مؤسسات ممولة أميركياً تجمّد مشروعاتها في غزة... حرب التهجير

06 فبراير 2025
سكان القطاع يعانون من ظروف معيشية قاسية (حسن الجدي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- توقفت العديد من المؤسسات في غزة عن العمل بسبب قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء تمويل البرامج والمشاريع في مجالات التعليم والصحة والمشاركة المجتمعية، مما أثر على جميع القطاعات.
- تعتمد هذه المؤسسات بشكل كبير على التمويل الأميركي عبر وكالة التنمية الأميركية (USAID)، التي كانت تنفذ مشاريع بقيمة تتراوح بين 40 و60 مليار دولار سنوياً حول العالم، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية.
- تتزامن هذه القرارات مع واقع صعب في غزة، حيث تعاني المنطقة من تداعيات الحرب وتدمير البنية التحتية، مما يزيد من الأزمة المالية والاجتماعية.

 

منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإصداره سلسلة من القرارات والأوامر التنفيذية المتعلقة بإلغاء تمويل البرامج والمشاريع التي تحصل عليها المؤسسات الخاصة التي تنفذ مشاريع عدة في قطاع غزة، توقفت العشرات منها عن العمل.

ويمس قرار الرئيس الأميركي هذه المؤسسات التي تنشط في ثلاثة مجالات بدرجة أساسية هي التعليم والصحة والمشاركة المجتمعية المدنية والتي عادة ما تنفذ مشاريع بتمويل أميركي عبر وكالة التنمية الأميركية usaid.

وتنفذ هذه الوكالة مشاريع بقيمة تتراوح بين 40 و60 مليار دولار سنوياً حول العالم، ومن ضمن هذه المشاريع ما ينفذ في الأراضي الفلسطينية عموماً، والقطاع على وجه الخصوص حيث نفذت مشاريع عدة خلال حرب الإبادة على القطاع.

توقف عشرات المؤسسات

بحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن مؤسسة أميركية تنشط في مجالات التعليم والصحة المشاركة المجتمعية جمّدت أنشطتها منذ عدة أسابيع ضمن المرحلة الأولى المتعلقة بمرحلة مراجعة مسارات التمويل وأبلغت موظفيها بوقف العمل إلى حين اتضاح الرؤية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وذكرت المصادر التي فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، أن تعليق الأنشطة من قبل هذه المؤسسات طاول جميع القطاعات والمشروعات التي كانت تنفذ في غزة بما في ذلك المجالات الصحية المتعلقة بتقديم الأدوية أو الحليب العلاجي وغيرها من المشاريع المرتبطة بهذا المجال، فضلاً عن توقف المشاريع التعليمية والأنشطة المتعلقة بالمشاركة المجتمعية.

وإلى جانب هذا الأمر، فقد أوقفت هذه المؤسسات الأميركية التي كانت تتلقى تمويلاً مباشراً من الحكومة في واشنطن أو عبر وكالة التنمية، تمويل الأنشطة التي كانت تنفذها مع مؤسسات محلية تعمل في القطاع وتنشط في ذات المجالات التي تعمل بها. ومع توقف الأنشطة وإبلاغ الموظفين بذلك، علقت المؤسسات عمليات التواصل واكتفت برسائل إلكترونية تقوم بتقديم ردود آلية بشأن وقف تنفيذ المشاريع خلال الفترة الراهنة.

تقليص موظفين وأعمال

بدأت خلال الفترة الأخيرة عمليات تقليص الموظفين بشكل واضح في ظل رغبة إدارة ترامب بإنهاء وكالة التنمية الأميركية، أو دمجها في إطار نطاق وزارة الخارجية الأميركية خلال الفترة المقبلة من عمر هذه الإدارة الحديثة في واشنطن.
وتستعد الإدارة الأميركية للتوقيع على قرار تنفيذي جديد يحجب تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ما سيعزز من الأزمة التي تطاول المنظمة الأكبر في مجال إغاثة اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً في غزة.

وتتزامن القرارات الأميركية التي أصدرها ترامب أو يستعد لإصدارها مع واقع كارثي وصعب للغاية يعيشه الفلسطينيون في القطاع الذي يعيش تداعيات الحرب التي استمرت لأكثر من 15 شهراً دمرت فيها شتى مناحي الحياة. وعلى مدار عقود، نُفذت عشرات المشاريع الأميركية في القطاع التي دمر الاحتلال غالبيتها في حربه الأخيرة على القطاع، لا سيما ما يتعلق بحياة السكان الأساسية مثل المياه ومشاريع الصرف الصحي.

وحسب بيانات صادرة عن الكونغرس الأميركي، فإن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 5 مليارات دولار للفلسطينيين منذ عام 1994، بشكل مباشر فيما كانت المساعدات قبل ذلك تقدم عبر وكالة الأونروا حيث قدمت واشنطن منذ عام 1950 وحتى 2024 ما قيمته 6 مليارات دولار ليصل مجموع المساعدات المقدمة بشكل كامل إلى 11 مليار دولار.

تضرر قطاعات واسعة في غزة

في الأثناء، يقول الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر إن الوكالة الأميركية للتنمية رصدت سابقاً مبالغ مالية تصل إلى نحو 700 مليون دولار أميركي من أجل تنفيذها على شكل مشاريع في الضفة وغزة حتى عام 2029.

ويضيف أبو قمر لـ "العربي الجديد" أن هذه المشاريع تشمل قطاعات حيوية عدة مثل المرأة والأطفال والصحة والتعليم، بالإضافة للقطاعات الأخرى مثل المقاولين الذين ينفذون أنشطة بالشراكة مع المؤسسات الأميركية. ويشير إلى أن هذه المشاريع كانت توفر ربحا وفيرا بالنسبة للمقاولين الفلسطينيين نظراً لتوفر الأموال والمشاريع، غير أن الواقع سيكون مختلفا كثيراً بعد القرارات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي ترامب.

ولا يقلل الباحث في الشأن الاقتصادي من تداعيات وانعكاسات هذه القرارات على المشهد الحياتي والاقتصادي في القطاع نظراً لاستفادة شرائح كبيرة من المشاريع التي كانت تنفذها المؤسسات الأميركية العاملة في القطاع أو حتى تلك المؤسسات المحلية التي تتلقى تمويلاً بشكل غير مباشر من واشنطن.

وينبه أبو قمر إلى أن القرار سيكون له أثر بالغ على واقع اللاجئين الفلسطينيين والمتمثل في قطع التمويل عن الأونروا، ما سيعزز من الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بالمؤسسة منذ سنوات واشتدت أكثر خلال الحرب.
ويؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي، أن المساعدات التي كانت تحصل عليها الأسر الفلسطينية ستتراجع بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، في ظل تراجع التمويل، فضلاً عن تضرر المقاولين الذين كانوا يحصلون على مناقصات وعطاءات من الأونروا نظراً للتراجع المحتمل في التمويل.

المساهمون