قرار مرتقب حول مستقبل أنبوب الغاز الجزائري العابر للمغرب

قرار مرتقب حول مستقبل أنبوب الغاز الجزائري العابر للمغرب

01 يوليو 2021
"سوناطراك": يُنتظر اتخاذ القرار قبل أكتوبر المقبل (Getty)
+ الخط -

تدفع تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة "سوناطراك" الجزائرية، توفيق حكار، حول تزويد إسبانيا بالغاز، بتساؤلات ملحة حول مستقبل أنبوب الغاز العابر للأراضي المغربية وحصة المملكة منه، حيث ينتظر اتخاذ قرار قبل أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بهذا الخصوص.

وعبّر حكار أول من أمس الثلاثاء، عن استعداد الجزائر لتزويد إسبانيا بالغاز بالكميات المتعاقد عليها في حال عدم تجديد عقد نقل الغاز عبر الأنبوب، الذي ينتهي سريانه في أكتوبر المقبل.

ويراهن المسؤول على نقل الغاز عبر أنبوب "ميدغاز" الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث يؤكد أنه يمكنه نقل 10.5 مليارات متر مكعب سنويا، علما أن الجزائر كانت أعلنت في مايو/أيار عن دعم قدرة خط "ميدغاز" عبر تدشين خط جديد.

ويمتد أنبوب الغاز المغرب- أوروبا، الذي شرع العمل به في 1996، على مسافة 1300 كيلومتر، حيث ينطلق من حاسي الرمل، ويعبر 540 كيلومترا على الأراضي المغربية، قبل أن يواصل مساره، البحري والبري، إلى غاية قرطبة بإسبانيا.

وتزود الجزائر إسبانيا بتسعة مليارات متر مكعب من الغاز، ويؤمّن المغرب جزءاً من استهلاكه من الغاز من الإتاوات (الرسوم) العائدة له نتيجة لعبور أنبوب الغاز نحو أوروبا، ويغذي الغاز الجزائري محطتين كهربائيتين محليتين.

ووصلت قيمة تلك الإتاوات حتى مايو/أيار الماضي إلى نحو 32 مليون دولار، مقابل 22 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بينما بلغت على مدى 2020 حوالي 50 مليون دولار بانخفاض 55% مقارنة بالعام 2019.

وكانت أنباء في الصحافة الإسبانية سرت حول لجوء المغرب إلى وقف المفاوضات حول مفاوضات تجديد عقد نقل الغاز عبر الأنبوب، على خلفية الأزمة السياسية التي ثارت عقب استقبال إسبانيا لزعيم بوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي.

غير أن المغرب لم يعبّر رسميا عن أي موقف في اتجاه وقف المفاوضات، بل إن مصدراً مطلعاً يؤكد أن الأزمات التي ثارت في السابق بين المغرب وإسبانيا لم تُفض إلى وقف العقود ذات الطابع التجاري، مشدداً على أن القرار لا يعود للجزائر وحدها في ما يتصل بنقل الغاز عبر الأنبوب.

ولا يُعرف ما إذا كان العقد سيتم تجديده في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، علماً أن 10 مليارات متر مكعب يتم ضخها عبر الأنبوب الذي يزود كذلك البرتغال، تمثل 15% من حاجيات إسبانيا من الغاز.

ويرى المصدر ذاته أن إسبانيا لا يمكنها التعويل على أنبوب واحد من الجزائر، حيث إن الأمر يتعلق بأمنها الطاقي، خاصة أن البلد المغاربي كان قلص ضخ الغاز نحو البلد الأوروبي في العام الماضي، وهو ما برره باعتبارات تقنية.

ماذا لو لم يجدد العقد؟

يلاحظ الحسين اليماني، رئيس نقابة الغاز والبترول، أن الغاز الجزائري يساهم في توفير جزء من إنتاج الكهرباء المغربي عبر محطتين حراريتين، حيث تعتبران المحطتين الوحيدتين اللتين تستعملان الغاز، بينما تستعمل المحطات الأخرى الفحم، ما يعني أنه في حال توقف أنبوب الغاز  يتوجب البحث عن موردين آخرين للغاز، مشددا على أن ذلك سيقتضي الاستثمار أكثر في البنيات التحتية للنقل والتخزين.

وكان مسؤولون جزائريون أكدوا في مناسبات سابقة، عدم وجود نية للتخلي عن أنبوب الغاز في العام 2021، غير أن مراقبين ذهبوا إلى أنه سيكون على المغرب، في حال توقف الأنبوب، شراء الغاز من أسواق أخرى مثل روسيا أو قطر أو الولايات المتحدة، حيث سيكون عليه الدفع بالعملة الصعبة، بعدما كان يتلقى حصة من الغاز الجزائري كمقابل للعبور.

ويذهب الخبير في قطاع الطاقة، المهدي الداودي، إلى أن توقف مد المغرب بالغاز الجزائري، لن يؤثر في إنتاج الكهرباء، خاصة أن المملكة تتمكن في بعص السنوات من توفير فوائض على مستوى إنتاج الكهرباء عبر محطات أخرى، مثل تلك الموجودة في مدينة آسفي، وتصدرها لبلد مثل إسبانيا، مضيفاً أن مشاريع الطاقات المتجددة ستخفف من ارتهان المملكة للغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية.

ويتجه المغرب نحو تنويع مصادر التزود بالغاز الطبيعي، خاصة أن فرضية توقف العمل بالأنبوب، ستحتم عليه شراء حاجيات من السوق الدولية مع المضي في التنقيب عن الغاز في الأراضي المغربية.

ويرى مراقبون أنه يتوجب على المغرب البحث عن مزودين جدد بالغاز، حيث يمكن في حال عدم إبرام عقود مع الجزائر اللجوء إلى منتجين آخرين من آسيا أو الولايات المتحدة الأميركية.

ويتطلع المغرب إلى التحول لمنتج للغاز الطبيعي، حيث كانت وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة قد منحت شركة "ساوند إنرجي" البريطانية والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المملوك للدولة، ترخيصا بإنتاج واستغلال الغاز شرق المملكة.

ويعتبر الداودي أنه أيا كان القرار الذي سيتخذ قبل نهاية سبتمبر/أيلول، يتوجب على المملكة اللجوء إلى استعمال الطاقات المتجددة من أجل إنتاج الكهرباء خاصة أن كلفتها أضحت منخفضة مقارنة بالفحم في الأعوام الأخيرة.