استمع إلى الملخص
- تراجعت قيمة الدولار الأميركي مع بدء المفاوضات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب والنفط، مدعومة بضعف الدولار وتوقعات إيجابية بشأن اتفاق تجاري محتمل.
- تركز المفاوضات على قضايا حساسة مثل صادرات المعادن النادرة، مع ترقب المستثمرين لنتائجها وتأثيرها على الأسواق، حيث أن أي انهيار قد يؤدي إلى فرض رسوم متبادلة وضغوط اقتصادية.
تباينت ردود فعل الأسواق العالمية مع انطلاق جولة المفاوضات الأميركية - الصينية في لندن مساء اليوم الاثنين، ففي آسيا، أغلق مؤشر هانغ سنغ مرتفعا بنسبة 1.4% بدعم من أسهم التكنولوجيا، في حين صعد مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.4% مستفيدا من آمال بخفض التصعيد الجمركي واستئناف صادرات المعادن النادرة، وفي المقابل، أغلقت الأسهم الأوروبية على انخفاض، فيما شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية أداء متباينا.
وبدأ الأميركيون والصينيون وسط تكتم كبير، الاثنين، جولة مفاوضات جديدة في لندن بعد جولة أولى جرت الشهر الماضي في جنيف، سعيا لتمديد الهدنة الهشة في الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. ويضم الوفد الأميركي وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هاورد لوتنيك وممثل التجارة في البيت الأبيض جايميسون غرير، على ما أكد الرئيس دونالد ترامب الجمعة. ومن المتوقع، بحسب "فرانس برس"، أن تكون صادرات المعادن النادرة الصينية التي تعتبر مصدر خلاف بين البلدين موضوعا رئيسيا في المفاوضات، نظرا إلى أهمية هذه المواد الأولية في مجموعة واسعة من المنتجات، لا سيما بطاريات السيارات الكهربائية.
بورصات أوروبا تتراجع
وخلافا للأسواق الآسيوية، أغلقت مؤشرات الأسهم الأوروبية على انخفاض رغم انطلاق المفاوضات. فقد تراجع مؤشر ستوكس 600 بنسبة 0.5%، مع ضغوط من أسهم الطاقة والصناعة متأثرة بحذر المستثمرين من غياب مؤشرات واضحة من مفاوضات لندن حتى وقت الإغلاق. كما انخفض مؤشر داكس الألماني وكاك 40 الفرنسي بأكثر من 0.6%، وسط مخاوف من أن تؤدي التوترات التجارية إلى اضطراب إضافي في سلاسل التوريد. وأكد محللون أن الأسواق الأوروبية "استبقت النتائج" وخفضت سقف التوقعات في غياب اختراقات حقيقية. وأغلقت جميع البورصات الرئيسية في القارة الأوروبية متراجعة، وكان حجم التداول ضعيفا نظرا إلى إغلاق الأسواق في سويسرا والدنمارك والنرويج بسبب عطلة، بحسب رويترز.
وكان قطاع المرافق من أكبر الخاسرين. وغالبا ما يحظى بمتابعة باعتباره مؤشرا على السندات. وأدى تراجع سندات منطقة اليورو إلى الضغط على المؤشر. ومع انعقاد اجتماع بين مسؤولين أميركيين وصينيين في لندن، سعت الأسواق إلى الحصول على أي علامات ملموسة على إحراز تقدم قد يخفف من حدة التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم. وقال دانييل كوتسوورث، محلل الاستثمار لدى إيه.جيه بيل، وفق رويترز: "يمكن أن تتغير المحادثات التجارية بسرعة، ففي دقيقة واحدة، تعتقد أن كل شيء يسير على ما يرام، وفي الدقيقة التالية، يظهر شيء آخر، وبالتالي فإن المستثمرين بالتأكيد يتبعون نهجا حذرا للغاية".
وقالت الصين، يوم الجمعة، إنها على استعداد لتسريع عملية فحص صادرات المعادن الأرضية النادرة واعتمادها إلشركات الاتحاد الأوروبي. واستقر قطاع تصنيع السيارات، وهو قطاع معرض للتأثر بأي اضطرابات في إمدادات المعادن الأرضية النادرة. ومن بين الأسهم الفردية، قفز سهم سبيكتريس 60.1% بعد أن قالت الشركة المصنعة للأدوات العلمية إنها ستقبل عرضا قيمته 3.73 مليارات جنيه إسترليني (5.06 مليارات دولار) من شركة أدفنت. وتراجع سهم دبليو.بي.بي 2.7%. وقالت المجموعة الإعلانية إن رئيسها التنفيذي مارك ريد سيتقاعد بحلول نهاية 2025 بعد قضائه سبع سنوات في هذا المنصب.
