استمع إلى الملخص
- يشدد الخبراء على أهمية عقد مؤتمر دولي لتمويل إعادة إعمار غزة، بمشاركة الدول الراعية، لتحديد الجهات المسؤولة وضمان حقوق الأطراف، مما يساهم في إنعاش الشركات المصرية، خاصة في قطاع مواد البناء.
- يتوقع الخبراء أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى استعادة حركة النقل البحري عبر قناة السويس وزيادة إيراداتها، وتحسين الزخم السياحي في سيناء، بالإضافة إلى التحضير لمنصات تعليمية افتراضية لدعم التعليم في غزة.
يعلق اقتصاديون في مصر آمالاً واسعة على أن يدفع الاستقرار الأمني في غزة لإنقاذ اقتصاد مصر من أزمة مالية خانقة.
يأمل الخبراء أن تستعيد قناة السويس حركة الملاحة الدولية المعطلة منذ عام، واستئناف الأنشطة السياحية في سيناء، وزيادة الصادرات المحلية إلى غزة، مع استغلال طاقات المصانع المعطلة لتحريك القطاع الإنتاجي غير النفطي من حالة الركود المستقر بها منذ 4 سنوات، بالإضافة إلى مشروعات إعادة الإعمار.
لكن رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، محمد سامي سعد، يبدي حذراً شديداً من توجه الشركات المصرية للعمل بمشروعات إعادة إعمار المناطق المنكوبة بغزة بصورة عاجلة، مؤكداً صعوبة العمل في قطاع ما زال مهدداً بعودة حالة الحرب والعدوان.
قال سامي لـ"العربي الجديد" إنه لا يمكن أن تعمل شركات المقاولات تحت تهديد السلاح إلا في الظروف القاهرة داخل البلد، كما حدث أثناء حرب الاستنزاف، عندما ساهمت شركة "المقاولون العرب" ببناء المعسكرات والمناطق المدمرة بمدن القناة، خلال فترة الاستعداد لحرب أكتوبر 1973.
استقرار أمني
وأشار رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء إلى أن قطاع البناء والتشييد يحتاج إلى استقرار أمني وسياسي، وخطة إعمار واضحة تحدد الجهات التي ستتعامل معها الشركات، وسبل حماية المعدات والأفراد والتمويل والإشراف على الأعمال والاستلام، مبيناً أنه إذا لم تكن هناك عملية سياسية تحدد طريقة التعامل مع الأطراف التي ستتولى إعمار غزة، والرعاة القائمين على تنفيذ وقف إطلاق النار وهم قطر ومصر والولايات المتحدة، فلن تدخل شركات المقاولات وتخاطر بمعداتها وحياة أفرادها، إلا بعد أن تتضح رؤية مستقبلية آمنة للقطاع.
كما يشدد سامي على حاجة قطاع غزة إلى عملية تطهير شاملة للمباني المهدمة والمناطق المنكوبة، تزيل جميع مخلفات الحرب والمفرقعات التي ما زال بعضها قابلاً للانفجار بأية لحظة، مذكراً بأن هذه العمليات تحتاج إلى تعاون أمني مع شركات تحددها الجهات المسؤولة في الدولة، تعمل ضمن خطة عاجلة لتأمين مسارات المواطنين والمناطق القابلة للسكن والحياة، إلى أن توضع خطط موازية للإعمار الشامل، تشارك في تمويلها الدول العربية والإسلامية، والمنظمات الدولية المعنية بإعادة توطين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.
وأعرب رئيس اتحاد مقاولي التشييد والبناء، عن رغبة الشركات المصرية، بتوقف حالة الحرب تماماً، لتحظى بفرصة المشاركة بإعادة البنية الأساسية المدمرة، وإزالة الركام للمنشآت التي ستحتاج معدات وإمكانات هائلة، تمكنها من أن توظف طاقات قطاع البناء الهائلة، لتساعده في الخروج من أزمة مالية حادة، وركود بالتشغيل محلياً، مع صعوبة الحصول على مستحقات الشركات لدى الحكومة، وتراجع قدرته على المشاركة في الأعمال في الخارج، بسبب انتشار العنف في ليبيا والسودان، وتوتر الأجواء في العراق، والعديد من الدول الأفريقية.
تمويل خطة الإعمار في غزة
بدوره، قال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، سمير عارف، لـ"العربي الجديد" إن إعادة إعمار غزة يتطلب عقد مؤتمر دولي، تشارك فيه الدول الراعية للاتفاق، والحكومات القادرة على المساهمة بتمويل خطة الإعمار، وتحديد جهة الإسناد والاستلام، سواء كانت تابعة للسلطة الفلسطينية أو حماس، بما يضمن وضع جدول زمني للتنفيذ وحقوق كل الأطراف.
