمسية كبرى لتغذية شبكة الطاقة في مصر بالكهرباء مباشرة. ووقعت شركة سكاتيك، ومقرها النرويج، اتفاقا في سبتمبر/أيلول لمشروع تبلغ طاقته الإنتاجية 1000 ميغاوات، في حين وقع كونسورتيوم يضم شركتي إنفينيتي ومصدر الإماراتيتين وحسن علام المصرية اتفاقا في نوفمبر/تشرين الثاني لتوليد 1200 ميغاوات من الطاقة. لكن النويس رجح أن تحتاج مصر إلى آلاف أخرى من الميغاوات لتلبية الطلب في السنوات المقبلة.
عراقيل أمام الطاقة الشمسية
تقول مصادر مطلعة بقطاع الطاقة إن أحد أسباب التحول البطيء في مصر إلى الطاقة الشمسية هو أن الإدارات الحكومية المختلفة لا يوجد لديها حافز كبير للتركيز على الكلفة الإجمالية للطاقة. وقال ياسين عبد الغفار، من شركة سولاريز إيجيبت، التي توفر الطاقة الشمسية بشكل رئيسي للشركات الخاصة: "المشكلة مع مصر هي أنها عبارة عن مجموعة من الجزر. ولا يوجد نهج مركزي ينسق فيه الوزراء في ما بينهم".
وفي أوائل عام 2024، جرى سن قانون يسمح لمنتجي الطاقة من القطاع الخاص بتوفير الكهرباء للشركات، ومنها المصانع، على الرغم من أنها لن تقبل في البداية سوى مشاريع تبلغ قدرتها 500 ميغاوات على مستوى البلاد. وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في نوفمبر/تشرين الثاني إن مصر تسعى إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 42% بحلول عام 2030، مقارنة مع 11.5% حالياً يتم توليدها عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية.
وقال مرتضى إن الحكومة تتطلع إلى دعم دولي لتعزيز الشبكة وتوسيعها لتشمل مواقع إنتاج الطاقة الشمسية، وإن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يبحث كيفية تقديم المساعدة. ومع دخول الطاقة المتجددة إلى السوق، تخطط مصر لإغلاق محطات الطاقة القديمة والأقل كفاءة تدريجيا.
وهناك عقبة أخرى أمام التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وهي لائحة تنظيمية تمنع المستهلكين، الذين يعيشون بشكل رئيسي في شقق سكنية بالمدن، من تركيب عدادات كهرباء ثنائية الاتجاه إلا إذا كانوا يملكون المبنى بالكامل. ومن شأن تلك العدادات السماح لهم بإضافة إمدادات على الشبكة أو شراء تلك الإمدادات لاستهلاكهم.
وتقول مصادر القطاع إن الحكومة لم تضع بعد في أولوياتها مقترحات لتعديل هذه اللائحة. وبحسب تقدير أيمن راسخ، الرئيس التنفيذي لشركة سولار سول، التي تقدم الخدمة لمنازل وشركات، ستصبح الطاقة الشمسية متوفرة للمستهلكين في المنازل عندما يرتفع سعر الكهرباء من الشبكة الحكومية إلى أكثر من ثلاثة أو أربعة جنيهات لكل كيلووات/ ساعة.
وحالياً تدفع الأسر الأكثر ثراء 2.35 جنيه (0.0462 دولار)، عن استهلاكها من الكهرباء لكل كيلووات/ ساعة. وتتضمن حزمة الدعم المالي، التي وقعتها مصر مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثمانية مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، تعهدا بخفض دعم الطاقة، وذلك بعد تأجيل رفع أسعار الكهرباء مراراً وسط أزمة اقتصادية. وقال راسخ "عندما ترفع الحكومة دعم الكهرباء، فسوف ترى الألواح الشمسية على أسطح المنازل كما ترى الآن أطباق استقبال البث التلفزيوني عن طريق الأقمار الصناعية".
(الدولار = 50.87 جنيهاً مصرياً)
(رويترز)