مخابز ليبيا تحذر من الإغلاق بسبب ارتفاع التكاليف

14 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 08:51 (توقيت القدس)
مخبز في العاصمة طرابلس، 22 مارس 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه ليبيا أزمة خبز بسبب ارتفاع أسعار الدقيق بنسبة 31% نتيجة لتخفيض سعر الدينار وفرض ضرائب على مبيعات النقد الأجنبي، مما يهدد بإغلاق المخابز.
- المحلل الاقتصادي علي الزليطني يقترح تسعير الرغيف بين 75 قرشاً ودينار واحد لتحقيق توازن بين تكاليف الإنتاج وقدرة المواطنين الشرائية.
- تعتمد ليبيا على استيراد 90% من القمح اللين، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، وتفاقم الأزمة بسبب ازدواجية الإنفاق وتراجع قيمة الدينار.

طالبت نقابة الخبازين في ليبيا، الحكومة بدعم الخبز أو السماح لها برفع الأسعار بعد الزيادات الكبيرة التي سجلها الدقيق (الطحين)، في ظل الخفض الأخير لسعر الدينار مقابل العملات الأجنبية واستمرار فرض الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي.

وقال رئيس نقابة الخبازين، بوخريص محمد لـ"العربي الجديد" إن سعر قنطار الدقيق (يعادل 100 كيلوغرام) ارتفع من 195 ديناراً إلى 255 ديناراً، بزيادة تبلغ نحو 31%، مشيراً إلى أن هذه الزيادة تضع أعباءً ثقيلة على كاهل أصحاب المخابز، وتؤثر مباشرة على تكاليف الإنتاج اليومية. وأضاف محمد أن النقابة خاطبت وزارة الاقتصاد والتجارة رسمياً للموافقة على تسعيرة جديدة للخبز بشكل قانوني ومنظم، يتحدد بموجها سعر الرغيف بدينارين للحفاظ على استمرار عمل المخابز ومنع توقفها (الدولار يعادل 5.56 دنانير).

وأشار إلى أن الرغيف الذي يباع حالياً بنصف دينار، سيضطر أصحاب المخابز إلى بيعه بدينارين، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لدعم المواد الأساسية أو إعادة النظر في الضرائب المفروضة على مبيعات العملة الأجنبية. وقال: "نحن لا نسعى إلى رفع الأسعار، لكننا اليوم أمام خيارين: إما الاستمرار في العمل تحت الخسارة أو الإغلاق الكامل".

من جانبه، قال سالم شلابي، صاحب مخبز في وسط طرابلس لـ"العربي الجديد"، إن أسعار المواد الأساسية مثل الدقيق والخميرة والسكر ارتفعت بشكل كبير، ولم تعد تتماشى مع القدرة التشغيلية لكثير من المخابز. وأضاف: "اضطررنا إلى بيع الرغيف بنصف دينار بدلاً من السعر المعتاد البالغ ديناراً، لأن الزبائن لم تعد قادرة على تحمّل السعر الجديد".

وفي تعليقه على التسعيرة المقترحة، قال المحلل الاقتصادي علي الزليطني، لـ"العربي الجديد"، إن تخفيض سعر صرف الدينار من قبل مصرف ليبيا المركزي بنسبة 13% في وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري، مع استمرار الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي بنسبة 15%، أسفر عن زيادات ملحوظة في أسعار السلع الأساسية، خاصة الدقيق بوصفه مكوّناً رئيسياً لإنتاج الخبز.

وأشار الزليطني إلى أن تسعيرة دينارين للرغيف "قد تكون مبالغاً فيها إلى حد ما"، مقترحاً أن يكون السعر الأنسب "في حدود 75 قرشاً إلى دينار"، بما يوازن بين تكاليف الإنتاج وقدرة المواطنين الشرائية.

يُذكر أن ليبيا ألغت دعم الدقيق منذ منتصف عام 2015، ما أدى إلى ارتفاع أسعار رغيف الخبز إلى ثلاثة أضعاف السعر المدعوم سابقاً، وسط اتهامات بوجود مضاربات واسعة في سوق الدقيق. ويبلغ عدد المخابز في ليبيا نحو 4160 مخبزاً، إلى جانب 57 مطحنة موزعة على مختلف المناطق.

وتستهلك ليبيا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 7.2 ملايين نسمة، نحو 1.26 مليون طن من الحبوب سنوياً، فيما تُقدّر حصة الفرد من الدقيق بـ 144 كيلوغراماً سنوياً. وتستورد البلاد حوالي 90% من احتياجاتها من القمح اللين من الخارج، في حين يُغطّى الباقي من الإنتاج المحلي، الذي شهد تراجعاً كبيراً خلال العامين الماضيين بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة. واستوردت ليبيا 1.26 مليون طن خلال عام 2024، وفقاً لبيانات الشركة الاشتراكية للموانئ.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد رصد انخفاضاً في أسعار سلة الغذاء الأساسية في ليبيا خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، معتبراً ذلك مؤشراً على استقرار نسبي للاقتصاد.

ووفق تقرير البرنامج، انخفض الحد الأدنى للإنفاق على السلة الغذائية بنسبة 4.86% خلال فبراير، ليصل إلى 883.6 ديناراً (158.9 دولاراً).

وكان مصرف ليبيا المركزي، قد خفض الأسبوع الماضي سعر صرف العملة الوطنية بنسبة 13% إلى 5.56 دنانير مقابل الدولار، مبرراً ذلك "بخلق توازنات في القطاعات الاقتصادية في ظل غياب آمال أو آفاق لتوحيد الإنفاق المزدوج بين الحكومتين".

وأشار إلى أن ازدواجية الإنفاق بين حكومتي طرابلس وبنغازي سبَّبت اتساع الفجوة بين العرض والطلب على النقد الأجنبي، وأسهمت في تراجع قيمة الدينار، مما أعاق جهود استقرار سعر الصرف. وسبق أن خفض المصرف المركزي سعر صرف الدينار في عام 2021، كما تم فرض ضريبة على مبيعات الدولار بنسبة 27% في مارس/آذار 2024، تم تخفيضها لاحقاً إلى 15% بحلول نهاية العام ذاته.

وفور بيان المصرف تبادلت الحكومتان سجالاً عبر البيانات، فنفت حكومة الوحدة الوطنية في بيان وقعه رئيسها عبد الحميد الدبيبة مسؤوليتها عن التوسع في الإنفاق، وشرحت إنفاقها البالغ 123 مليار دينار بأنه جاء موزعاً على البنود الأساسية للميزانية، المرتبات (67.6 ملياراً) والدعم (16.1 ملياراً) والتنمية (12 ملياراً).

ووجه الدبيبة اتهامات مباشرة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب بأن إنفاقها لــ 59 مليار دينار الذي وصفته بــ"الإنفاق الموازي" جاء خارج الإطار الرسمي، وتسبب ذلك في استنزاف الاحتياطي النقدي وأضعف قيمة الدينار. وطالب الدبيبة، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالتوقف "عن توقيع القرارات التي ستتسبب في العبث بالاقتصاد وانهيار الدولة" وحمّله وأعضاء مجلس النواب "مسؤولية الإنفاق الموازي والأزمة المالية والاقتصادية التي تعانيها البلاد".

المساهمون