مصر: إجبار المزارعين على توريد القمح وتخوفات من رد الفعل

مصر: إجبار المزارعين على توريد القمح وتخوفات من رد الفعل

22 مارس 2022
وزارة التموين قادرة على شراء 7 ملايين طن من القمح المحلي (فرانس برس)
+ الخط -

وصف عدد من الخبراء والمعنيين بزراعة القمح في مصر، قرار الحكومة المصرية بإجبار المزارعين على توريد حصة معينة من إنتاجهم للحكومة بـ"الأهوج"، والذي قد يؤدي لنتائج عكسية، وخاصة بعد "تخويف" المزارعين من بيع محصولهم لغير الحكومة.

يقول مستشار وزير التموين الأسبق، عبدالتواب بركات، إن "السعة التخزينية للصوامع التابعة لشركتي الصوامع والتخزين والصوامع التابعة لشركات المطاحن تسع لحوالي 3.4 ملايين طن، وإذا أضفنا السعة التخزينية للشون الترابية التابعة للبنك الزراعي، وعددها 420 شونة، فإن وزارة التموين قادرة على شراء 7 ملايين طن من القمح المحلي، بشرط إعطاء سعرٍ مجزٍ للمزارعين لا يقل عن 1200 جنيه للأردب، ولكن السعر الذي فرضته الحكومة وهو 885 جنيهاً للأردب، جاء مخيباً لآمال الفلاحين، وسيكون عائقا حقيقيا أمام الحكومة لشراء الكمية المستهدفة".

وأضاف أن قرار التوريد الجبري للقمح صدر من دون دراسة، ولن يجبر الفلاحين على توريد 12 أردباً من كل فدان، لأن 70% من المساحة المنزرعة بالقمح تقل حيازتها عن فدان كامل، وفي ظل زيادة سعر القمح الأجنبي إلى قرابة 8 آلاف جنيه، ومع زيادة سعر الخبز السياحي لجنيه ونصف، سيضطر الفلاح لتخزين حاجة الأسرة من القمح لمدة عام، وربما يفكر في الامتناع عن توريد القمح ويقوم بـ"دشه" علفًا للماشية بسبب زيادة سعر العلف عن سعر القمح بأكثر من 50%، وخشية مصادرته.

وأوضح بركات أن قرار التوريد الإجباري سيدفع الفلاحين للعزوف عن زراعة القمح العام المقبل في ظل تدني السعر الذي تقدمه الحكومة لمزارعي القمح، وكان سبباً مباشراً لتراجع مساحة القمح لحساب البرسيم في النصف الثاني من القرن الماضي، وانخفاض درجة الاكتفاء الذاتي إلى أقل من 30%.

ونوه إلى أنه إذا كانت الحكومة جادة في زيادة كمية القمح المسوقة وتحسين نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح المحلي عليها تقديم سعر عادل يتناسب مع تكلفة المحصول وجودة القمح المصري الذي لا يقل سعره عن 1200 جنيه للأردب في السوق الدولية.

ويرى حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن قرار وزير التموين بإجبار المزارعين على تسليم 12 أردب قمح (الأردب 150 كيلوغراماً) للحكومة عن كل فدان، تم اتخاذه على عجالة ولم يُستشر فيه أصحاب الأمر، وهو ما قد يؤدي لنتائج عكسية.

وأشار في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إلى أن السعة التخزينية للصوامع تصل إلى 3.8 ملايين طن، والحكومة تستهدف توريد 6 ملايين طن، وهو ما يعني أنه سيتم الاستعانة بالمخازن الترابية" الشون"، ما قد يؤدي للمزيد من عمليات الهدر.

وتابع أن 80% من أراضي الحيازات الزراعية أقل من فدان، وبالتالي ستكون عملية التوريد للصوامع أكثر تكلفة على المزارع، كما أن بعض الأراضي لا تنتج الحد الأدنى (12 أردباً)، إضافة إلى أن بعض المزارعين سجلوا في الحيازات زراعة القمح في حين أنهم زرعوا محاصيل أخرى.

ويتوقع أبو صدام أن تكون الاستجابة لهذا القرار في حدود 20%، فجزء من المحصول سيتم تخزينه كعلف للمواشي بعد ارتفاع سعر الأعلاف، إضافة لجزء آخر للخبز وخلافه، لافتًا إلى أن قرارات "التخويف" قد تكون لها مردودات عكسية، وخاصة على المساحات المزروعة.

من جانبه، قال وزير التموين الدكتور على مصيلحي، "إنه نظرًا للظروف العالمية، فمن واجب الدولة تأمين السلع الأساسية، عن طريق عملية "إجبار نسبي".

ونص القرار الوزاري على أن يسلم كل مزارع جزءاً من المحصول بواقع 12 أردباً عن كل فدان كحد أدنى، بناءً على الحيازة الزراعية المسجلة بوزارة الزراعة، مع حظر بيع ما تبقى من القمح لغير جهات التسويق (الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين والشركة العامة للصوامع والتخزين وشركات المطاحن التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والبنك الزراعي المصري) سواء كان البيع لشخص طبيعي أو اعتباري إلا بعد الحصول على تصريح من وزارة التموين.

وشدد على منع نقل القمح الناتج عن موسم حصاد عام 2022 من أي مكان لمكان آخر إلا بعد الحصول على تصريح بذلك من جهات التسويق.

وأوضح وزير التموين أن الاحتياطي الاستراتيجي للقمح يكفي حتى 3.4 أشهر، مشيراً إلى "أننا نستهدف نحو 6 ملايين طن من موسم توريد القمح المحلي الذي سيبدأ في أبريل/نيسان المقبل، وتم تخصيص 36 مليار جنيه تُصرف للمزارعين بعد عملية التوريد بنحو 48 ساعة".

وتوقع تقرير أميركي ارتفاع حجم واردات مصر من القمح خلال العام المالي الجاري 2021/ 2022 إلى نحو 12.4 مليون طن، فيما يبلغ الإنتاج المتوقع من القمح المحلي نحو 9 ملايين طن.

وكشف التقرير أن روسيا احتلت قائمة الموردين الأجانب للسوق المصري خلال العام المالي الماضي 2021/ 2020، مسجلة 8.13 ملايين طن، ثم أوكرانيا بنحو 2.45 مليون، وحل الاتحاد الأوروبى ثالثًا بنحو 1.08 مليون.

المساهمون