استمع إلى الملخص
- تُهرَّب من باكستان أحجار كريمة بقيمة خمسة مليارات دولار سنوياً، بينما لا تتجاوز الصادرات الرسمية ثمانية ملايين دولار، مما يبرز التحديات التنظيمية في ظل الحدود المسامية والصراعات.
- يسيطر الأفغان على حوالي 80% من تجارة الأحجار الكريمة في السوق، حيث تُستورد الأحجار من أفغانستان وتُصدَّر بشكل غير قانوني إلى الأسواق الدولية.
يرتبط أكبر وأهم سوق للأحجار الكريمة والمعادن في باكستان ارتباطاً وثيقاً بحدود المنطقة والصراعات والاقتصادات والصفقات غير الموثقة. وللوهلة الأولى، يبدو سوق الأحجار الكريمة في بيشاور، المعروف محلياً باسم "ناماك ماندي"، أي "سوق الملح" بالأردية، عادياً وغير جذاب. تُوحي الأزقة الضيقة وواجهات المتاجر المتهالكة ورائحة مياه الصرف الصحي المكشوفة بإهمال وتدهور، ما يُخفي التجارة النابضة بالحياة التي تزدهر فيه، وفق تقرير اليوم الأحد بمجلة " دبلومات" التي تصدر في سنغافورة.
وتقدر كمية الأحجار الكريمة التي تُهرَّب سنوياً من باكستان بنحو خمسة مليارات دولار، بينما لا تتجاوز الصادرات الرسمية ثمانية ملايين دولار سنوياً. ووفق بيانات "دبلومات"، تتمتع باكستان بإمكانية تصدير 800 ألف قيراط من الياقوت، و87 ألف قيراط من الزمرد، وخمسة ملايين قيراط من الزبرجد سنوياً. ومن أبرز الأحجار الكريمة، الزمرد من وادي سوات، والتوباز الوردي من مردان، واليشم من مهمند، والزبرجد من كوهستان، والياقوت من جامو وكشمير الباكستانية، نظرًا إلى نقاءها ومتانتها وبريق تصميمها. وتستورد العديد من الدول، بما في ذلك الصين وأفغانستان والولايات المتحدة وبلجيكا والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وتايلاند والهند، الأحجار الكريمة الخام من باكستان، وتُصدر منتجاتها من الأحجار الكريمة والمجوهرات الجاهزة إلى جميع أنحاء العالم.
ويقول التقرير إن تطور سوق "ناماك ماندي" الصغير والمتواضع ليصبح مركزاً محورياً لتجارة الأحجار الكريمة في باكستان. وهو الآن أكبر وأهم سوق للأحجار الكريمة والعينات المعدنية المقطوعة والخام في باكستان، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحدود المنطقة والصراعات القبلية. وتحول "ناماك ماندي" إلى مركز للأحجار الكريمة في سبعينيات القرن الماضي مع وصول المهاجرين الأفغان الفارين من الغزو السوفييتي لأفغانستان. وحتى اليوم، يُسيطر الأفغان تقريباً على تجارة الأحجار الكريمة، حيث يُشير التجار المحليون إلى أن حوالي 80% من المتاجر في سوق الأحجار الكريمة مملوكة لأفغان. ويظل سوق ناماك "ماندي" محورياً في ربط التجار المحليين بالمشترين العالميين عبر القارات ويسهل إبرام صفقات تبلغ قيمتها آلاف الدولارات على أساس يومي.
ومع ذلك، فإن هذه التجارة المزدهرة تخفي اقتصاداً غير رسمي. وقد ارتبط سوق الأحجار الكريمة في ناماك ماندي بالتهريب والشبكات الحدودية غير المشروعة وغسل الأموال وتمويل التشدد في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان. وعلى الرغم من مشكلة التشدد واللوائح الحدودية الصارمة على طول الحدود الباكستانية الأفغانية، فإن جزءاً كبيراً من الأحجار في سوق "ناماك ماندي" يأتي من أفغانستان ويدخل باكستان عبر قنوات غير رسمية. ومن بيشاور، تُصدَّر الأحجار بشكل غير قانوني إلى الأسواق الدولية.
وفي باكستان، لا يزال الوضع المتعلق بتجارة الأحجار الكريمة مثيراً للقلق. فعلى الرغم من كونها من بين أكبر منتجي الأحجار الكريمة في العالم، فإن البلاد تصدر رسمياً ما قيمته ثمانية ملايين دولار فقط من الأحجار الكريمة سنوياً. في المقابل، تشير التقديرات إلى أن الأحجار الكريمة التي تقدر قيمتها بحوالي خمسة مليارات دولار تُهرَّب من باكستان كل عام. وتسلط هذه المعاملات غير الموثقة الضوء على تحديات تنظيم التجارة في منطقة تتميز بحدود مسامية وصراع طويل الأمد.