لبنان: عون يتسلّم توصية بإلغاء الدعم تدريجياً لصالح المساعدة النقدية

لبنان: عون يتسلّم توصية بإلغاء الدعم تدريجياً لصالح المساعدة النقدية

21 ابريل 2021
تحرك في لبنان في ظل الأزمة المعيشية (حسين بيضون)
+ الخط -

سلّم وفدٌ مشتركٌ من اللجنة النيابية للاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، اليوم الأربعاء، الرئيس اللبناني ميشال عون، الورقة التشاركية التي تم الاتفاق عليها كمدخلٍ لإعادة توجيه الدعم.

واقترح المشاركون خلال لقائهم الرئيس عون في قصر بعبدا الجمهوري توجهَيْن استراتيجيَّيْن، الأول الشروع سريعاً في تطبيق عددٍ من الإجراءات الملحة ولمدة اثني عشر شهراً تتناول البنزين والمازوت والغاز والأدوية والقمح والكهرباء وباقي المواد، والعمل على خفض نفقات القطاع العام بالدولار، وتحويل سياسة الدعم الحالية نحو تقديم مساعدات نقدية مباشرة تماشياً مع إجراءات الرفع التدريجي للدعم.

أما الاستراتيجية الثانية فتتناول تنفيذ إجراءات تكميلية سريعة تترافق مع بدء العمل على الرفع التدريجي للدعم.

وأكدت الورقة التشاركية التي تم الاتفاق عليها كمدخلٍ لإعادة توجيه الدعم وصدرت عن مجموعة من الخبراء المتخصصين والممثلين عن المؤسسات الدولية أهمية التفاهم مع صندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية بناءً على برنامجٍ حكومي متكامل للإنقاذ والإصلاح والتعافي، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بحيث تصبح استراتيجية الحماية الاجتماعية جزءاً من البرنامج.

وبحث الرئيس اللبناني مع الحاضرين في الآلية الواجب اعتمادها لتنفيذ الورقة التشاركية، واصفاً ايّاها كما أشار إليه بيان الرئاسة الأولى، بأنها "مهمة في مضمونها وإن كانت تأخرت بعض الوقت"، مشدداً على ضرورة إيجاد حلولٍ سريعة وعملية لمسألة الدعم.

وبلغ مصرف لبنان مرحلة العجز عن الاستمرار في سياسة الدعم التي تتراوح بين 500 و600 مليون دولار أميركي شهرياً، وسنوياً بين 6 و7 مليارات دولار، وذلك في ظلّ الانحدار المتواصل في احتياطي البنك المركزي بالعملة الصعبة الذي انخفض الى ما دون 14 مليار دولار أميركي.

ولا يزال ملف الدعم عالقاً عند الحكومة اللبنانية التي لم تتخذ بعد القرار النهائي بشأنه رغم مرور أكثر من ستّة أشهرٍ على إثارة المسألة وانطلاق المباحثات بها ووجود 4 سيناريوهات ضمن خطة ترشيد الدعم لا حسم بينها حتى الساعة.

ويجمع خبراء اقتصاديون على ضرورة تنظيم آلية الدعم أو استبداله بتقديم مساعدات مباشرة إلى المواطنين ولا سيما العائلات الأكثر حاجة، باعتبار أن الدعم لا يصل اليها في ظلّ تهريب المواد الغذائية والسلع المدعومة، أو تخزينها في المستودعات لبيعها بأسعار مرتفعة أو احتكارها من قبل كبار التجار لجني أرباح طائلة، وهم بغالبيتهم محصنون حزبياً وتوزع المواد عليهم تبعاً لمبدأ المحاصصة المعمول به.

هذا السيناريو ترجم ميدانياً في انقطاع الكثير من المواد المدعومة ولا سيما السكر، الزيت، الرز، الحليب وغيرها من السلع التي عجز المستهلك عن إيجادها بسبب تخزينها أو تهريبها، أو تطلّب منه شراؤها البحث في أكثر من تعاونية استهلاكية أو سوبرماركت خارج نطاق إقامته.

ويتخوف اللبنانيون من رفع الدعم عن المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والمحروقات والكهرباء والأدوية ما يترجم ارتفاعاً في الأسعار والفواتير من دون أن تقدّم لهم الدولة اللبنانية بدائل وأبسط مقومات الصمود هم الذين فقدوا قدرتهم الشرائية وسط الغلاء الفاحش وارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء الذي يشهد بالفترة الماضية تأرجحاً على خطّ 12 ألف ليرة لبنانية، وتدهور قيمة العملة الوطنية وحكماً رواتبهم.

ويبقى القلق موجوداً من رفع الدعم الذي من المتوقع أن يدخل قريباً جداً حيّز التنفيذ وغياب الثقة طاغياً رغم الحديث عن خطة كانت اعدّتها وزارة الاقتصاد مع البنك الدولي لبرنامج تعويضات نقدية بهدف تغطية واسعة للمواطنين لاستبدال دعم العمولات الأجنبية الحالي للمحروقات والقمح والسلع الأساسية ببرنامج تعويض نقدي بالدولار.

إضافة إلى استمرار دعم الكهرباء والقطاع العام مع ترشيد الدعم على الأدوية. وتغطي البطاقة التمويلية الإلكترونية 600 ألف عائلة بقيمة متوسطة 165 دولارا للعائلة الواحدة شهرياً على أن يتم العمل على آلية مناسبة لاختيار العائلات التي ستستفيد من البطاقة.

هذا السيناريو يبقى أيضاً صعب التحقيق وبعيد المنال في ظلّ الصراع الحكومي القائم والعجز عن تشكيل حكومة اختصاصيين تحمل برنامجاً إصلاحياً، باتت مطلباً وشرطاً دولياً وعربياً لمساعدة لبنان على النهوض اقتصادياً.

وفي سياق لقاءات قصر بعبدا الجمهوري، كان الشأن الاقتصادي محور الاجتماعات التي تخللها نقاشات في الاقتراح الذي تقدّم به الرئيس عون حول إقامة سوق اقتصادي يضم دول المشرق العربي، لبنان، سورية، العراق والأردن.

وشدد الرئيس عون على "وجوب العمل من أجل وضع فكرة إنشاء السوق العربي المشرقي المشترك موضع التنفيذ، وخلق جو مؤات لتبلوره، وتكوين أكثرية مؤيدة له ومتضامنة معه، الأمر الذي يساهم بجعل الفكرة رائدة بين مختلف شعوب المنطقة، وهذا يتطلّب تنسيقاً مع الدول المشرقية العربية"، معتبراً أن "من شأن هذا السوق خلق المزيد من فرص العمل وإنشاء مؤسسات مشتركة، وهدفنا إبقاء أبنائنا في أرضنا".

المساهمون