من الطاقة إلى اللوجستيات: كيف تغذّي الشركات الكبرى آلة الحرب الإسرائيلية؟
استمع إلى الملخص
- استعرض البروفيسور مايكل لينك دعم الشركات الدولية للمجمع العسكري–الصناعي الإسرائيلي، ووصفت ناشطة دور السيطرة على الطاقة في الاستعمار، مشيرة إلى تورط شركات مثل بريتيش بتروليوم.
- ناقشت الناشطة إيناس حملة ضد شركة ميرسك لنقلها مكونات لمقاتلات إسرائيلية، وأكدت ياسمين على أهمية المساءلة القانونية والضغط الشعبي لتغيير سياسات الشركات والحكومات.
نظم مركز العودة الفلسطيني ومقره لندن ندوة إلكترونية موسعة قبل يومين بعنوان "من يستفيد ماديًا من الإبادة الجماعية؟"، ناقشت أبعاد التواطؤ الدولي، الحكومي والخاص، في الجرائم التي يتعرض لها قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، مع التركيز على دور الشركات متعددة الجنسيات في تسهيل العدوان وتحقيق أرباح مالية منه في انتهاك صارخ للقوانين الدولية.
افتتحت الندوة الدكتورة صوفيا هوفينغر، المتخصصة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية، مؤكدة أن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم من حكومات وشركات كبرى، حوّل غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، وأن الإبادة المستمرة التي تجاوزت 600 يوم أسفرت عن استشهاد أكثر من 60 ألف فلسطيني وسط صمت دولي وتواطؤ اقتصادي مكشوف.
الشركات جزء من بنية الإبادة
قدم البروفيسور مايكل لينك، المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين، عرضًا للتقرير الأخير للمقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي بعنوان "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة". وأوضح أن شركات دولية، خصوصًا في دول الشمال العالمي، تدعم المجمع العسكري–الصناعي الإسرائيلي الذي يقود الإبادة في غزة.
أشار لينك إلى أن ألبانيزي وصفت ما يجري بأنه إبادة جماعية وفق اتفاقية 1948، وهو توصيف أيدته منظمات كبرى مثل العفو الدولية وأطباء بلا حدود. وأضاف أن تجنب بعض الحكومات استخدام المصطلح يعكس خشيتها من الالتزامات القانونية والأخلاقية، كما حدث في رواندا عام 1994. وشدد على أن الاتفاقية صُممت لوقف الإبادة أثناء وقوعها، لا لتوثيقها بعد عقود.
الطاقة أداة استعمارية
من جهتها، تحدثت ناشطة من منظمة حظر الطاقة لأجل فلسطين، موضحة كيف شكلت السيطرة على الطاقة ركيزة أساسية للاستعمار منذ الانتداب البريطاني، وكيف ساعدت على بناء البنية التحتية للمستوطنات. وأكدت أن إسرائيل تعتمد على استيراد النفط والغاز والفحم لتشغيل بنيتها العسكرية، بينما تحاصر غزة وتمنع عنها الوقود.
وكشفت عن دور بريتيش بتروليوم (BP) في تزويد إسرائيل بما يقارب 28% من وارداتها النفطية عبر خط باكو–تبليسي–جيهان، إضافة إلى حصولها على تراخيص للتنقيب عن الغاز بالشراكة مع شركات إسرائيلية في 2025. وأوضحت أن المنظمة وثقت استمرار شحن النفط عبر تركيا رغم إعلانها الحظر، مشددة على أهمية فرض حظر شعبي على الطاقة لإضعاف آلة الحرب.
اللوجستيات عصب تسليح الاحتلال
وعرضت الناشطة إيناس من حركة الشباب الفلسطيني حملة منظمتها ضد شركة الشحن الدنماركية العملاقة ميرسك، التي تنقل مكونات أساسية لمقاتلات F-35 الإسرائيلية المستخدمة في قصف غزة.
أكدت أن ميرسك مسؤولة وحدها عن نقل أجنحة المقاتلات منذ 2022، إضافة إلى أنظمة ملاحة وتخزين وقود، موضحة أن الحركة وثقت شحن مئات آلاف الأطنان من المعدات العسكرية لإسرائيل بمعدل سفينة أسبوعيًا من ميناء نيوجيرسي.
وأشارت إلى نجاحات الحملة مثل إجبار ميرسك على قطع علاقاتها مع شركات مرتبطة بالمستوطنات، ورفض موانئ أوروبية استقبال سفنها، ما يبرز نموذجًا لما سمته "الحظر الشعبي على الأسلحة" الذي يعتمد على الضغط الجماهيري العابر للحدود.
المساءلة القانونية ممكنة
بدورها، تناولت ياسمين من المركز الأوروبي للدعم القانوني الأطر القانونية لمحاسبة الشركات المتورطة في شحن السلاح لإسرائيل. وأوضحت أن سلاسل الإمداد تشمل شحن وتمويل وتأمين، ما يفتح الباب للملاحقة عبر مبدأ الولاية القضائية العالمية المطبق في نحو 125 دولة.
رغم التحديات السياسية، أكدت ياسمين أن هناك طرقًا بديلة للمساءلة مثل توجيه تهم المشاركة في تجارة أسلحة غير مشروعة. وقدمت مثالاً على نجاح الضغط القانوني والشعبي في منع سفينة كاثرين المحملة بالمتفجرات من الرسو في موانئ أوروبية، معتبرة أن هذه النماذج قابلة للتكرار لتصبح كل شحنة سلاح موضع محاسبة.
خطة عمل مشتركة
في ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن مواجهة التواطؤ الدولي مع الاحتلال تتطلب تكامل الجهد القانوني والشعبي والإعلامي، وبناء تحالفات عابرة للحدود تستهدف الشركات الكبرى في الطاقة واللوجستيات والصناعات العسكرية. وأكدوا أن النضال لا يتوقف عند وقف إطلاق النار، بل يمتد إلى إعادة إعمار غزة على أسس عادلة، وربط القضية الفلسطينية بقضايا العدالة المناخية والاقتصادية عالميًا. وشددوا على أن الضغط الشعبي المنظم هو العامل الحاسم في تغيير سياسات الحكومات والشركات، وأن الحظر الشعبي للسلاح والطاقة يمثل أداة مركزية في هذا المسار.