مشروع الجنيه الرقمي يثير عاصفة سياسية في بريطانيا... فاراج يحذر من سيطرة الدولة على أموال المواطنين
استمع إلى الملخص
- بنك إنكلترا يؤكد أن الجنيه الرقمي يهدف إلى تحديث البنية التحتية المالية دون التدخل في قرارات الأفراد المالية، لكن الشكوك لا تزال قائمة حول مراقبة الأنماط الاستهلاكية.
- حزب الإصلاح يسعى لتعزيز صورته كبديل حكومي محتمل، معارضاً الجنيه الرقمي وداعياً لتخفيف القيود على العملات المشفرة، محذراً من تأخر بريطانيا عن المنافسين الدوليين.
تصاعد الجدل في المملكة المتحدة حول مشروع الجنيه الرقمي بعد أن شنّ زعيم حزب الإصلاح البريطاني (Reform UK) نايجل فاراج هجوما لاذعا على بنك إنكلترا المركزي، متهما إياه بـ"سلوك مروّع" وسعيه إلى التمدد المفرط في حياة المواطنين الخاصة.
وخلال اجتماع عقد الخميس، مع حاكم بنك إنكلترا أندرو بيلي، وبحضور نائب زعيم الحزب ريتشارد تايس، طرح فاراج تساؤلات حول التقدم في دراسة إنشاء عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC)، التي يطلق عليها الإعلام البريطاني اسم "بريتكوين". وأكد بيلي أن هذه الخطوة قد تساعد في مكافحة الاحتيال وتعزيز أنظمة المدفوعات، غير أن فاراج ردّ بعنف قائلا: "كلما أرادوا سلب حرياتكم وحقوقكم، يبررون ذلك بمكافحة الاحتيال. إن هذا المشروع سيمثل أضخم مستوى من السيطرة الحكومية على حياتنا، وأنا أرفضه بالكامل".
Richard Tice and I met with the Governor of the Bank of England.
— Nigel Farage MP (@Nigel_Farage) September 25, 2025
He welcomed discussion on QE, which causes multi-billion taxpayer losses.
We are demanding an urgent debate in Parliament. pic.twitter.com/VuL2Xm1VHB
ويؤكد بنك إنكلترا أن الجنيه الرقمي يهدف إلى تحديث البنية التحتية المالية ودمج الأنظمة الرقمية في القطاع المصرفي البريطاني، لكنه شدّد في أوراق استشارية على أن العملة لن تكون مبرمجة بحيث تحدد كيفية أو توقيت إنفاق المواطنين لأموالهم. إلا أن الشكوك لا تزال قائمة لدى منتقدين يرون في المشروع أداة محتملة لمراقبة الأنماط الاستهلاكية والتدخل في قرارات الأفراد المالية.
ويأتي اللقاء في وقت يسعى فيه حزب الإصلاح، الذي يتصدر بعض استطلاعات الرأي رغم امتلاكه خمسة مقاعد فقط في البرلمان، إلى تعزيز صورته كبديل حكومي محتمل مع اقتراب الانتخابات العامة المقررة بحلول منتصف 2029. ويتضمن برنامج الحزب إصلاحا شاملا للسياسات المالية والهجرة، مع رفض واضح لمشروع الجنيه الرقمي للبنك المركزي، مقابل الدعوة إلى تخفيف القيود التنظيمية على العملات المشفرة والعملات المستقرة الخاصة، التي يعتبرها الحزب جزءا أساسيا من مستقبل الأسواق المالية.
فاراج لم يكتفِ بمعارضة "بريتكوين"، بل دعا أيضا إلى موقف أكثر انفتاحا تجاه الابتكارات المالية، قائلا: "لطالما كانت مدينة لندن مرادفا للإبداع، فلماذا ندير ظهرنا للعملات المشفرة والعملات المستقرة وهذه الثورة الرقمية التي تقود القرن الحادي والعشرين؟"، محذرا من أن بريطانيا تتأخر عن منافسيها الدوليين، في إشارة إلى دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو تشريع العملات المستقرة، وتقدم الاتحاد الأوروبي بخطوات عملية في هذا المجال.
من جانبه، أكد تايس أن الحزب سيواصل الضغط لمراجعة السياسات النقدية، منتقدا برنامج التشديد الكمي والخسائر التي يتكبدها البنك المركزي جراء خفض حيازاته من السندات. كما طالب بوقف دفع الفوائد على احتياطيات البنوك التجارية لدى بنك إنكلترا، معتبرا ذلك عبئا على دافعي الضرائب يمكن الاستعاضة عنه بقرارات حكومية.
ويعكس هذا الجدل المحتدم التحديات التي تواجه بريطانيا في التوازن بين تحديث نظامها المالي والحفاظ على الحريات الفردية، في وقت يتسارع فيه السباق العالمي نحو العملات الرقمية والتنظيمات المرتبطة بها.