وفي السياق، يؤكد عارف أنه رغم حاجة الشركات المصرية إلى نيل حصة كبيرة من برنامج إعادة إعمار غزة المتوقع أن تصل إلى نحو 80 مليار دولار، خلال مدة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات، ستساهم في إنعاشها مالياً، فإن الأمر يقتضي أن نفكر في تأمين الاستقرار الأمني الدائم بالقطاع، قبل الشروع بإعادة ما دمره الاحتلال، منوها باستئناف المستثمرين تجميع المساهمات العينية والمادية، وإعداد قوافل من المساعدات الإنسانية لتوصيلها إلى غزة، تتضمن بعض معدات رفع الأنقاض، وإعادة تشغيل البنية الأساسية المتبقية من الدمار الذي ألحقه الاحتلال بالمرافق العامة بغزة.
على صعيد آخر، عبر عضو مجلس إدارة المجلس التصديري لصناعة مواد البناء مجاهد نصار، عن أمله في أن تساهم عودة حركة التجارة بين غزة ومصر في إنعاش قطاع مواد البناء، الذي يعاني من حالة ركود حادة، أصابت معظم الشركات، وجعلت المصانع تعمل عند 20% فقط من مستويات إنتاجها الطبيعية، مشيراً في تصريحات صحافية إلى إمكانية تلبية مصانع وشركات مواد البناء لجميع احتياجات عمليات إعادة إعمار غزة، والتي يمكن أن ترفع معدلات التشغيل إلى نحو 50% من طاقة المصانع الإنتاجية.
في المقابل، كشف نقيب المهندسين، طارق النبراوي، عن تجهيز فرق هندسية، لتقديم الخبرات الفنية لإعادة إعمار القطاع، وترميم ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية من مبان ومنشآت، منوها في تصريحات صحافية بالتنسيق مع الأجهزة المعنية بالدولة، للمشاركة في وضع الحلول المتعلقة بإعادة الإعمار، وإزالة الركام المتخلف عن هدم عشرات الآلاف من المباني، على مدار الأشهر الماضية، مع الاستفادة من المخلفات بتدوير مكوناتها، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وإزالة آثار التلوث الناتج عن الحرب بالتربة.
قناة السويس
في إطار متصل، يؤكد عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق وائل قدور أن تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، سيعيد الهدوء إلى مسار النقل البحري عبر باب المندب والبحر الأحمر، بما يدفع النمو بإيرادات قناة السويس، التي خسرت نحو 7 مليارات دولار، جراء تراجع معدلات التشغيل، خلال عام 2024. ويتوقع قدور عودة شركات الملاحة الكبرى إلى القناة، خلال 4 أشهر، بينما أعلنت أكبر 6 شركات ملاحة دولية عن ترقبها حالة توقف الحرب تماماً، ومدى التزام الحوثيين في اليمن بحظر اعتراض سفن الشحن، خلال الأسابيع المقبلة، مشيرين إلى عدم توقع عودة الخطوط إلى العمل على مسار البحر الأحمر، قبل نهاية منتصف العام الجاري.
ويشير خبراء إلى أن مصر ستبدأ جني ثمار توقف الحرب على غزة، بعودة التشغيل الكامل لقناة السويس، بما يحقق إيرادات تصل إلى 10 مليارات بالمتوسط سنوياً، اعتباراً من يوليو/ تموز المقبل، خلال العام المالي 2025/ 2026، مؤكدين أن هدوء حركة النقل البحري سيساهم بخفض معدلات التضخم بأسعار الشحن والسلع عالمياً، وتقليل نفقات الواردات لمستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية المتجهة للأسواق المحلية.
عودة الزخم للسياحة في مصر
يتوقع اتحاد الغرف السياحية عودة الزخم في أعداد السائحين المتجهين إلى شبه جزيرة سيناء، خاصة بالمناطق الشاطئية بكل من شرم الشيخ وطابا ودهب، القادمة من الأراضي المحتلة، والوفود القادمة من الأميركتين وغيرهما، بما ينعش معدلات الإشغال التي تعطلت فور اندلاع الحرب على غزة، وبدأت بالعودة تدريجياً، مستقرة طيلة 2024، عند معدلات إشغال ضعيفة، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الحكومي. من جانبها، تجهز نقابة المعلمين، منصات تعليمية افتراضية، تساعد الطلاب والمعلمين الفلسطينيين على استكمال الدراسة، بعد الدمار الهائل الذي لحق بالمنشآت التعليمية في غزة.
ودعا نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، خلف الزناتي، مجلس الاتحاد إلى الانعقاد خلال الفترة المقبلة، لوضع خطة عاجلة، تمكّن الفلسطينيين من استعادة انتظام العملية التعليمية، واستخدام مخلفات مراكز الإيواء في تكوين فصول بالقرب من منازل الطلاب، تساعدهم على العودة التدريجية للفصول والعمل بالمدارس.