وول ستريت تتذبذب
وشهدت مؤشرات الأسهم الأميركية أداء متباينا مساء الاثنين، وافتتح مؤشر ناسداك على ارتفاع مدفوعا بمكاسب في أسهم التكنولوجيا، بينما تراجع داو جونز بنحو طفيف، ومال S&P 500 إلى الاستقرار. وتأتي هذه التحركات بعد أن أعادت واشنطن وبكين تفعيل خطوط التفاوض، في محاولة لإحياء اتفاق أولي توصل إليه الطرفان الشهر الماضي في جنيف، هدأ التوترات مؤقتا بين أكبر اقتصادين في العالم، بحسب رويترز، لكن الأسواق لا تزال تبحث عن إشارات فعلية على التقدم، خصوصا في الملفات الحساسة المتعلقة بالرسوم الجمركية والمعادن النادرة.
وتتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى مزادات سندات الخزانة الأميركية متوسطة وطويلة الأجل، والتي باتت تُعد مؤشرا حساسا على ثقة الأسواق بالأصول الأميركية، في ظل ترقب نتائج جولة المفاوضات مع الصين. ورغم الإقبال القوي على السندات قصيرة ومتوسطة الأجل، فإن الطلب على السندات طويلة الأجل بدا أقل استقرارا، ما يعكس حذر المستثمرين تجاه آفاق العجز والإنفاق الأميركيين في حال فشل المحادثات التجارية. وتكتسب هذه المزادات أهمية مضاعفة هذه المرة، مع اقتراب الموعد النهائي لهدنة الرسوم الجمركية في 9 يوليو/تموز، وهي المهلة التي تم الاتفاق عليها في جنيف لمدة 90 يوما. ويخشى المستثمرون من أن أي انهيار في المفاوضات قد يعيد فرض رسوم متبادلة ضخمة ويضغط على الدولار وعوائد السندات.
الدولار يهبط
وفي أسواق العملات، تراجع الدولار مقابل جميع العملات الرئيسية الأخرى قبيل انطلاق المفاوضات اليوم الاثنين مع انحسار التفاؤل بشأن تقرير الوظائف في الولايات المتحدة الذي جاء أفضل من المتوقع. وانخفض الدولار 0.2% مقابل العملة اليابانية ليسجل 144.635 ين خلال تعاملات الظهيرة بعد أسبوعين متتاليين من المكاسب. وارتفع اليورو قليلا في أحدث التعاملات إلى 1.1404 دولار مع استمرار الأسواق في تقييم أثر توقعات البنك المركزي الأوروبي بشأن السياسة النقدية التي أشار فيها، الأسبوع الماضي، إلى أنه قد يكون قريبا من إنهاء دورة التيسير النقدي. وزاد الجنيه الإسترليني 0.3% إلى 1.3558 دولار.
وقال خوان بيريز، مدير التداول في مونيكس يو.إس.إيه بواشنطن: "يواجه الدولار صعوبة في إيجاد اتجاه واضح بعد بيانات الأسبوع الماضي، ويبدو أن مجلس الاحتياط الاتحادي سيكون في حاجة للتيسير النقدي ودعم البيئة المالية خلال النصف الثاني من العام". وأضاف: "إذا كانت الولايات المتحدة ستواجه صعوبات في النهاية، فلا يوجد سبب واضح للثقة على المدى الطويل بالدولار". وبلغ سعر اليوان في المعاملات الخارجية 7.18 مقابل الدولار، ولم يشهد تغيرا يذكر خلال الجلسة بعد بيانات أظهرت تباطؤ نمو الصادرات الصينية إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر في مايو/ أيار، في حين استمر التراجع في أسعار المنتجين ليصل إلى أسوأ مستوى في عامين.
وصعد الدولار النيوزيلندي في أحدث تعاملات 0.5% إلى 0.6045 دولار أميركي، وارتفع الدولار الأسترالي 0.3% إلى 0.6515 دولار أميركي. وتترقب الأسواق صدور تقرير عن التضخم في الولايات المتحدة لشهر مايو/ أيار في وقت لاحق من الأسبوع، إذ يبحث المستثمرون وصناع السياسات النقدية عن دلالات بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد.
