استمع إلى الملخص
- تسعى الحكومة التركية لتحقيق استقرار الأسواق عبر تحسين السياسة النقدية، خفض التضخم، تعزيز الاستثمار الأجنبي، وتحقيق الاستقرار السياسي.
- تتباين توقعات المصارف الكبرى بشأن مستقبل الليرة، حيث تتوقع "ستاندرد أند بورز" انخفاضاً، بينما يبدي "جي بي مورغان" تفاؤلاً، ويتخذ بنك ING موقفاً حذراً، في حين يتوقع "كومرتس بنك" انتعاشاً محتملاً.
تتباين الآراء حول ما إذا كانت الليرة التركية ستتعافى أم ستواصل انخفاضها، بعد الهزة القوية التي تعرضت لها، أمس الأربعاء، إثر اعتقال الشرطة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وتشير معظم التوقعات إلى مزيد من تراجع الليرة مقابل العملات الرئيسية بسبب الضغوط التضخمية المستمرة وعدم اليقين السياسي، في حين تبدي مصارف كبرى تفاؤلاً بشأن مستقبل العملة التركية. وشهدت الليرة التركية تقلبات حادة، أمس الأربعاء، خاصةً مقابل الدولار وحتى ظهر اليوم الخميس، حيث بلغ سعر الصرف في سوق إسطنبول ظهراً 37.8580 ليرة تركية للدولار.
وقال مسؤول اقتصادي تركي كبير، أمس الأربعاء، إنّ الحكومة التركية تبذل كل ما في وسعها "لضمان أداء سليم للأسواق"، وذلك في ظل تراجع أسعار العملات والأسهم والسندات بعد اعتقال السلطات رئيس بلدية إسطنبول بتهم تشمل الفساد والارتباط بالإرهاب. وأُلقي القبض على إمام أوغلو مع عشرات آخرين، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، ويقول الادعاء إنّ الاعتقالات جزء من تحقيقات في مخالفات؛ تتراوح بين الفساد والرشوة في المناقصات العامة وتجنيد أشخاص مرتبطين بـحزب العمال الكردستاني، المصنف "منظمة إرهابية"، في مناصب سياسية، وفق ما أوردته صحيفة صباح التركية.
وقال وزير المالية التركي محمد شيمشك، على منصة إكس، اليوم الخميس، "نبذل كل ما يلزم لضمان سلامة الأسواق. واستمرار البرنامج الاقتصادي الذي ننفذه بعزم". وانخفض مؤشر بورصة إسطنبول القياسي BIST 100 بنحو 7%، على خلفية هذه الأنباء، مما أدى إلى توقف التداول مؤقتاً لمنع عمليات البيع بدافع الذعر.
6 عوامل مؤثرة في مستقبل الليرة التركية
وعلى الرغم من النظرة الغربية المتشائمة للعملة التركية، إلا أنّ خبراء يرون، أنّ هنالك ستة عوامل رئيسية قد تساهم في تحسن سعر صرف الليرة التركية خلال العام الجاري، وهذه العوامل هي:
- 1- تعديل السياسة النقدية
نفذ البنك المركزي التركي تشديداً نقدياً صارماً برفع أسعار الفائدة من 8.5% إلى 50% بين يونيو/ حزيران 2023 ومارس/ آذار 2024. ويهدف هذا التحول نحو سياسات اقتصادية تقليدية إلى استقرار الاقتصاد وكبح التضخم. ويرى مصرفيون، أنه إذا حافظ البنك المركزي التركي على سياسة نقدية متشددة ونجح في خفض التضخم، فقد يعزز ذلك ثقة المستثمرين في الليرة.
- 2- انخفاض معدلات التضخم
يُعد التضخم عاملاً حاسماً يؤثر على قوة العملة. ومن المتوقع أن تنخفض معدلات التضخم في تركيا بشكل كبير عن مستويات ذروتها أواخر عام 2024. ويتوقع البنك المركزي التركي انخفاض التضخم إلى حوالى 14% بحلول نهاية العام الجاري 2025. ومن شأن الانخفاض المستمر في التضخم أن يُحسّن القوة الشرائية، وربما يُعزز سعر صرف الليرة.
