قرارات المركزي المصري وتأثيرها على المواطن والأعمال

قرارات المركزي المصري الأخيرة وتأثيرها على المواطن والأعمال

24 سبتمبر 2022
البنك المركزي المصري ومهمة شاقة لخفض التضخم (AFP)
+ الخط -

رغم تثبيته معدلات الفائدة الأساسية على الجنيه المصري، تمس قرارات البنك المركزي الأخيرة المواطنين والشركات بصورة كبيرة، في وقتٍ أصبح الشأن الاقتصادي في البلاد حاضراً بقوة في أغلب المناقشات وطاغياً على الاهتمامات.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري يوم الخميس تثبيت معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وعلى الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي عند 11.25%، 12.25%، و11.75% على الترتيب، كما رفع نسبة احتياطي الإلزامي من 14% إلى 18%.

ماذا يعني رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك؟

يفرض البنك المركزي على البنوك العاملة في مصر الاحتفاظ لديه بنسبة من الودائع بالجنيه المصري التي تقل مدتها عن 3 سنوات، كانت تقدر بـ 14%، بدون فوائد، ليضمن البنك توفيرها للعملاء حال طلبها. ومع قراره الأخير بزيادة النسبة إلى 18%، ستكون البنوك ملزمة بإيداع نسبة أكبر من ودائعها بلا عائد لدى البنك المركزي.

لماذا توقع البعض رفع الفائدة؟

أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم في مصر في كل المحافظات خلال شهر أغسطس / آب الماضي إلى 15.3%، بعدما كان 6.4% خلال نفس الشهـر من العام الماضي.

وفي محاولاته خفض معدل التضخم الأعلى في مصر في أربع سنوات، كانت التوقعات أن يحذو البنك المركزي المصري حذو البنوك المركزية حول العالم، والتي قام أغلبها برفع معدلات الفائدة لمحاربة التضخم. وزاد من التوقعات في الحالة المصرية وقوع الجنيه المصري تحت ضغوط، دفعته لفقد أكثر من ربع قيمته في أقل من مائتي يوم، وخلقت سوقاً موازية تظهر ضعفاً أكبر للعملة المصرية. 

وأظهر استطلاع رأي أجرته "رويترز" عشية إعلان قرار البنك المركزي توقع 15 محللاً رفع البنك لمعدلات الفائدة الأساسية بنحو مائة نقطة أساس.

ولماذا لم يرفع المركزي المصري الفائدة؟

رفع الفائدة كان سيتسبب في زيادة تكلفة الاقتراض على الحكومة المصرية، أكبر مقترض في مصر، في وقتٍ أوضحت بيانات ميزانية العام الحالي 2022 - 2023 أن كل إيرادات الموازنة المتوقعة، والتي تجاوزت 1.5 تريليون جنيه، لن تفلح في الوفاء ببند خدمة الدين لهذا العام، وهو ما يعني اضطرار الحكومة للإقتراض للوفاء ببنود الموازنة الأخرى.

انحاز البنك المركزي لسحب السيولة من الأسواق، أملاً في تخفيض معدل التضخم، من خلال رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك، والتي لن تُحَمل الموانة العامة المزيد من التكلفة، بينما يقع العبء الحقيقي على البنوك المصرية، التي سترتفع تكلفة الأموال لديها.

ويقول الدكتور مصطفى النحاس الخبير الاقتصادي المصري: "البنك المركزي لم يرفع الفائدة لأنه يريد الحفاظ على مستوى عجز الموازنة؛ لأن التعويم (المتوقع قريباً) يعمل على تضخيم هذا العجز".

القرار الجديد يفرض على البنوك الاحتفاظ بنسبة 18% من ودائعها الأقل من 3 سنوات بالجنيه المصري لدى البنك المركزي بلا فائدة، وهو ما يعني سحب جزء لا يستهان به من السيولة المتاحة لديها. وقدر مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري حجم السيولة التي سيتم سحبها من البنوك بـنحو 140 - 150 مليار جنيه، من أصل 600 مليار جنيه متاحة حالياً لها، وفقاً لبيانات حديثة.

وما التأثير المنتظر على العملاء وعلى الشركات؟

يرفع قرار البنك المركزي الأخير تكلفة الأموال لدى البنوك، وهو ما سيدفعها للبحث عن حلول لخفض تلك التكلفة، وسيكون الحل الأقرب، وفقاً لمسؤول سابق بالبنك العربي بمصر، فضل عدم ذكر اسمه، هو "خفض معدل الفائدة المطبق على الودائع (الجديدة) التي تَرِد إلى البنك".

أيضاً ستلجأ البنوك، يستكمل حديثه، "إلى تشجيع القروض المقدمة منها للمشروعات الصغيرة، كون هذه النوعية من القروض تخفض المبالغ المطلوب من البنوك الاحتفاظ بها بلا فائدة لدى البنك المركزي". وهذا يعني سعي البنوك لتخفيض معدل الفائدة على هذه القروض.

ويقول المسؤول إن البنك المركزي بهذا القرار "سيكون قد استخدم وسيلة لمكافحة التضخم، وساهم في الوقت نفسه في إبعاد الإقراض عن الركود، من خلال تشجيعه إقراض المشروعات الصغيرة". 

المساهمون