قطر تحقق الاكتفاء الذاتي من الطماطم: جهود المزارعين ودعم الدولة

قطر تحقق الاكتفاء الذاتي من الطماطم خلال موسم الإنتاج الحالي: جهود المزارعين ودعم الدولة

06 يوليو 2021
وفرة في الخضروات بأسواق الدوحة (Getty)
+ الخط -

زاد غانم مبارك النعيمي مالك إحدى المزارع القطرية البيوت المحمية في مزرعته الواقعة بمنطقة أم العمد شمالي الدوحة إلى 83 بيتاً محمياً مقارنة بـ 34 بيتاً محمياً العام الماضي، حيث يعتبرها ركيزة الإنتاج من حيث الوفرة والجودة. 

وبفضل جهود المزارعين ودعم الدولة، حققت قطر نمواً ملحوظاً في الإنتاج الزراعي لمحصول الطماطم، خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطماطم، خلال موسم الإنتاج، بحسب خبراء ومزارعين.

ويبدأ موسم إنتاج الطماطم من منتصف شهر يناير/كانون الثاني إلى نهاية إبريل/نيسان من كل عام، فيما يسجل شهرا فبراير/شباط ومارس/آذار الإنتاج الأعلى من المحصول في المزارع القطرية، ما يعني أنّ الربع الأول من كل عام يشهد الإنتاج الأوفر على الإطلاق. 

وسجلت واردات قطر من الطماطم الطازجة والمبردة، خلال الربع الأول من العام الحالي، 4.5 ملايين طن بقيمة تقارب 10 ملايين ريال قطري (نحو 2.7 مليون دولار)، في حين سجلت الواردات من نفس المحصول خلال نفس الفترة من العام الماضي 6.5 ملايين طن، بتكلفة تتخطى 13 مليون ريال قطري (نحو  3.5 ملايين دولار)، بحسب إحصائيات التجارة الخارجية الصادرة عن جهاز التخطيط.

وتشير هذه الإحصائيات إلى انخفاض واردات قطر من الطماطم، خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق بنسبة 31 %.

وبحسب إحصائيات وزارة البلدية والبيئة، بلغ حجم إنتاج الطماطم في 2020، نحو 32 ألف طن، مقارنة بحجم إنتاجها في عام 2017، والذي بلغ 7 آلاف طن؛ أي بزيادة قدرها 357%، فيما بلغت المساحة المحصولية للطماطم في 2020 حوالي 129 هكتاراً بزيادة حوالي 163% من العام 2017. 

وأرجع مسعود جار الله المري مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية والبيئة ذلك، إلى زيادة المزارع والمساحة المحصولية، والتحول من الزراعات المكشوفة إلى البيوت المحمية ذات الإنتاجية المرتفعة.

وقال المري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القطاع الزراعي يقدم دعماً كبيراً للمزارع المسجلة للعمل على زيادة وتحسين إنتاجها، للمساهمة في رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الخضروات، وتحقيق الأمن الغذائي المنشود".

ومن أبرز صور الدعم المقدّم توفير تكنولوجيا الزراعة الحديثة كالبيوت المحمية وشبكات الري، ودعم مستلزمات البذور والأسمدة والمبيدات وغيرها، وتقديم الخدمات للمزارع كالحراثة وتسوية الأرض. 

وأضاف المري أنّ الوزارة "تعمل على دعم التسويق المحلي للمنتج كتسهيل بيع المنتجات في المجمعات التجارية مجاناً وبدون وسيط، بالإضافة إلى افتتاح 5 ساحات لتسويق المنتجات الزراعية المحلية".

ولفت إلى أنّ القطاع الزراعي "أنشأ شركة محلية لتسويق الإنتاج الزراعي في 2019، وقد قامت شركة حصاد الغذائية بتدشين شركة محاصيل للقيام بهذا الدور تحت إشراف وزارة البلدية والبيئة"، مضيفاً أنّ الشركة "تسوّق إنتاج المزارع وفق أسعار محفزة، بنظام التوريد اليومي، كما طرحت برنامجاً جديداً وهو الزراعة التعاقدية، والذي يقوم على إبرام عقود تسويقية مع المزارع قبل بداية الموسم، وتسويقها بأسعار عادلة وثابتة على مدار الموسم".

