مشروعات الحزام والطريق الصينية تحت مدافع الحرب الروسية على أوكرانيا

الحرب الروسية على أوكرانيا تهدد مشروعات "الحزام والطريق" الصينية

16 مارس 2022
أوائل قطارات البضائع الصينية وصلت إلى ألمانيا في يوليو الماضي(Getty)
+ الخط -

تبدو الصين قلقة من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا وتطوراتها الجيوسياسية في العالم التي ربما تهدد مستقبل تجارتها مع الدول الغربية، خصوصاً مع أوروبا والولايات المتحدة أكبر شركاء التجارة.

وتبلغ حجم تجارة الصين مع كلّ من أوروبا وأميركا أكثر من تريليون دولار من إجمالي تجارتها الخارجية البالغة 3.3 تريليونات دولار في العام 2021، وفقاً للبيانات التجارية الرسمية الصينية.
لكن يبدو أنّ التحدي الأكبر الذي تضعه الحرب الروسية في أوكرانيا أمام بكين هو احتمال وضع نهاية لمبادرة "الحزام والطريق" التي أنفقت عليها قرابة تريليون دولار حتى نهاية العام 2021، وبنت عليها آمالاً عريضة في الهيمنة التجارية على الأسواق العالمية.

بكين تقف في مقعد المراقبة في حرب تكسير العظام في أوكرانيا، إذ إنّها لم تعارض الغزو الروسي لأوكرانيا ولم تدعم الحظر الاقتصادي والمالي المشدد على روسيا

في هذا الشأن، قالت الدكتورة أندريا برينزا نائبة رئيس المعهد الروماني للدراسات بمنطقة آسيا والباسيفيك في مقال بدورية "فورين ريبورت" الأميركية، إنّ "الحرب الروسية في أوكرانيا ربما تقضي على مبادرة الحزام والطريق بسبب التعقيدات التي ستتركها على شبكة الاتصالات والمواصلات التي تعتمد عيها المبادرة".
ورغم أنّ بكين تقف في مقعد المراقبة في حرب تكسير العظام الجارية حالياً في أوكرانيا، إذ إنّها لم تعارض الغزو الروسي لأوكرانيا ولم تدعم الحظر الاقتصادي والمالي المشدد على روسيا، لكنّ هذا الموقف المحايد ربما لن يستمر طويلاً مع ضغوط واشنطن على دول العالم ومطالبتها باتخاذ موقف واضح من الحرب ودعم أوكرانيا.
وهذا الموقف الذي ربما ستفرضه واشنطن وحلفاؤها في أوروبا قريباً على دول العالم، وهو: إما أن تكونَ مع روسيا أو معنا. بدأ في التبلور في واشنطن عبر مطالبات من قبل أعضاء نافذين في الكونغرس الأميركي.
ويرى محللون أنّ مبادرة الحزام والطريق تواجه ثلاثة تحديات بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهي أولاً عرقلة الممرات البرية والبحرية للمبادرة في أوروبا ومنطقة آسيا الوسطى.

أما التحدي الثاني فهو أنّ الحرب ربما تفرز "نظاماً اقتصادياً وتجارياً دولياً جديداً" ينتهي بعزل روسيا وحلفائها من النظام المالي والتجاري العالمي، وبالتالي يهدد مستقبل العلاقات التي بنتها بكين مع العديد من الدول المشاركة في مبادرة " الحزام والطريق"، خاصة تلك التي دعمت الصين أو وقفت على الحياد.

أما التحدي الثالث فهو الصعوبات التجارية التي ستترتب على الحرب الروسية في أوكرانيا على علاقات الصين التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي. وتوسعت المبادرة منذ انطلاقها قبل تسع سنوات لتشمل 147 دولة و32 منظمة عالمية، وهنالك العديد من دول الاتحاد الأوروبي انضمت للمبادرة، خاصة دول أوروبا الشرقية.

