استمع إلى الملخص
- تدهور قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3% في إبريل 2025، إلى جانب غياب الرقابة وانتشار الذهب المغشوش، ساهم في تفاقم الأزمة وزيادة عدم الثقة في السوق.
- يعكس ارتفاع أسعار الذهب حالة الاقتصاد المحلي المتدهورة، حيث يتسبب التضخم وتراجع قيمة الدينار في زيادة الأسعار، مما يحد من حركة البيع والشراء.
يشهد سوق الذهب في ليبيا حالة من الركود، بعدما حلّقت الأسعار إلى مستويات بات معها المعدن الأصفر "زينة من الماضي"، ومجرد ذكرى ثقيلة لمن كانوا يرونه يومًا ملاذًا في أوقات الأزمات.
قفزت أسعار الذهب في الأسواق المحلية خلال أقل من عام بشكل لافت؛ ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بلغ سعر كسر الذهب عيار 21 نحو 411 دينارًا للغرام، فيما وصل في إبريل/ نيسان الجاري إلى حوالي 550 دينارًا، بزيادة تُقدَّر بـ34% في أقل من عام. (سعر الصرف 58.5 ديناراً للدولار) كما ارتفع سعر غرام الذهب عيار 22 من 470 دينارًا في الأشهر الأربعة الأولى من 2024 إلى 540 دينارًا، بزيادة قدرها 70 دينارًا.
في إبريل 2025، قرّر مصرف ليبيا المركزي خفض قيمة الدينار بنسبة 13.3%، وهو أول تعديل من نوعه منذ عام 2020. ترافق هذا القرار مع قفزة في أسعار الذهب، وسط عجز السوق المحلي عن امتصاص آثار التضخم، وغياب الرقابة على تجارة المعادن الثمينة.
أسعار الذهب مخيبة
في أحد أزقة سوق الذهب العتيق وسط العاصمة طرابلس، كانت عائشة السويسي، موظفة بقطاع التعليم، تتنقّل بين المحلات بحثًا عن خاتم زفاف لابنها. غير أن الرحلة التي بدأتها بالأمل، سرعان ما تحوّلت إلى خيبة: "سعر الخاتم يعادل راتبي الشهري، 1500 دينار. لم نعد نحتمل هذا الغلاء"، تقول عائشة لـ "العربي الجديد"، وهي تحدّق بخيبة في واجهة محل يعرض قطعة ذهبية بسيطة. تقول صالحة بن رشوان، سيدة سبعينية، لـ "العربي الجديد": "الذهب كان ضمانًا لأيام الشدة، نشتريه قطعة قطعة... أما الآن فلا نستطيع حتى النظر إليه".
رئيس نقابة الذهب والمعادن الثمينة، نوري الشهادي، يفسّر لـ "العربي الجديد" الأزمة بتدهور قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، وتنامي أسعار الذهب عالميًا، إضافة إلى "انتشار الذهب المغشوش والمقلد في الأسواق، والذي يُباع بأسعار خادعة لعامة الناس غير القادرين على التمييز بين الأصلي والزائف". أما تاجر المجوهرات خالد الزليطني، فيرصد ملامح الجمود اليومي في السوق "الناس تخاف أن تشتري، ليس فقط بسبب الغلاء، بل لأنهم لا يثقون بما يُعرض أمامهم. السوق بلا رقابة، والأسعار تتفاوت بشكل فوضوي".
ويضيف لـ "العربي الجديد" أن حركة البيع "شبه متوقفة"، ولا يُشترى الذهب إلا في المناسبات، كالأعياد وموسم الزواج الصيفي. المحلل الاقتصادي عادل المقرحي يوضح لـ "العربي الجديد"، أن أسعار الذهب تعكس مباشرة حالة الاقتصاد المحلي. ارتفاع التضخم، وتراجع الدينار، وفرض ضرائب على الدولار مع الفوضى الأمنية، كل ذلك يغذّي قفزات الأسعار.