ومع تنامي زراعة الطماطم في قطر، من حيث المساحة المزروعة والإنتاج، أعلنت قطر إنشاء ثلاثة مصانع لإنتاج معجون الطماطم "الكاتشب"، وهو ما يسهم في الحفاظ على أسعار الطماطم عند مستويات جيدة بحسب مسؤولين وخبراء زراعيين في قطر. وقال مسعود المري إنّ هذه المصانع تقدّم بها المستثمرون إلى وزارة التجارة والصناعة باعتبارها جهة الاختصاص لإصدار التراخيص والأنشطة الصناعية التجارية.

من جانبه، قال غانم مبارك النعيمي صاحب إحدى المزارع القطرية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "منذ عام 2016 إلى اليوم عملنا على تحسين جودة الخضار بشكل عام، والطماطم بشكل خاص، عبر زيادة عدد البيوت المحمية، والتي تتميز بجودة إنتاجها مقارنة بالزراعة على المكشوف، لكون الأولى مقاومة أكثر للتقلبات المناخ، كما أنّ الزراعة المعلّقة في الصوب تساعد على مضاعفة الإنتاج عبر الزراعة بشكل رأسي".

من أبرز صور الدعم المقدّم توفير تكنولوجيا الزراعة الحديثة كالبيوت المحمية وشبكات الري، ودعم مستلزمات البذور والأسمدة والمبيدات وغيرها

وبحسب دراسة للإدارة العامة للبحوث والتنمية الزراعية (تابع لوزارة البلدية والبيئة)، بلغت الزيادة في إنتاج الخضروات بالمزارع التي اعتمدت زراعة البيوت المحمية، حوالي 50 طناً ‏من الخضروات في الموسم الواحد.‏‎ 

وأضاف النعيمي أنّ "المزارعين حريصون على اختيار البذور الجيدة، والتي بدورها تساهم في رفع جودة الإنتاج الزراعي، كما نقوم بتجربة العديد من الأنواع للوصول إلى الأفضل تكيفاً مع المناخ والتربة الموجودة، بالإضافة إلى استصلاح الأراضي واستخدام الأسمدة العضوية أو الكيميائية".

وفيما يتعلّق باستصلاح الأراضي الزراعية، قال النعيمي إنّ ذلك "يتم عبر فرش الطمي أو الطين المستخرج من مناطق الحفر في المواقع الإنشائية أو أية حفريات لأي أغراض أخرى، ثم نقوم بإضافة ما ينقص التربة من عناصر أخرى عبر التسميد".

تسويق المنتجات

وحول  التسويق، يقول النعيمي، لـ"العربي الجديد"، "لا نواجه أي صعوبة في تسويق المنتجات"، على الرغم من تقلب الأسعار خلال فترة الإنتاج، موضحاً أنّ "تسويق الطماطم والخضروات بشكل عام يتم عبر المزاد العلني في ساحة بيع الخضار في السوق المركزي". 

وأضاف أنه "نظراً لجودة إنتاج الطماطم واستدامة الجودة في أول ومنتصف وآخر الموسم، هناك طلب من التجارة عليها، وهناك مبادرات كثيرة من جانب الدولة لمساعدة المزارعين على تسويق المنتجات منها مبادرة محاصيل والمنتج المميز، ومزارع قطر".

