مشروع مالية الجزائر 2026... تشديد جبائي وتوجه نحو تنويع الاقتصاد
استمع إلى الملخص
- أظهر مشروع قانون المالية لسنة 2026 تباطؤًا في معدل التضخم إلى 3.25% وزيادة في إيرادات الميزانية بفضل نمو الإيرادات غير النفطية، مع انخفاض النفقات العمومية وارتفاع نفقات المستخدمين وأعباء الدين العام.
- يتضمن المشروع إجراءات جبائية وجمركية صارمة، مثل تشديد الرقابة الجمركية، تعزيز التحصيل الجبائي، وتوحيد عتبة التصريح الجمركي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
في ظلّ تراجع مؤشرات التجارة العالمية وتزايد التوترات الجيوسياسية التي تضغط على الأسواق والاقتصادات الناشئة، كشفت الجزائر عن مشروع قانون المالية لسنة 2026، وسط تحديات مزدوجة، تتمثل في الحفاظ على استقرار الإنفاق العام، ومواصلة مسار تنويع الاقتصاد بعيدًا عن المحروقات. المشروع الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، يعترف صراحةً بحالة عدم اليقين التي تخيّم على البيئة الاقتصادية الدولية، ويقترح جملة من التدابير الجبائية والجمركية الصارمة، إلى جانب إصلاحات تستهدف تحسين فعالية الإيرادات، وتوسيع القاعدة الضريبية.
اعترف نص مشروع قانون مالية الجزائر لسنة 2026 بحالة عدم اليقين التي تسيطر على السياقين الدولي والإقليمي، نتيجة استمرار التوترات الجيوسياسية، وتقلبات الأسواق المالية، وتصاعد النزاعات التجارية، وهي عوامل ما زالت تثقل كاهل التجارة العالمية، وتعرقل آفاق النمو الاقتصادي.
وأشارت الوثيقة، التي حصلت عليها "العربي الجديد"، إلى أنّ هذه الظروف تفرض على الحكومة الجزائرية تعزيز قدرتها على تحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة، من خلال مواصلة جهود تنويع الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار الإنتاجي، وإعادة بعث المشاريع الكبرى المهيكلة، وتطوير الصادرات خارج قطاع المحروقات. كما أكدت ضرورة ترشيد الواردات، وتثمين الإنتاج الوطني لتقليص التبعية لمداخيل الطاقة.
وأضافت الوثيقة أنّ إعداد مشروع ميزانية 2026 يجري وفق أهداف طموحة تسعى إلى الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية، والحفاظ على مسار نمو مستدام يضمن استمرارية النشاط الاقتصادي، واستحداث فرص العمل.
المؤشرات العامة لمشروع قانون مالية الجزائر
استند مشروع قانون المالية للسنة المقبلة إلى بيانات النصف الأول من عام 2025، التي أظهرت تباطؤًا في معدل التضخم إلى 3.25% مقارنة بـ4.06% خلال الفترة نفسها من 2024، نتيجة تراجع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض طفيف في أسعار الخدمات، مقابل ارتفاع أسعار المنتجات المصنّعة بنسبة 6.95%.
وعلى صعيد المالية العامة، ارتفعت إيرادات الميزانية إلى نحو 5598 مليار دينار (41.98 مليار دولار) في نهاية يونيو/حزيران 2025، بزيادة قدرها 1456 مليار دينار عن الفترة نفسها من العام السابق. وأرجع المشروع هذه الزيادة إلى نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 74.8%، رغم انخفاض الإيرادات البترولية بنحو 4.7%.
أما النفقات العمومية فقد بلغت 6563 مليار دينار (49.22 مليار دولار) بانخفاض 5.5%، نتيجة تراجع نفقات الاستثمار والتحويلات، في حين ارتفعت نفقات المستخدمين وأعباء الدين العام بنسب 3.9% و102.5% على التوالي.
نفقات الأجور والتحويلات
قدّر مشروع القانون كتلة الأجور لعام 2026 بـ5926 مليار دينار (44.45 مليار دولار)، أي ما يمثل 33.6% من ميزانية الدولة، بزيادة قدرها 14% عن السنة السابقة.
كما خصّص المشروع 2812 مليار دينار (21.09 مليار دولار) للتحويلات الاجتماعية، منها 420 مليار دينار لمنحة البطالة لفائدة أكثر من 2.18 مليون مستفيد، و424 مليار دينار لتمويل صناديق التقاعد، إلى جانب إعانات للمنتجات الأساسية كالحبوب والحليب والطاقة والزيوت والسكر والقهوة.
تشديد جبائي وجمركي
يتجه المشروع إلى تشديد الرقابة الجمركية وتعزيز التحصيل الجبائي، عبر حزمة من الإجراءات تشمل مراجعة الرسوم المفروضة على عبور الحدود، ورفع الرسم على استهلاك الوقود للسيارات النفعية من 3500 إلى 5000 دينار، مع استحداث تعرفة تصاعدية جديدة للسيارات السياحية حسب عدد مرات العبور.
كما تضمّن المشروع تعديلًا في نظام حق الشفعة العقارية للدولة لتقليص آجال الممارسة، وتعزيز الشفافية، إلى جانب مراجعة الغرامات الضريبية المتعلقة بالقيمة المضافة، واعتماد آلية رقابية رقمية جديدة تدخل حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2027.
وفي إطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جرى توحيد عتبة التصريح الجمركي لحركة الأموال عبر الحدود عند 1000 يورو، أو ما يعادله، لجميع المسافرين المقيمين وغير المقيمين، مع شمول التصريح للأوراق النقدية والمعادن الثمينة والسندات والأحجار الكريمة.