لماذا رفض البرلمان الليبي اعتماد ميزانية حكومة الدبيبة؟

لماذا رفض البرلمان الليبي اعتماد ميزانية حكومة الدبيبة؟

22 ابريل 2021
يوصي تقرير البرلمان الليبي بتقليص الميزانية إلى 78 مليار و500 مليون دينار (فرانس برس)
+ الخط -

على طاولة حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تعديلات أساسية عديدة يقترح مجلس النواب (البرلمان) إدخالها على مشروع الميزانية لعام 2021.

والثلاثاء، أعاد المجلس المشروع إلى الحكومة، بعد أن اطلع على تقرير للجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة في البرلمان بشأن المشروع، الذي يصفه منتقدون بالمثير للجدل.

ويتضمن التقرير 4 بنود رئيسية، تمحور أغلبها حول القانون الذي استندت إليه الحكومة في تخصيص الميزانية، والمبالغ المالية المرصودة لبعض القطاعات، وعدم وضع الأهداف على شكل برامج ومشاريع واضحة، وغياب مصادر إضافية بديلة لتمويل الميزانية.

يعتبر التقرير البرلماني أن الحكومة استندت في وضع مشروع الميزانية إلى "قانون باطل"، وهو قانون صادر عام 2016 عن المؤتمر الوطني العام، بشأن توزيع ضريبة الدخل، بينما ولاية المؤتمر انتهت في 2014.

وينتقد التقرير مواد في المشروع تبيح لوزارة المالية التصرف في مخصصات مالية كبيرة من دون إذن من السلطة التشريعية (مجلس النواب).

ويحذر التقرير من أن هذه المواد تفتح المجال أمام احتمال استخدامها في غير خطة الحكومة المقرة من البرلمان، وبعيداً عن الرقابة.

وتنص إحدى المواد على أن الحكومة تمتلك حرية التصرف في مخصصات الطوارئ، "بناءً على قرارات تصدر عنها لنفقات غير مبوبة وغير محكومة بضوابط، ما يفتح باباً للتوسع في الإنفاق العام"، وفق التقرير.

التقرير البرلماني يفيد أيضاً بأن الحكومة لم توضح في مشروع الميزانية أهدافها على شكل برامج ومشاريع واضحة.

ويرى أن إنفاق ميزانية تصل إلى نحو 100 مليار دينار ليبي (21.6 مليار دولار)، خلال أقل من سنة، من دون خطط وبرامج معدة مسبقاً، سيكون أثره "سيئاً" على الاقتصاد الوطني.

وينتقد التقرير عدم تحديد الحكومة لاحتياجات القطاعات المختلفة بناءً على خريطة استثمارية وجدولة تنفيذية متكاملة.

ويذهب التقرير إلى أن المشروع لا يقدم مصادر إضافية بديلة لتمويل الميزانية من خلال بيئة عمل واستثمار لتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية.

كذلك، إن المشروع، وفق التقرير، لم يقدم بدائل لمواجهة تغيرات قيمة الإيرادات النفطية، ولم يلتزم منهجية مناسبة لتحديد حجم مخصصات القطاعات وفقاً للأهمية النسبية لكل قطاع، بحسب القطاع.

ويرى أن الحكومة لم تنتهج الموضوعية في تقدير الإيرادات المستقبلية للنفط، إذ قدرت الإنتاج اليومي بمليون و100 ألف برميل، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في ظل عدم الاستقرار الأمني، فضلاً عن عدم استقرار سعر البيع أيضاً.

وكثيرا ما أدى الصراع المسلح إلى إغلاق منشآت وموانئ نفطية، ما كبّد البلاد خسائر بمليارات الدولارات.

ولعدة سنوات، وبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت مليشيا اللواء الانقلابي، خليفة حفتر، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دوليا، في البلد الغني بالنفط.

ويعيب التقرير البرلماني إدراج جهات في مشروع الميزانية، وهي لا تتبع مجلس الوزراء، وهي: جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وقوة مكافحة الإرهاب، وجهاز دعم الاستقرار، ومصلحة التخطيط العمراني، وهيئة المشروعات العامة والجهات التابعة لها، ومركز الإعلام الجديد للتطوير والتدريب، ومركز بناء القدرات.

وينتقد آلية فروقات الزيادة لصندوق التقاعد، وحجم مخصصات العلاج في الخارج، وعدم استخدام "أي معايير علمية ومنطقية" عند تخصيص المبالغ المالية.

وينتقد أيضاً التوسع في مخصصات بعض دواوين الوزارات والفروقات بينها، والمبالغة في مخصصات الدراسات العليا والبعثات، والتداخل بين بعض المشروعات.

ويرى أنه توجد "مبالغة كبيرة" في بند مشروعات التنمية المحلية، وهي 2 مليار دينار خلال 7 أشهر، بجانب تخصيص 3 مليارات لدعم الأدوية، معتبراً أن هذا أحد أبواب الفساد في ليبيا.

وينتقد كذلك تخصيص مليارين و400 مليون دينار لمشروعات إعادة الإعمار من دون أي تفاصيل، بالإضافة إلى تخصيص 600 مليون دينار لدعم النظافة.

ويوصي تقرير البرلمان الليبي بتقلص الميزانية إلى 78 مليار و500 مليون دينار بدلاً من 100 مليار.

ويشدد على ضرورة "أن يعكس مشروع الميزانية العامة أهداف الحكومة الواردة بخطة عملها"، وتحديد احتياجات القطاعات بناءً على خريطة استثمارية وجدولة تنفيذية متكاملة، وإيجاد مصادر إضافية بديلة للنفط لتمويل الميزانية.

كذلك يوصي بعدم الاعتماد على قانون الميزانية العامة الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وإعادة تقدير العائدات النفطية على الافتراض الأسوأ، وهو 800 ألف برميل يومياً بدلاً من مليون و100 ألف يومياً، مع اعتبار متوسط سعر البيع 50 دولارراً للبرميل.

وينتقد كذلك صلاحيات وزارة المالية كي تعود إلى مجلس النواب في بعض المسائل عبر عرض من مجلس الوزراء، وكذلك تقليص بند "المتفرقات" من مليار و200 مليون إلى 200 مليون.

ويشدد على ضرورة إعادة النظر في الباب الخاص بالمستشفيات وفق معايير علمية، وتقليص بند الدراسات العليا والبعثات من مليار و600 مليون إلى 600 مليون، مع تأجيل إصدار أي قرارات إيفاد جديدة، وتقليص مخصصات التنمية من 2 مليار إلى مليار، وتقليل مخصصات دعم الأدوية.

ومنذ أشهر، تشهد ليبيا انفراجاً سياسياً بين الفرقاء يأمل الليبيون أن يقود إلى إنهاء النزاع.

وفي 16 مارس/ آذار الماضي، تسلمت حكومة ومجلس رئاسي جديدان السلطة، لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

(الأناضول)

المساهمون