وحول أسعار الطماطم، قال النعيمي إنّ ذلك يختلف حسب زراعتها في الأماكن المكشوفة أو البيوت المحمية، فصندوق الطماطم وزن 8 كيلوغرامات الذي يتم إنتاجه في الأماكن المكشوفة تتراوح أسعاره بين ريالين (0.54 دولار) إلى 10 ريالات (2 دولار) بمتوسط سعر 5 ريالات (1.3 دولار) للصندوق، أما صندوق الطماطم المزروع في البيوت المحمية فتتراوح أسعاره بين 10 ريالات (2.7 دولار) إلى 40 ريالاً (11 دولارا) بمتوسط سعر 25 ريالاً قطرياً (6.8 دولارات) للصندوق الواحد.

تحديات الزراعة

من أبرز تحديات الزراعة في قطر، استصلاح الأراضي التي تكلف الكثير ومدّها بالعناصر كالحديد والنحاس والمنغنيز والمغنيسيوم وغيرها من العناصر المهمة للتربة، بالإضافة إلى الأسمدة التي تكلّف المزارع الكثير، وصعوبات التقلبات المناخية. 

وقال غانم النعيمي إنّ "التقنيات الحديثة المتعلقة بالتغلّب على تقلبات الطقس تكون تكلفتها عالية كالبيوت المحمية المكيفة، مقارنة بالبيوت البلاستيكية العادية".

وأضاف أنّ "ملوحة المياه أيضاً تحدٍ كبير أمام المزارع، فيما تقف كلفة أسعار التكنولوجيا الجديدة لمحطات التحلية حجر عثرة أمام المزارع، وهي ليست سهلة على المزارع البسيط". 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وطالب النعيمي وزارة البلدية والبيئة بـ"تقديم مزيد من الدعم للمزارعين لاسيما عند انخفاض أسعار الخضار في أوقات معينة في العام، كمحاولة التقليل من الاستيراد والاعتماد على المحلي خلال فترات وفرة الإنتاج".

إلى ذلك، قدّم النعيمي مقترحاً بوضع حد أدنى للسعر عبر حساب تكلفة السعر، لتكون الأسعار مناسبة للمزارعين من ناحية، وللمستهلك من ناحية أخرى.

وفيما يتعلق بالكهرباء في الزراعة المكيفة، قال النعيمي إنّ "الدولة تقوم بدعم الكهرباء للمزارع المنتجة بأسعار مخفضة، لكن القطاع الزراعي يحتاج إلى المزيد من العناية والدعم من قبل الحكومة، عن طريق استمرار خفض تكلفة الكهرباء، واستمرار دعم المزارعين بالأسمدة والبذور".

كثافة الإنتاج

وحول الإنتاج، قال عبد الرحمن السيد المشرف والخبير الزراعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الإنتاج الزراعي المحلي من الطماطم، زاد الموسم الحالي بنسبة 30 % مقارنة بالعام الماضي. وارتفع الإنتاج الزراعي من الطماطم في المزرعة التي يعمل فيها السيد إلى 70 طناً العام الحالي، مقارنة بـ 50 طناً العام الماضي.

وانخفضت أسعار الخضار في الأسواق بفضل الإنتاج الوفير من الطماطم، في توقيت واحد، وبالتزامن مع استيراد كميات أخرى من تركيا وإيران. وأضاف  السيد أنّ الإنتاج "يبدأ عادة من منتصف شهر يناير/كانون الثاني إلى إبريل/نيسان من كل عام، في حين تزداد كثافة الإنتاج في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار".

ولفت إلى أنّ "تدشين مصنع أو أكثر لمعجون الطماطم والكاتشب، سيحافظ على أسعار الطماطم عند مستوى جيد، وسيكون ذلك ملاذاً للمزارعين في حال انخفاض أسعار السوق إلى الحدود الدنيا". 

وأرجع الاكتفاء الذاتي من الطماطم خلال الموسم في قطر، إلى كونه يأتي بدعم من الدولة للمزارع، فضلاً عن إنشاء البيوت المحمية التي عملت على زيادة الإنتاج بنسبة 60%"، موضحاً أنّ "الدولة قامت بتوزيع صوب وبيوت مكيفة وبيوت خضراء مبردة وعادية".

المساهمون