مخاوف على مستقبل الطبقة الوسطى في المغرب رغم تحسن مستوى المعيشة

17 فبراير 2025
تزايدت حدة الهشاشة الاقتصادية في المدن المغربية، مراكش في 20 سبتمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهرت البيانات في المغرب تفاقم الفوارق الاجتماعية وزيادة الهشاشة الاقتصادية رغم تحسن مستوى المعيشة العام، مع خطر سقوط الفئات غير المستفيدة من السياسات الاجتماعية في الفقر.
- تأثرت مستويات المعيشة بضعف النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 3%، وتغيرت أنماط الإنفاق الأسري بزيادة النفقات على التغذية والسكن وانخفاض نفقات الترفيه والرعاية الصحية.
- دعا الخبراء إلى إصلاحات جبائية لدعم القدرة الشرائية وتقليص الفوارق الاجتماعية، مع التركيز على دعم الطبقة الوسطى وسياسات إعادة التوزيع العادلة.

كشفت أحدث البيانات الرسمية حول مستوى معيشة الأسر في المغرب، تفاقم الفوارق الاجتماعية واتساع دائرة الأسر التي تعاني من الهشاشة الاقتصادية والمهددة بالسقوط في الفقر، محذرة من تداعيات ذلك على الطبقة الوسطى. وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير صادر عنها اليوم الاثنين، حول مستوى معيشة الأسر أن الفوارق الاجتماعية لم تتراجع، رغم تحسن مستوى المعيشة في الأعوام العشرة الأخيرة. وأضافت أن الفقر تراجع في المغرب، غير أن الفئات الاجتماعية التي لم تستفد من السياسات الاجتماعية ازدادت هشاشتها، بما يجعلها تواجه خطر السقوط في الفقر.

وتأتي بيانات المندوبية كي تؤكد على تأثيرات ضعف النمو الاقتصادي في المغرب والذي لم يتجاوز 3% في الأعوام الأخيرة، هذا في الوقت الذي تراهن المملكة على تحقيق معدل نمو بنحو 6% بهدف معالجة مشكلة البطالة التي وصلت إلى 13,3% العام الماضي. وأشارت المندوبية إلى أن المستوى المعيشي للأسر تحسن بشكل ملحوظ في الفترة بين 2014 و2019، ثم تباطأ بين 2019 و2022، خلال فترة الأزمة الصحية وتفشي فيروس كورونا، مؤكدة أن السلوك الاستهلاكي للأسر تغير، حيث أضحت توجه نفقات أكثر للتغذية والسكن، فيما انخفضت نفقات الترفيه والثقافية والرعاية الصحية.

وأكد البحث أن الفوارق الاجتماعية تفاقمت في الفترة بين 2014 و2022، حيث سجل مستوى معيشة فئة 20% من السكان الأقل يسراً ارتفاعاً سنوياً بنسبة 1.1%، وعرف مستوى معيشة فئة 20% الأكثر يسراً تحسنا سنويا بنسبة 1.4%. ولاحظت المندوبية أن" الفئات الأكثر فقرا والفئات الأكثر يسرا عرفت تحسنًا عامًا في مستوى معيشتها، في حين لم تستفد الطبقة المتوسطة بنفس الوتيرة سواء من ثمرات النمو أو من سياسات إعادة التوزيع المعتمدة".

ورغم تراجع الفقر المطلق من 4.8% إلى 3.9% والفقر متعدد الأبعاد من 9.1 إلى 5.7%، إلا أن المندوبية تلاحظ تزايد حدة الهشاشة في المدن، وهي ظاهرة تشير إلى مدى تعرض الأسر لخطر الوقوع في الفقر في حال غياب شبكات الأمان التي تمكنها من مواجهة الصدمات الاقتصادية والاجتماعية.

وأضافت أن الهشاشة الاقتصادية شملت 4.75 ملايين شخص في عام 2022، مؤكدة أن تلك الظاهرة أضحت غالبة في المدن، ففي سنة 2022، كان ما يقارب من نصف عدد الأفراد المصنفين في وضعية هشاشة حوالي 47,2% هم من سكان المدن، مقابل 36% سنة 2014. ونوهت المندوبية إلى أن "السياسات الاجتماعية التي تستهدف فئة الفقراء مكنت هذه الفئة الاجتماعية من الاستفادة من ثمرات النمو". لكنها أكدت "تواضع مستوى معيشية الطبقة الوسطى". وشددت على "ضرورة اعتماد سياسات عمومية لإعادة التوزيع موجهة لهذه الطبقة، بغية الحد من الفوارق الاجتماعية".

من جهته، أكد الخبير الجبائي محمد الرهج، أنه بالإضافة للسياسات العمومية لشبكات الأمان، يفترض السعي لتقليص الفوارق وتفادي وقوع الأسر في الهشاشة والفقر، عبر إصلاح جبائي حقيقي ومواكبة الأجور للتضخم. وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن التقليص من حجم الفوارق يستدعي خفض الضغط الجبائي عبر العدالة على مستوى الضريبة على الدخل وتسخير الضرائب غير المباشرة لدعم القدرة الشرائية للأسر، خاصة بالنسبة لبعض السلع والخدمات الأساسية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وسبق لمراقبين أن حذروا من انزلاق مغاربة إلى دائرة الفقر تحت تأثير الأزمة الصحية العالمية وارتفاع الأسعار والجفاف في الأعوام الأخيرة، إذ بالإضافة إلى تأثيرات هشاشة النمو الاقتصادي، الذي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل، تتسع دائرة الفوارق في ظل ضعف عملية إعادة التوزيع.

ودأب مراقبون على التشديد على الخوف من اتساع دائرة الفقر في المغرب، حيث يعتبرون أن الطبقة الوسطى مرشحة للانزلاق، في ظل ارتفاع تكاليف التعليم الخاص والصحة والسكن والنقل. كما أنها تعتبر الأكثر تضررا من تحرير الأسعار، خاصة إذا ما عمدت الحكومة إلى رفع الدعم عن الغاز.

المساهمون