لبنان: عشوائية أسعار الاتصالات تفتح شهية السوق السوداء

لبنان: عشوائية أسعار الاتصالات تفتح شهية السوق السوداء

07 يوليو 2022
الخطة الحكومية أسقطت قطاع الاتصالات في فخ الفوضى (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

دخلت "خطة" وزارة الاتصالات اللبنانية لـ"استمرارية القطاع" حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضي مع إطلاق شبكة الأسعار الجديدة بعد دولرتها، لكنها سرعان ما سقطت في فخ الفوضى وجعلت المواطنين عرضة لابتزاز تجار السوق السوداء نتيجة قرارات غير مدروسة لم تضمن مسبقاً سير العملية بنجاحٍ وعلى كامل نطاق البلاد.
وقرّرت الوزارة بدء خطتها قبل التأكد من تلبية شركتي الاتصالات "ألفا" و"تاتش" حاجة السوق وتشغيل منصاتهما الإلكترونية بالشكل اللازم، إذ تحولت عطلة الأسبوع عند اللبنانيين إلى رحلةِ بحثٍ عن "بطاقات تشريج" جديدة لم تُطرَح في جميع نقاط البيع ما جعلهم يلجؤون إلى محال تعمد إلى بيع بطاقات قديمة وفق الأسعار المعدَّلة ودفع قيمتها أكثر من خمس مرّاتٍ لتلبية حاجاتهم على صعيد الاتصال أو تشغيل خدمة الإنترنت.
ووجد المواطنون أنفسهم مرغمين على تعبئة خطوطهم، بعدما استفاقوا يوم الجمعة الماضي على خسارة أكثر من تسعين في المائة من أرصدتهم التي عادت شركتا الاتصالات الخلوية وحوّلتها من الليرة إلى الدولار لكن هذه المرّة على سعر منصة صيرفة العائدة لمصرف لبنان والبالغ 25 ألف ليرة، بعدما كانتا عمدتا في شهر مارس/آذار الماضي إلى تحويلها من الدولار إلى العملة الوطنية وفق سعر الصرف الرسمي 1507 ليرات، في خطوة أربكت وقتها المشتركين وأدخلتهم في ضياعٍ تتكرّر مشهديته.
واعتذرت شركة "ألفا" عن اضطرارها إلى إيقاف كل عمليات الدفع النقدي والإلكتروني وتسديد الفواتير في متاجرها، وعند الوكلاء المعتمدين والشركات المعنية التي تتعامل معها في 1 و2 يوليو/تموز الجاري بسبب تحديث الأسعار.

وفي معرض بحث قامت به "العربي الجديد" عن بطاقة تشريج (بطاقات تعبئة الرصيد) "ألفا" في اليومَيْن الماضيَيْن للحصول على 20 غيغابايت إنترنت، قال صاحب محل بيع هواتف خلوية وبطاقات تشريج في بيروت إن لديه بطاقات قديمة، الواحدة بـ80 ألف ليرة تتضمن دولاراً و38 سانتاً فقط، يعني أنه عليك شراء حوالي 11 بطاقة لتشريج 13 دولاراً والحصول على باقة الإنترنت، أي بقيمة 720 ألف ليرة، علماً أن 20 غيغابايت وفق التسعيرة الجديدة هي بحدود 325 ألف ليرة عند احتساب 13 دولاراً على سعر منصة صيرفة أي 25 ألف ليرة.
في المقابل، يقول صاحب محل بيع ثانٍ في بيروت، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنه لم يحصل على بطاقات جديدة ويعتذر من المواطنين عن تلبية حاجاتهم وليست لديه أيضاً أي من البطاقات القديمة، مشيراً إلى أن المواطنين في حالة ضياع تام وهناك فوضى عارمة تجتاح السوق وعلى وزارة الاتصالات التدخل لمنع الاحتكار ولجم جشع التجار الذين يستغلون انقطاع البطاقات وشحها لفرض أسعار على ذوقهم ويحققون أرباحاً طائلة.
وأكد مصدر في وزارة الاتصالات لـ"العربي الجديد" أن شركتي الاتصالات ستطرحان البطاقات في جميع الأسواق ونقاط البيع ضمن أوسع نطاق، وستحرصان على تلبية كل الحاجات في الأيام المقبلة وقامتا بتشغيل خاصّية الدفع الإلكتروني عبر منصّاتهما وذلك بهدف حماية المواطنين من تجار السوق السوداء، وكل المشاكل ستحلّ سريعاً.
وفي ظل شكاوى المواطنين من سوء خدمة الإنترنت، رغم أن رفع الأسعار بشكل غير مسبوق على مستوى البلاد يأتي بذريعة تحسين واستمرارية القطاع، يقول المصدر إن الوضع سيتحسّن في المرحلة المقبلة وسيلمس المواطن النتيجة لكن هناك ورشة عمل يجب القيام بها والحل لن يكون بيوم واحد.

وشهدت الفترة الماضية قبل إعلان وزارة الاتصالات زيادة الأسعار شراء كميات كبيرة من البطاقات تقدر بعشرة ملايين وتعذر سحبها، ويعمد التجار إلى بيعها بأسعار مرتفعة جداً تفوق تلك الجديدة، مع العلم أن الوزارة برّرت تحويل الأرصدة من الليرة إلى الدولار وفق سعر المنصة بالتزامن مع طرح الأسعار الجديدة بمكافحتها ظاهرة التخزين لكنها لم تميّز بين من ملأ رصيده بوحدات اتصال بآلاف الدولارات وبين من يملك في رصيده ما يكفيه لشهر واحدٍ.
وكشف مدير منظمة "سميكس" (تعمل على دعم المجتمعات المعلوماتية ذاتية التنظيم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) محمد نجم في منشور على صفحته الخاصة عبر "فيسبوك" ما حصل بين شهري مارس/ آذار ويوليو/ تموز، إذ أعلنت شركتا "تاتش" و"ألفا" في شهر مارس أنهما ستحولان الرصيد من الدولار إلى الليرة اللبنانية، مثلاً إذا كان الشخص يملك 100 دولار في رصيده فسيحوّل إلى 150 ألف ليرة وفق سعر الصرف الرسمي، أما يوم الجمعة، فقامت الشركتان بقلب المعادلة وتحويل أرصدة الناس من الليرة إلى الدولار وفق سعر منصة صيرفة الذي بلغ 25200 ليرة، ما يعني أن المائة دولار التي كانت بحوزتهم أصبحت تساوي 6 دولارات أي خسارة 94 في المائة من الرصيد هذا.

وأشار إلى أن هذا الأمر حصل من دون إعلام الناس بأي خطة ولا بهذه الخسارة. كما لفت نجم إلى أنه يمكن لأي متضرر أن يذهب بمفرده إلى مجلس شورى الدولة، ويطالب بالتعويض عن خسارته من الشركتين.
وأكد أنه على وزارة الاقتصاد وجمعية حماية المستهلك التحرك، بعد هذه المصيبة التي أدت إلى خسارة 376 مليون دولار من هواتف عامة الناس. وكان لافتاً أن خطوة وزارة الاتصالات في رفع الأسعار جعلت لبنان بين البلدان الأعلى تكلفة رغم الضائقة الاقتصادية.

المساهمون