وحتى نهاية العام الماضي 2021، نجحت المبادرة في توسيع حجم التجارة الصينية، إذ إن حجم التجارة الصينية مع الدول الأعضاء في المبادرة ارتفع بنسبة 29.7% من إجمالي التجارة الخارجية الصينية ليبلغ 11.6 تريليون دولار " نحو 1.83 تريليون دولار" وفقاً لبيانات مصلحة الجمارك الصينية التي نشرتها صحيفة " ساوث تشاينا بوست" يوم الأحد.

منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، توقفت تجارة القطارات وتعطل العمل في مشاريع مبادرة "الحزام والطريق" بمعظم دول الاتحاد الأوروبي

ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، توقفت تجارة القطارات وتعطل العمل في مشاريع مبادرة "الحزام والطريق" بمعظم دول الاتحاد الأوروبي.

وتراقب أوروبا وتحسب خطوات بكين تجاه العقوبات المالية والاقتصادية على روسيا أو دعم موسكو مالياً وعسكرياً في الحرب. وكانت هناك تقارير أميركية نشرتها قناة "سي أن أن" تحدثت عن أن موسكو طلبت مساعدات عسكرية من الصين، لكنّ بكين نفت هذه التقارير.
في أوروبا والدول المتحاربة وضعت الحرب الروسية مبادرة "الحزام والطريق " أمام تحديات رئيسية وهي أنّ تجارة الصين عبر القطارات مع أوروبا توقفت بعد الحرب بسبب أنّ الممر الرئيسي للقطارات الذي كان يمر عبر كازاخستان إلى روسيا ويعبر بيلاروسيا إلى بولندا ثم يتفرع إلى باقي دول أوروبا بات من المستحيل استخدامه في الوقت الراهن بسبب الحرب.

وحسب بيانات رسمية صينية نقلتها صحيفة "ساوث تشاينا بوست" فإنّ لدى الصين 78 خطاً تجارياً تنقل بضائعها عبر السكة الحديد إلى 180 مدينة أوروبية في 32 دولة من دول القارة العجوز.

وتشير البيانات إلى أن قيمة البضائع التي نقلتها هذه القطارات في العام 2021 بلغت 74.9 مليار دولار.
ويلاحظ أن خطوط السكك الحديدية الصينية تنقل البضائع عبر كازاخستان إلى روسيا وعبر بيلاروسيا إلى بولندا، ثم تتفرع إلى باقي المدن الأوروبية، وبالتالي توقفت هذه الخطوط بسبب الحرب.

وتقول نشرة " الحزام والطريق" الصينية في تقرير هذا الأسبوع إنها ستبحث عن بدائل لنقل البضائع.

خطوط السكك الحديدية الصينية تنقل البضائع عبر كازاخستان إلى روسيا وعبر بيلاروسيا إلى بولندا، ثم تتفرع إلى باقي المدن الأوروبية، وتوقفت هذه الخطوط بسبب الحرب

على صعيد التجارة مع أوكرانيا، فقد هددت الحرب الروسية التبادل التجاري بين الصين وأوكرانيا البالغة 19.3 مليار دولار في العام الماضي 2021. وعطلت الصادرات الصينية البالغة 9.4 مليارات دولار مع أوكرانيا، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.

ومنذ بداية الحرب قال تجار صينيون، إنه منذ بداية التوتر العسكري على الحدود الأوكرانية ألغت الشركات الأوكرانية العديد من الصفقات، كما أنهم يواجهون تأخراً في تسديد أثمان الصفقات التي وقعت مع الشركات الأوكرانية.

يذكر أنّ مبادرة "الحزام والطريق" وضعها الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013، ضمن استراتيجية التمدد التجاري في الأسواق العالمية عبر الاستثمار المباشر وإنشاء مشاريع بالبنية التحتية تربط الدول المشاركة براً وبحراً وعبر القطارات ضمن شبكة ربط متكاملة مع السوق الصينية.

المساهمون