لبنان يقرر إعادة التواصل مع شركة التدقيق الجنائي في حسابات "المركزي"

لبنان يقرر إعادة التواصل مع شركة التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي

23 ديسمبر 2020
وزير المالية غازي وزني (حسين بيضون)
+ الخط -

أعلن وزير المالية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الجمهوري، أنه "تقرر استنادا إلى قانون مجلس النواب وقرارات الحكومة، التواصل مع شركة "الفاريس اند مارسال" لمتابعة التدقيق الجنائي المالي لحسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والصناديق والمؤسسات العامة".

وعن توقيت اعادة استلام شركة "الفاريس ومارسال" التدقيق الجنائي، أشار الوزير وزني الى أن التواصل مع الشركة سيبدأ اليوم، لافتاً إلى أنها "ارسلت منذ عشرة أيام رسالة إلى مصرف لبنان أبدت فيها استعدادها لإعادة العمل مع الدولة اللبنانية".

 ووافقت الحكومة اللبنانية في يوليو/ تموز الماضي على فتح تدقيق جنائي بحسابات المصرف المركزي، وكلفت للغاية شركة دولية "ألفاريز ومارسال".
ويعتمد التدقيق الجنائي المالي عادة، على بعض القضايا المالية، بهدف التوصل إلى مستندات أو معلومات لملاحقة مشتبه فيهم بالتلاعب أو الهدر المالي، حيث يتم عرض تلك المستندات أمام المحكمة.
والتدقيق الجنائي المالي، هو مطلب أساسي للجهات الدولية المانحة وصندوق النقد الدولي من أجل مساعدة لبنان على الخروج من الانهيار المالي.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت شركة "ألفاريز ومارسال" اعتذارها عن متابعة مهمة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، لعدم توفر ما يكفي من البيانات من المركزي. وذلك بعدما رفض مصرف لبنان تسليم كافة البيانات المطلوبة إلى الشركة، تحت مبررات التعارض مع القوانين اللبنانية ومنها السرية المصرفية.
ومثّل هذا القرار انتكاسة للبنان، حيث يُعد التدقيق أحد مطالب المانحين الأجانب الرئيسية لمساعدة البلد في تجاوز الانهيار المالي.

ويعتمد لبنان قانون السرية المصرفية منذ عام 1956، الذي يمنع كشف "السرّ المصرفي" لأية جهة كانت، سواء كانت قضائية أو إدارية أو مالية، إلا في بعض القضايا.. وقد شكل هذا القانون دافعاً لجذب رؤوس الأموال من دول عربية وأجنبية.

وأقرّ البرلمان اللبناني، الإثنين، اقتراح القانون المُعجَّل المُكرَّر القاضي بتعليق العمل بالسرية المصرفية لمدّة سنة. ويرى خبراء اقتصاديون أن مدّة السنة قليلة وغير كافية لناحية رفع السرية المصرفية، نظراً لأنّ عودة الشركة يتطلب عقد اتفاقية جديدة الأمر الذي يتطلب وقتاً خصوصاً أنّ الحكومة لا تزال في فترة تصريف الأعمال مقابل وجود عقبات أمام تشكيل حكومة جديدة.
ووجه الرئيس اللبناني بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رسالة إلى مجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري، من أجل "التعاون مع السلطة الإجرائية بهدف تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات البنك المركزي، وانسحاب التدقيق بمعاييره الدولية كافةً على سائر مرافق الدولة العامة، تحقيقاً للإصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج إليها لبنان في وضعه الراهن".

بدوره، أكد رئيس الحكومة اللبنانية المستقيلة التي تتابع تصريف الأعمال، حسان دياب، في نهاية نوفمبر، ضرورة استكمال ملف التدقيق المالي الجنائي. 
وقال دياب، في مقابلة تلفزيونية حينها: "لا بد من أن يكمل ملف التدقيق الجنائي طريقه، أكان مع شركة "ألفاريز آند مارسال" أو مع غيرها". مضيفاً: "التدقيق الجنائي يكشف سبب أمور كثيرة، بينها الانهيار المالي".
وطالب دياب، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، المصرف المركزي، بتسليم كافة المستندات لشركة التدقيق الدولية. وتابع في المقابلة: هذا الأمر (التدقيق) ليس انتقاماً من أحد، بل بحث عن الحقيقة، مؤكداً أنّه لا يحمّل المسؤولية لحاكم مصرف لبنان فقط.

ولا يزال اللبنانيون يعانون من القيود التي وضعتها المصارف قبل أكثر من سنة، ولا سيما حجز ودائعهم بالعملة الصعبة، في وقتٍ فاحت رائحة التحويلات الخارجية والأموال المنهوبة وتلك التي حوِّلت للخارج بملايين الدولارات بينما كان اللبناني يقف في طوابير بانتظار الحصول على ما لا يتعدى الـ500 دولار من الوديعة، قبل أن يصبح ممنوعاً عليه السحب بالدولار.

وقد نزل اللبنانيون إلى الشارع في مناسبات كثيرة، أبرزها "ثورة 17 تشرين" للمطالبة بمعرفة من هرّب الودائع وسرق أموالهم ووضعهم رهن تجار السوق السوداء الذين يتاجرون بالعملات ويتحكمون بسعر الصرف الذي وصل سابقاً إلى 10 آلاف ليرة لبنانية للدولار وهو يعاود اليوم ارتفاعه وتجاوزه خطّ الـ8000 ليرة لبنانية، ما انعكس غلاءً في الأسعار يرجح ارتفاعها الكارثي بالتزامن مع خطة ترشيد أو رفع الدعم عن سلع ومواد أساسية في حياة المستهلك اللبناني.

توقع البنك الدولي في تقرير نشره مطلع الشهر الحالي أن يعاني لبنان من "ركود شاق وطويل"، وأن يسجل انكماشاً اقتصادياً بنسبة 19.2% بنهاية العام الجاري 2020، منتقداً السلطات اللبنانية بسبب "الغياب المتعمد لإجراءات فعالة" لإنهاء الأزمة الاقتصادية.

المساهمون