- 3- احتمال تحسّن ميزان الحساب الجاري
أظهر عجز الحساب الجاري التركي علامات تحسّن بفضل انخفاض الواردات وزيادة الصادرات. ويمكن أن يُعزز تقليص عجز الحساب الجاري احتياطيات النقد الأجنبي ويُقدم الدعم لليرة التركية. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يؤدي إلى استقرار أكبر للعملة التركية.
- 4- زيادة الاستثمار الأجنبي
تُعد ثقة المستثمرين أمراً بالغ الأهمية لاستقرار العملة. وفي أعقاب التعديلات السياسية الأخيرة الهادفة إلى استقرار الاقتصاد، شهد الاستثمار الأجنبي في الأصول التركية ارتفاعاً طفيفاً. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يؤدي إلى زيادة الطلب على الليرة التركية، حيث يُحوّل المستثمرون الأجانب عملاتهم إلى الليرة التركية للاستثمار. كما من المتوقع أن تزداد أهمية تركيا في منظمة الدفاع عن أوروبا في حال خروج الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي "ناتو".
- 5- الاستقرار السياسي
يلعب الاستقرار السياسي دوراً حيوياً في الأداء الاقتصادي وقوة العملة. إذا استطاعت تركيا الحفاظ على بيئة سياسية مستقرة دون اضطرابات كبيرة أو شكوك تحيط بالسياسات الحكومية، فقد يشجع ذلك الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء. ويمكن أن يساعد الاستقرار السياسي على استعادة الثقة في الإدارة الاقتصادية ودعم قوة الليرة. وتعد تركيا قوية عسكرياً وسياسياً في بيئة شرق أوسطية هشة وتعيش أزمات سياسية متواصلة. وبالتالي فإنّ تركيا قد تصبح واحة استثمار لأثرياء الشرق الأوسط إذا تواصلت الاضطرابات السياسية والحروب في المنطقة.
- 6- الأوضاع الاقتصادية العالمية
تؤثر البيئة الاقتصادية العالمية على عملات الأسواق الناشئة مثل الليرة التركية. ويمكن أن تُعزز التوقعات الاقتصادية العالمية الإيجابية، وخاصةً للشركاء التجاريين مثل أوروبا وآسيا، أداء تركيا التصديري.
توقعات المصارف الكبرى لمستقبل الليرة التركية
دفع الاضطراب في قيمة الليرة التركية، أمس الأربعاء، العديد من المؤسسات المالية إلى إعادة تقييم توقعاتها لمسار الليرة خلال العام الجاري. وأعربت وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" الأميركية، عن توقعات سلبية لليرة التركية، متوقعةً انخفاضها بشكل كبير بسبب استمرار التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي. وتوقعت أن يصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية إلى 40.0 ليرة بحلول نهاية العام الجاري.
في المقابل، أبقى "جي بي مورغان" الأميركي، على نظرة أكثر تفاؤلاً بشأن الليرة في تحليله، أمس الأربعاء، مُشيراً إلى أنها قد تنتعش في إطار انتعاش أوسع نطاقاً في الأسواق الناشئة. ويعتقد المصرف أنه في حال تطبيق السياسات النقدية الحالية بفعالية، فهناك احتمال لارتفاع قيمة الليرة التركية على المدى القصير مقابل الدولار. وتشير توقعات محللي "جي بي مورغان"، إلى احتمال ارتفاع العملة التركية إلى 35.00 ليرة تركية مقابل الدولار بنهاية العام الجاري.
من جانبه، اتخذ بنك ING الهولندي موقفاً حذراً، متوقعاً انخفاضاً إضافياً في قيمة الليرة التركية، ولكن ليس بنفس الحدة التي كانت متوقعة في السابق. ويقدّر أنّ الليرة قد تُتداول عند حوالي 38.00 ليرة تركية مقابل الدولار بحلول نهاية العام؛ بسبب ارتفاع عجز الموازنة واستمرار الضغوط التضخمية. ويتوقع "كومرتس بنك" الألماني، انتعاش قيمة الليرة التركية بشكل ملحوظ في ضوء الأحداث الأخيرة. ويرجّح أن يستقر سعر صرف الدولار مقابل الليرة عند حوالي 35.00 ليرة بحلول نهاية العام الجاري، ولكنه يؤكد في تحليله، أمس الأربعاء، أنّ هذا الانتعاش يعتمد على فعالية تطبيق السياسة النقدية، وانخفاض معدلات التضخم.