الذهب يرتفع
وسجلت أسعار الذهب ارتفاعا ملحوظا مساء الاثنين مدعومة بتراجع الدولار الأميركي واستمرار حالة الترقب بشأن المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في لندن. وصعد سعر الذهب الفوري بنسبة 0.8% ليصل إلى 3,335.02 دولارا للأونصة بحلول الساعة 17:50 بتوقيت غرينتش، بعدما كان قد تراجع في وقت سابق من الجلسة إلى أدنى مستوياته في أكثر من أسبوع، وفق بيانات رويترز. كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.2% لتغلق عند 3,354.9 دولارا. وتراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.3%، ما جعل الذهب المقوم بالدولار أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، الأمر الذي عزز الطلب عليه ملاذا آمنا وسط غموض المسار التفاوضي بين بكين وواشنطن.
ويأتي ارتفاع أسعار الذهب أيضا في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات التضخم الأميركية المقرّر صدورها الأربعاء، قبل دخول مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في فترة الصمت الإعلامي تمهيدا لاجتماعه في 18 يونيو/حزيران. ويُتوقع أن تظهر البيانات تباطؤا نسبيا في وتيرة التضخم، ما يعزز الرهانات على إبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير أو خفضها لاحقا هذا الصيف، وهو ما يعد إيجابيا بالنسبة للذهب الذي لا يدر عائدا مباشرا، بحسب "بلومبيرغ إنتليجنس". وتزيد هذه التوقعات من جاذبية الذهب باعتباره ملاذا آمنا، خاصة مع انخفاض العائدات على سندات الخزانة الأميركية وتراجع الدولار. ويرى محللون أن أي مفاجأة سلبية في بيانات التضخم أو تلميح من الفيدرالي بالتشدد قد يضع حدا للمكاسب الحالية، إلا أن المزاج العام في الأسواق يميل إلى تفضيل الحذر والتحوط.
النفط يصعد
كما ارتفعت أسعار النفط، اليوم الاثنين، بدعم من ضعف الدولار، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 57 سنتا أو 0.86% لتبلغ عند التسوية 67.04 دولارا للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 71 سنتا أو 1.10% لتبلغ 65.29 دولارا للبرميل عند التسوية. وصعد خام برنت أربعة بالمئة وزاد خام غرب تكساس الوسيط 6.2% الأسبوع الماضي، إذ عزز احتمال إبرام اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين إقبال بعض المستثمرين على المخاطرة، بحسب رويترز. ومن شأن التوصل إلى اتفاق أن يدعم التوقعات للاقتصاد العالمي، وبالتالي الطلب على سلع من بينها النفط.
وقال محللون في شركة ريتربوش آند أسوشيتس للاستشارات في مجال الطاقة في مذكرة: "المحادثات بين الولايات المتحدة والصين بشأن الرسوم الجمركية اليوم تصرف النظر عن الاهتمام بالبيع". وقال توني سيكامور، محلل السوق لدى "آي.جي"، إن محادثات اليوم قد تخفف من تأثير مجموعة بيانات صينية على الأسعار. وأظهرت بيانات أن نمو صادرات الصين تباطأ في مايو/ أيار إلى أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر بضغط من تأثير الرسوم الجمركية الأميركية، في حين وصل انكماش أسعار المنتجين إلى أسوأ معدلاته في عامين، ما يزيد الضغوط الداخلية والخارجية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وأظهرت البيانات أيضا أن واردات الصين من النفط الخام تراجعت في مايو/ أيار إلى أدنى متوسط يومي في أربعة أشهر في ظل بدء عمليات صيانة مقررة سلفا في مصافٍ مملوكة للدولة ومستقلة.
وطغى أثر احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة على المخاوف إزاء تأثير زيادة مجموعة أوبك+ الإنتاج على الأسعار الشهر المقبل. وأظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من النفط ارتفع في مايو/ أيار بأقل من القدر المقرر، إذ نفذ العراق خفضا إضافيا لتعويض زيادة سابقة في الإنتاج، فيما تبنت السعودية والإمارات زيادات أقل من المسموح بها. وكشف المسح الذي نشرت نتائجه اليوم الاثنين أن أوبك ضخت 26.75 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، بزيادة 150 ألف برميل يوميا عن إجمالي الإنتاج في إبريل/ نيسان، وجاءت أكبر الزيادات من السعودية.