قنبلة ترامب النووية الاقتصادية... ماذا عن أسلحة العرب؟
استمع إلى الملخص
- شملت الرسوم 188 دولة، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة، مما أدى إلى صدمات في الأسواق العالمية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
- تهدف سياسات ترامب إلى تعزيز الهيمنة الاقتصادية الأميركية، مما قد يعيد العالم إلى أجواء الكساد العظيم ويؤثر سلباً على الدول العربية المعتمدة على الواردات.
فعلها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وانتقلت تصريحاته بفرض رسوم جمركية مرتفعة على كل دول العالم من حالة التهديد إلى الفعل، وألقى بقنبلة نووية ضخمة على الاقتصاد العالمي، وفق وصف كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، كين روغوف، الذي قال إن ترامب "ألقى للتو قنبلة نووية على النظام التجاري العالمي"، وإن احتمالات وقوع الولايات المتحدة في حالة ركود ارتفعت إلى 50%. كما ألقى بكرة لهب من المتوقع أن تحرق كل أسواق العالم وبلا استثناء.
ترامب لم يستثن أحداً من رسومه الجمركية المبالغ فيها، والتي فرضها على 188 دولة وعلى كل واردات العالم الموجهة للأسواق الأميركية رغم تحذير الجميع الشديد من مخاطرها، ليس فقط على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة وأسواق السلع والخدمات والمواد الخام والمعادن، بل على الاقتصاد والمستهلك الأميركي والأسواق المحلية التي بدأت تشهد بالفعل زيادة في أسعار سلع رئيسية منها السيارات الأوروبية.
كل دول العالم أعداء للولايات المتحدة واقتصادها وشركاتها وأسواقها وقطاعها الصناعي والإنتاجي من وجهة نظر ترامب، وليسوا منافسين. لا فرق بين الصين التي تمثل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الأميركي، والاتحاد الأوروبي الذي تجمعه بالولايات المتحدة مصالح سياسية واقتصادية وتجارية ضخمة، حتى شركاء الولايات المتحدة مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا أصابتهم لعنات رسوم ترامب الانتقامية، وتعرضت أسواقها وصادراتها لصدمة عنيفة.
ترامب لا يريد سوى البقاء والقوة للولايات المتحدة، ولتذهب باقي الدول إلى جحيم الركود والكساد والتضخم، ويذهب مواطنوها وأسواقها إلى مقبرة الغلاء والفقر والبطالة والجوع والمرض
ترامب لا يريد سوى البقاء والقوة للولايات المتحدة، ولتذهب باقي الدول إلى جحيم الركود والكساد والتضخم، ويذهب مواطنوها وأسواقها إلى مقبرة الغلاء والفقر والبطالة والجوع والمرض، لا يهم كل ذلك طالما أن "أميركا أولاً" وفي الصدارة، وأن تظل أميركا هي الدولة الأقوى اقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً وصناعياً، الأقوى نفوذاً وسيطرة، والمكتفية ذاتياً من السلع والخدمات والثروات، المهيمنة على ثروات ومعادن ونفط العالم حتى لو بالقوة والبلطجة كما فعلت مع أوكرانيا، وتفعل مع كندا والمكسيك وبنما والدنمارك.
الدولة التي تفرض سلعها ومنتجاتها وأسلحتها على كل حكومات وأنظمة دول العالم وبقوة الجمارك البديلة للسلاح. الدولة التي تعمل وبكل قوتها على أن يتحول الكل حول العالم إلى حظيرة خلفية لمصانعها وترسانتها الاقتصادية وأسواقها المالية وجشع أباطرة المال ومستثمري "وول ستريت"، تفرض أن يدور الجميع في فلكها لتظل صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، تتدفق كل أموال العالم على بنوكها وبورصاتها وشركاتها.
ببساطة ترامب لا يريد الشراكة مع أحد، والقنبلة الاقتصادية التي ألقاها أمس الأربعاء ستعيد للعالم أجواء فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث وقع الكساد العظيم والانهيار الكبير للاقتصاد والتضخم الجامح وتفشى الجوع والفقر والأمراض، وتقطعت أواصر التجارة الدولية، وأفلست الشركات الكبرى وتعثر قطاع الأعمال.
وبالطبع ستنتقل بعض تلك الأجواء إلى الدول العربية المعتمدة على الخارج في تموين أسواقها من السلع والأدوية والسلاح والديون والتكنولوجيا والمواد الخام. وسيكون المستهلك العربي هو المتضرر الأول ليس فقط من سياسات ترامب التجارية، بل من السياسات التي تطبقها حكوماتها في الاعتماد المطلق على أسواق الغير وفي المقدمة الأسواق الأميركية.